لبنان «غسل يديْه» من بيان مجلس الأمن حول سورية

في موقفٍ قاربته دوائر ديبلوماسية على طريقة laquo;لوحة الموناليزاraquo;


بيروت

... laquo;تأييد سلبيraquo;. هكذا ظهر لبنان بموقفه في مجلس الامن الدولي الذي خرج بأول بيان يتصل بالوضع في سورية منذ اندلاع الانتفاضة في مارس الماضي دان فيه الحملة الدموية ضد المدنيين وlaquo;الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسانraquo;.
14 دولة من اصل 15 شكّلت المظلة الدولية التي تفيأها البيان الرئاسي الذي دعا الى laquo;الوقف الفوري لكافة اعمال العنفraquo;، والذي ظهّر بداية تفاهم بين الدول الكبرى على سقف الحدّ الادنى بازاء التعاطي مع التطورات الدراماتيكية في سورية.
واذا كان الاجماع الدولي لم يتأمّن الا بعد مناقشات ماراثونية وتدوير زوايا صيغ عدة لضمان سير روسيا والصين خصوصاً بالبيان الذي يصدر من دون تصويت اي انه يحتاج الى موافقة جميع الدول الاعضاء في مجلس الأمن عليه، فان تموْضع لبنان laquo;على هامشraquo; هذا الاجماع او خارجه من طريق لعبه ورقة laquo;النأي بنفسهraquo; ترك أصداء متفاوتة في بيروت بين طرفيْ الصراع السياسي، اي قوى 8 و14 آذار، لكنه عكس بالتأكيد حراجة وضع لبنان، الذي بدا في مجلس الامن عالقاً بين laquo;مطرقةraquo; عدم قدرته على تحمّل تبعات عرقلة ولادة البيان، بما يمثّله من توازنات دولية، وlaquo;سندانraquo; موقف حكومة الاكثرية الجديدة الرافض تأييد اي موقف او قرار يدين سورية.
وهكذا اختار لبنان laquo;أهون الشرّيْنraquo;، وجاء موقفه على طريقة laquo;لوحة الموناليزاraquo;، يمكن قراءته على انه عدم موافقة على مضمون البيان الرئاسي ولكن مع laquo;كاتم للصوتraquo;، او على انه laquo;لعمraquo; تحتمل الـ لا والـ نعم ولكنها سمحت بمرور البيان.
وقد شبّهت دوائر ديبلوماسية في بيروت موقف لبنان، الذي لجأ الى اجراء لم يشهده مجلس الأمن منذ 35 عاماً، بأنه بمثابة laquo;غسل اليدraquo; من البيان الرئاسي على طريقة انه صدر laquo;فينا وبلاناraquo;، معتبرة ان laquo;الأضرار الديبلوماسيةraquo; التي تركها شبه laquo;الاعتكافraquo; عن اتخاذ خيار وقرار في ملف سورية على صورة ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن وقع، لان غالبية دول المجلس تعاطت مع لبنان على انه laquo;مغلوب على أمرهraquo;.
واستوقف هذه الدوائر ان هذا التموْضع لبيروت، جاء بعيد تحذير قوى 14 آذار الحكومة من ربط مصير لبنان بمصير النظام السوري، وذلك انسجاماً مع السقف الذي سبق ان رسمه الرئيس السابق للحكومة زعيم laquo;تيار المستقبلraquo; سعد الحريري بازاء laquo;المذبحةraquo; التي تُرتكب في حماة.
واذا كانت قوى 14 آذار رفضت laquo;تنصُّلraquo; لبنان من بيان مجلس الامن باعتبار انه يعبّر عن laquo;حكومة اللون الواحدraquo;، واصفة هذا الموقف بأنه laquo;معيب ومخز ويهدد رصيد لبنان الدولي ويضعه في مواجهة مع العالم في وقت يحتاج الى المجتمع الدولي وخصوصا في مواجهة الأطماع الاسرائيلية وتهديداتهاraquo;، برّر وزير الخارجية عدنان منصور هذا الخيار معلناً laquo;لم نؤيّد البيان الرئاسي لمجلس الامن لانه لا يمكن للبنان ان يكون مؤيداً لأي قرار او موقف يدين سوريةraquo;، مشيراً الى laquo;ان لبنان منسجم مع نفسه، وان اي قرار ضد سورية نحن لا نؤيدهraquo;.
