قالت ألمانيا إنها تضع أمن إسرائيل في "جوهر" سياستها الخارجية، وهي ترد على اتهامها بالإبادة الجماعية، أمام محكمة العدل الدولية.

ورفعت نيكاراغوا الدعوى القضائية متهمة ألمانيا بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالإبادة الجماعية، بإرسال الأسلحة إلى إسرائيل، ووقف تمويلها لمنظمات الإغاثة الأممية.

ونفت برلين التهم الموجهة لها، أمام المحكمة الدولية في لاهاي.

واقتنت إسرائيل 30 في المئة من المعدات العسكرية، في 2023، من ألمانيا. وبلغت قيمة مشتريات الأسلحة الألمانية 300 مليون يورو.

وترتكز هذه القضية على قضية أخرى، رفعتها جنوب أفريقيا، في يناير كانون الثاني، أمر فيها قضاة المحكمة الدولية في لاهاي، إسرائيل، باتخاذ جميع التدابير الممكنة، لتجنب أعمال الإبادة الجماعية.

وتنفي إسرائيل ارتكابها أعمال الإبادة الجماعية في حملتها العسكرية على غزة، وتصرعلى أنه من حقها الدفاع عن نفسها.

وقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي على غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع، أغلبهم مدنيون. وتوشك غزة على الوقوع في المجاعة، إذ أفاد تقرير لمنظمة أوكسفام الإنسانية بإن 300 ألف فلسطيني عالقون في الشمال يعيشون منذ يناير كانون الثاني على 245 سعرة حرارية في اليوم.

وتقول نيكاراغوا إن مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل، التي بلغت قيمتها العام الماضي 326.5 مليون دولار، بارتفاع عشر مرات عن العام الماضي، يجعل منها شريكة في جرائم الحرب التي تتهم بها إسرائيل.

وتطلب نيكراغوا، في دعواها، من قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي، اتخاذ تدابير طارئة لمنع برلين من إمداد إسرائيل بالأسلحة ومساعدات أخرى.

ونفت ممثلة ألمانيا الثلاثاء الاتهامات بشدة، واصفة دعوى نيكاراغوا بأنها "متعجلة" وتستند على أدلة "واهية"، وبأنها موجهة ضد إسرائيل.

وقالت المحامية، تانيا فان أوسلار غليخن، إن "نيكاراغوا باصرارها على رفع هذه الدعوى على ألمانيا، أخذت بعين الاعتبار وجهة نظر واحدة عن النزاع، وأغفلت الوقائع والقوانين المتعلقة بالأوضاع".

وأضافت في مرافعتها أمام المحكمة: "تاريخنا هو الذي جعلنا نضع أمن إسرائيل في جهوهر سياستنا الخارجية".

"ألمانيا قدمت فعلا مساعدات لإسرائيل، في شكل أسلحة ومعدات عسكرية، ولكن نيكاراغوا زيفت حقيقة نوعية واستعمالات هذه الأسلحة والمعدات".

وفي مطلع مرافعتها، قالت إن ألمانيا "تعمل ما بوسعها لتلتزم بمسؤوليتها" تجاه كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأضافت أن مسؤولية ألمانيا أن تذكر إسرائيل بقواعد القانون الدولي الإنساني، حتى وهي تمارس "حقها في الدفاع عن نفسها".

وعن وقف تمويلها لمنظمة الإغاثة الأممية، دافعت بأن ألمانيا كانت من أكبر الدول المانحة لغزة، في 2024.

وقال المحامي كريستيان تامز إن "ألمانيا استأنفت تمويل عمليات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين أونوروا، وهي حقيقة أغفلتها نيكاراغوا".

وكانت ألمانيا واحدة من 15 دولة أوقفت تمويلها للأونوروا بسبب مزاعم أن واحدا من العاملين فيها كان ضالعا في هجمات 7 أكتوبر تشرين الأول، على إسرائيل.

وطلبت نيكاراغوا في دعواها من محكمة العدل الدولية أن تأمر باستئناف تمويل الأونوروا، واحدة من المنظمات الدولية القليلة التي لا تزال تعمل في غزة.

وفي اليوم الأول من المحاكمة، قال محامي نيكاراغوا إن تصرف برلين "مثير للشفقة"، فهي تمد إسرائيل بالأسلحة، وفي الوقت نفسه تدفع بالمعونات الإنسانية للفلسطينيين.

وأضاف آلان بيلي إنه من العاجل أن تعلق ألمانيا مبيعات الأسلحة لإسرائيل.

وقال للقضاة إن ألمانيا تعي جيدا مخاطر الأسلحة التي أمدت وتواصل إمداد إسرائيل بها، قد تستعمل في ارتكاب الإبادة الجماعية.

وأثارت الدعوى التي رفعتها نيكاراغوا أسئلة بشأن محاسبة الدول التي تمد إسرائيل بالأسلحة، منذ أن بدأ النزاع في غزة.

وقال مايكل بيكر، أستاذ القانون في كلية تيرينيتي في دبلن، الاثنين لبي بي سي، إن الغموض يكتنف مسؤولية الدول في منع وقوع الإبادة الجماعية، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي. وقد توضح الدعوى المرفوعة على ألمانيا هذه المسألة".

وأشار إلى أن "القانون الدولي يحمل المسؤولية للدول التي تساعد على انتهاك القانون في دول أخرى".

"والغموض يكتف القانون الدولي فيما يتعلق بالمساعدة على ارتكاب أعمال منافية للقانون. فليس واضحا ما إذا كانت نيكاراغوا مطالبة بإثبات أن ألمانيا تعرف أن مساعدتها لإسرائيل تحمل مخاطر المساهمة في انتهاك القانون الدولي، أم إثبات أن ألمانيا فعلت ذلك عن قصد".

ويشير المنتقدون لدعوى نيكاراغوا إلى سجلها في مجال حقوق الإنسان. فقد سجنت حكومة دانيال أورتيغا المعارضين ومنعت الاحتجاجات. وفي مارس أذار اتهمت ممثلية بريطانيا في الأمم المتحدة الحكومة بالقمع المستمر لحقوق الإنسان.