مبارك محمد الهاجري

ها هم العراقيون في جدل جديد، ويتعلق هذه المرة بتفعيل المادة 119 مما يسمى بالدستور، والذي يجيز تشكيل الأقاليم في العراق، شرط الاستفتاء عليه!
معلوم أن العراق خليط من الأديان، والطوائف، والعرقيات، والأجناس، منهم العربي، والكردي، والتركماني، والآشوري، وغيرهم الكثير، ورغم هذه الفسيفساء العجيبة، إلا أن هناك من يطالب بتجميعهم قسرا تحت مسمى الجمهورية العراقية، رافضا إعطاءهم حقوقهم الإنسانية التي تدل على هويتهم القومية، إذ لا يعقل أن يستحوذ الأكراد إقليما مهما وحيويا وينالون حكما ذاتيا، في حين يتم تهميش البقية من دون أن تتم مساواتهم بالأكراد في الشمال!
لا ينكر أي باحث منصف في التاريخ الحديث والقديم، أن العراق ككيان سياسي لم يكن موجودا قبل العام 1923، ولولا مقدم الأشراف الهاشميون إلى بغداد وتسليمهم الحكم، وبمعاونة بريطانية، لما كانت للعراق قائمة حتى يومنا هذا! وهذه حقيقة فهذا البلد لا يمكن أن يتجانس ساكنوه، وهم من ملل ونحل شتى، وكلٌ لديه مطالب مستحقة أقرتها الأمم المتحدة، كحرية تقرير المصير، وحفظ الهوية، والتي يبدو أنها طمست عن عمد، هاضمة حقوق الأكثرية من القوميات المتواجدة على أرض العراق!
إذاً، إننا نرى أن تقسيم العراق هو الخيار الأفضل، فالوضع الحالي الذي يعاني منه، ينذر بجر المنطقة ككل إلى أزمات عاصفة، وهو ما يتطلب تدخلا دوليا، وإشرافا أمميا، على هذا البلد، ووضع الحلول المناسبة التي تحفظ حقوق القوميات، ومنعا لنشوب حروب داخلية، قد يمتد أثرها إلى دول الجوار،مع وضع دساتير ملزمة ونافذة على الأقاليم المستقلة، وبرعاية من مجلس الأمن الدولي.
وفي حال بقيت الأمور كما هي الآن، فذلك نذير شؤم يحمل رياح الأزمات، والمشاكل، وخصوصا أن الوضع الأمني بلغ حالة من الفلتان لا يمكن تخيلها، والدليل هجرة العراقيين إلى الخارج رغم نيلهم الحرية بعد سقوط صدام حسين، أضف إلى ذلك تغلغل المخابرات الإيرانية في كل أراضيه، وفرضها أجندتها، علنا وعلى سياسيي بغداد الضعفاء، الذين أصبحوا أسرى السياسة الإيرانية، وهذا ما يفسر وبشكل واضح تهديداتهم الجوفاء ضد دولة الكويت، التي أسهمت في تحريرهم من طغيان صدام وظلمه، وجعلتهم يتنفسون الحرية بعد عقود من الزمن قضوها في التهويسات للقائد الضرورة!