ولفت منصور (لصحيفة laquo;اللواءraquo;) الى انه ابلغ هذا الموقف الى نائبة مندوب لبنان الدائم في مجلس الامن كارولين زيادة، بسبب وجود السفير نواف سلام في لندن، عائداً الى بيروت، مشيراً الى ان زيادة نفذت التعليمات المعطاة لها، اذ امهلت المجلس الذي كان يعقد جلسة مشاورات لبعض الوقت قبل ان تتخذ موقف عدم التأييد، الذي لا يتحمل لا الرفض ولا القبول.
وذكرت تقارير ان السفيرة زيادة هي التي بادرت الى الاتصال بالوزير منصور وابلغت اليه أن مجلس الامن يتجه الى اصدار بيان شديد اللهجة ضد سورية، ونقلت اليه مسودة مشروع البيان، مشيرة الى انها طلبت من المجلس استمهالها ساعة من الوقت للرجوع الى الحكومة.
وبحسب المعلومات، فان وزير الخارجية طلب تمديد الوقت المستقطع ساعة ونصف الساعة، اجرى خلالها اتصالات مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة في لبنان، وكذلك جرى اتصال بالعاصمة السورية للاستئناس برأيها، واتخذ في ضوئها الموقف اللبناني المعلن.
وفي موازاة ذلك، اوضح استاذ القانون الدولي في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب لـ laquo;الرايraquo; ان laquo;فكرة البيان الرئاسي نشأت خلال الحرب الباردة، وليس لها قوة قانونية إلزامية، وكي يحظى البيان باجماع الأعضاء الـ 15 في مجلس الأمن يمكن لأي عضو بغية عدم خرق الاجماع استعمال الامتناع الذي عبّر عنه لبنان في البيان الرئاسي عن مجلس الأمن بكلمة نأى بنفسه، ما يعني الامتناعraquo;.
اضاف زغيب: laquo;من الناحية القانونية لبنان لم يخرج عن الاجماع الدولي. فكل الدول لا سيما الأعضاء في مجلس الأمن تقدّر موقف لبنان خصوصاً أن لديه التزامات قانونية مع سورية بينها اتفاق الطائف، ولهذا اتخذ هذا الموقف، فهو لم يوافق ولم يرفضraquo;.
ورداً على سؤال حول صيغة laquo;نأى بنفسهraquo;، قال: laquo;ربما استُعملت للمرة الأولى من الاتحاد السوفياتي، والروس في العادة هم الذين يلجأون اليهاraquo;.
وفي السياق نفسه، قال الوزير السابق للخارجية فارس بويز لـlaquo;الرايraquo; ان laquo;لبنان أكثر دراية بالاوضاع في سورية من أعضاء مجلس الأمن الآخرين، وهو يدرك بأن الفوضى في سورية ستكون لها انعكاسات عليه ولهذا اتخذ هذا الموقفraquo;. واضاف: laquo;أعتقد أن الموقف اللبناني من البيان حكيم وينبع من تخوفه من الفوضى التي قد تجر سورية الى المجهول وثؤثر بدورها على لبنان. وأراد لبنان لفت نظر المجموعة الدولية الى أن هناك مشكلة لا تقتصر على مطالبة الشعب السوري بالحريات بل ثمة من يريد ادخال سورية في الفوضىraquo;.
تابع بويز: laquo;لم يخرق لبنان الاجماع الدولي. ومن المعلوم أن أي موقف تتخذه الولايات المتحدة تنجرّ وراءه كل الدول بشكل أعمى، ولعل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي حول العراق تحت عنوان أسلحة الدمار الشامل تؤكد أن واشنطن ومجلس الأمن هدفهما فقط تأمين أكبر قدر ممكن من المصالح السياسية بصرف النظر عن الأثمان. ومجلس الأمن ببيانه الرئاسي لم يقدم على خطوات اجرائية والبيان عبارة عن ورقة ضغط اضافية لفك ارتباط دمشق بطهرانraquo;.
