بيروت: أفادت معلومات أن عددا من المصارف اللبنانية أقفلت حتى الان أكثر من عشرة آلاف حساب مصرفي لعاملين في مؤسسات تابعة لحزب الله ومنها مؤسسات صحية مثل مستشفى الرسول الاعظم ودار الحوراء وغيرها، في إطار قانون العقوبات الأميركي، الذي يستهدف تجفيف موارده المالية.

وأشارت المعلومات أن إقفال الحسابات طال اطباء لا علاقة لهم بالحزب انما لمجرد ممارستهم الطبابة في مؤسسات طبية للحزب.

يتجه "حزب الله" لمواجهة تداعيات القانون الأميركي حيث شكّل الحزب "لجنة من خبراء ماليين واقتصاديين قبل نحو عشرة أيام لدراسة الخيارات المتاحة للتصدي لهذه المعركة المالية".

وأفادت معلومات أخرى بأن الحزب "حذّر بنكين لبنانيين من مغبّة الاستمرار في نهجهما الاستنسابي السياسي، خصوصًا أنهما يعمدان إلى إغلاق بعض الحسابات العائدة إلى أشخاص لا علاقة مباشرة لهم بالحزب".

 وأشارت المعلومات إلى أنّ هذا التحذير سيتصاعد بوجه البنكين، ليصبح على شكل "تكليف شرعي" يطلب بموجبه من المودعين سحب أموالهم وودائعهم بشكل كامل في حال استمر "النهج الاعتباطي" للبنكين، والتوقّف عن التعامل معهما.

وتشير المعلومات أيضًا إلى أن هناك توجهًا لـ"توسيع حلقة التضييق على الحزب من خلال إجراءات بدأت معالمها في الظهور، تقضي بتطبيق عقوبات على مسؤولين في تيارات لبنانية متعاطفة مع حزب الله، ولهم مصالح تجارية خارج بيروت".

وبحثت الحكومة اللبنانية أمس، موضوع العقوبات الأميركية وكيفية تطبيقها، في ظل إصرار الحزب على إعطاء أولوية للملف.

 وبحسب مصادر بنكية رفيعة، فإن محاولة الالتفاف على القانون الأميركي من خلال اعتماد الليرة اللبنانية عملة بديلة عن الدولار، "لم تفلح على اعتبار أن القانون يلحظ العملات كافة"، لافتة إلى أن مجمل الموضوع حاليًا بين يدي "هيئة التحقيق الخاصة" التي ستصدر قريبًا تعميمًا للبنوك ليتم على أساسه تحديد الآلية الواجب اتباعها قبل الإقدام على إغلاق أو فتح حسابات لمقربين من الحزب.

وكان وفد نيابي لبناني توجه إلى واشنطن خلال شهر مارس (آذار) الماضي، من أجل إقناع الجانب الأميركي تجنيب العقوبات الأميركية نواب الحزب، لكنه فشل في هذه المهمة. وسمع ثناء أميركيًا على القوانين المالية التي أقرها مجلس النواب اللبناني في آخر جلسة عقدها، التي تتلاءم مع الإجراءات الأميركية لمكافحة الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال.

وبحسب الخبير الاقتصادي اللبناني مروان إسكندر، فإن لبنان "ملزم بالتقيد بمضمون العقوبات الأميركية؛ لأن تخطيه يرتب على لبنان آثارًا سلبية لا يستطيع تحملها". وذكر بأن "الأميركيين عاقبوا بنك باريبا الفرنسي، منذ سنتين بمبلغ 11.5 مليار دولار؛ لأنه فتح اعتمادات لتصدير نفط إيراني إلى الهند، وأجبروه على دفع هذا المبلغ، تحت طائلة عدم السماح له بالعمل في أميركا".

المصارفة اللبنانية ملزمة

وقال إسكندر في تصريح لـ"الشرق الأوسط": "إن 65 في المائة من مجمل المبادلات التجارية في العالم والمدفوعات بالدولار الأميركي، وهي تمر عبر السويفت في بلجيكا الذي يضع الأميركيون يدهم عليه، وبالتالي فإن المصارف اللبنانية ملزمة حكمًا التقيد بالتعليمات المالية العالمية، وهي ليس لديها خيار آخر"، لافتًا إلى أن "البنوك اللبنانية تنفذ تعليمات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والإنماء الدولية وتعاميم مصرف لبنان". 

ونبّه الخبير الاقتصادي إلى أن "البنوك اللبنانية رغم عددها الكبير، فإن أرباحها بدأت تتراجع بشكل ملحوظ، فكيف سيكون حالها إذا خالفت القرارات الأميركية والدولية؟"، مذكرًا أن "تصعيد ما يسمى حزب الله ضد المصارف اللبنانية يجعل مستقبل لبنان رهينة". 

وأضاف: "عندما صدر القانون الأميركي الذي يحذر المصارف اللبنانية والعالمية من التعامل مع الحزب، أعلن أمينه العام أن حزبه ليست لديه أموال في المصارف، وأن أغلب المساعدات تأتيهم نقدًا، فلماذا اليوم يغضب على المصارف وإجراءاتها؟". 

وأوضح أن "العقوبات تشمل الحجز على حسابات مسؤولي حزب الله في المصارف، لكن لا أعتقد أنها تنسحب على رواتب النواب والوزراء"، مبديًا استغرابه "كيف الولايات المتحدة تتشدد في عقوباتها ضد ما يسمى حزب الله، بينما جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، يحث البنوك الأميركية والأوروبية على التعامل مع المصارف الإيرانية، علمًا بأن حزب الله يعترف صراحة أنه يتبع مباشرة إلى القيادة الإيرانية". 

وحثَّ نصر الله بوقت سابق الدولة اللبنانية إلى عدم الانصياع إلى القانون الأميركي، معتبرًا أن "أي مصرف يخالف هذا القانون لن يتأذى أبدًا، لأن حزب الله لا يملك حسابات في المصارف".

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة دعا الثلاثاء الماضي إلى ضرورة تطبيق القانون الأميركي، المعروف بقانون مكافحة تمويل حزب الله دوليا، محذرا من أن التغاضي عن تطبيق القانون يعني "انعزال النظام المصرفي عن العالم.

ويهدد قانون منع التمويل الدولي عن حزب الله، الذي تمت الموافقة عليه في ديسمبر الماضي، بفرض عقوبات على أي شخص يقدم تمويلا مهما للحزب.

ومن المقرر أن يزور مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر بيروت، خلال الأيام المقبلة، حيث سيبحث مع مسؤولين لبنانيين قضية عدم التقيد بالقانون الأميركي.