من جهته اوضح مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الخارجية محمد شطح لـ laquo;الرايraquo; ان laquo;البيانات الرئاسية التي هي اعلان ما من مجلس الامن لا ترقى الى مستوى القرارات الملزمة، والمفارقة ان القرارات الملزمة قد تصدر بلا اجماع لكن البيانات الرئاسية لا تصدر الا باجماع رغم انها غير ملزمةraquo;، وقال: laquo;تاريخياً هناك امكان laquo;التنصلraquo; او laquo;النأيraquo; من دون الاعتراض، وهذا ما فعله لبنان الذي نأى بنفسه في ما يشبه الامتناع عن التصويت حرصاً على عدم منع صدور البيان الرئاسي. ولو اعترض لبنان لما صدر البيانraquo;.
وماذا يعني هذا الموقف في السياسة؟ يجيب شطح: laquo;هذا تقنياً، اما سياسياً فكل البلدان كما نعرف شاركت في الموافقة على البيان رغم ان بعضها كان متحفظاً سابقاً او معارضاً صدور قرار او بيان بلغة قوية، وهذه البلدان وافقت على البيان بما فيها روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا. وهي بلدان تميل الى التعاطف مع حكومات الدول النامية لكنها اعتبرت ان الحالة في سورية تتطلب موقفاً مبدئياً اخلاقياً سياسياً وانسانياً يدعو الى وقف القمع واحترام الحريات. ولهذا يبدو موقف لبنان نافراً لانه يبتعد عن قرار مبدئي وانساني ويبتعد عن اخلاقيات اللبنانيين واحترام اللبنانيين للحريات التي يقوم عليها المجتمع اللبناني. وما فعله لبنان سننظر اليه تاريخياً على انه لا يمكن تبريره بغض النظر عن الاسباب نظراً لما يحدث في شوارع سورية. وهذه ليست مصلحة لبنانية لاننا لا نتدخل من خلال هذا البيان ولا احد من الدول التي وافقت على البيان تتدخل في الشأن السوريraquo;.
ونسأله: هل سيدفع لبنان ثمن هذا الموقف في المستقبل؟ فيقول: laquo;الموقف النافر المتنصل من اخلاقيات معينة سندفع ثمنه بغض النظر عن اي شيء آخر وهو مكلف معنوياً لما يمثله لبنان ونظراً الى الصورة التي ظهر بها على انه متناقض مع مبادئ الحريات والديموقراطية، ما يؤكد مقولة البعض من ان هذه الحكومة والسلطة اللبنانية تستجيب لمشيئة فئة من اللبنانيين ولمشيئة الحكومة في سورية والسلطة في سوريةraquo;. ويضيف: laquo;الكلفة هي ان لبنان في النهاية اذا لم يلتزم في الحدود الدنيا بمبادئ الامم المتحدة الاساسية والتوافق العالمي، من دول نامية وغنية، يكون قد وضع نفسه بموقف متفرد يتناقض مع روحه وسبب وجوده، لكن من دون ان يعامَل كغزة او غيرهاraquo;.

تظاهرة نصرة للثورة السورية عقب صلاة التراويح في طرابلس

شهدت منطقة طرابلس (شمال لبنان) تظاهرة (يوم الاربعاء) دعما للثورة في سورية عقب صلاة التراويح انطلقت من امام مسجد الايمان في محلّة ابي سمراء وطافت في شوارع المنطقة وسط حضور امني كثيف.
وشارك في التظاهرة التي تمت بدعوة من حزب laquo;التحريرraquo; داعي الاسلام الشهال وممثلون لـ laquo;الجماعة الاسلاميةraquo; وبعض القوى الاسلامية، وتخللها دعاء وصلاة عن روح laquo;الشهداءraquo;، قبل ان تنتهي امام مركز laquo;حزب التحريرraquo; من دون اي حادث.