نحن إذن في هذا الاستطلاع بين اتجاهين متناقضين، الاتجاه الأول تمثله أفكار quot;عراقيةquot; ترى في الميناء على جزيرة بوبيان، محاولة متعمَّدة لعزل العراق مائياً عن العالم، والاتجاه الثاني تعكسه أفكار quot;كويتيةquot; ترى ان الميناء لن يؤثر على قدرات العراق البحرية

عدنان أبو زيد: تشهد قضية بناء ميناء مبارك الكبير من قبل الكويت، سجالا متصاعدا في كل من العراق والكويت مما ينذر بتدهور في العلاقات بين البلدين من جديد، وبينما يرى كتّاب عراقيون أنْ لا حقّ للكويت في بناء ميناء مبارك فإن الكتّاب الكويتيين يتفقون على ان بناء الميناء حقّ للكويت وشأن داخلي لا يحق للعراق التدخل في تفاصيله. وبين هذين الاتجاهين استطلعت إيلاف الكتّاب من كلا الاتجاهين، في محاولة لاستخلاص فكرة واضحة عن الأسباب التي يستند إليها كل طرف في مواقفه المعارضة أو المؤيدة لميناء مبارك. والذي تجدر الإشارة إليه أنّ كتّابا عراقيين وكويتيين كانت لهم مواقف متشجنة من الحدث، وابتعدوا في كتاباتهم عن الموضوع الرئيس وهو الميناء، ليجتروا التاريخ الحافل بالآلام بين البلدين، في حين أنّ آخرين، ناقشوا الموضوع بحيادية ومسؤولية، في حرْص على عدم تصعيد المواقف والدعوة إلى حل يعطي لكل ذي حق حقه بالاعتماد على القوانين الدولية وقيم حسن الجوار.

نحن إذن في هذا الاستطلاع بين اتجاهين متناقضين، الاتجاه الأول تمثله أفكار quot;عراقيةquot; ترى في الميناء على جزيرة بوبيان، محاولة متعمَّدة لعزل العراق مائياً عن العالم، والاتجاه الثاني تعكسه أفكار quot;كويتيةquot; ترى ان الميناء لن يؤثر على قدرات العراق البحرية، حيث تأمل فيه الكويت أن يكون الخطوة الأولى على طريق تحويلها إلى مركز مالي وتجاري بالمنطقة.
ومن المتوقع ان يكون مبارك من أكبر الموانئ بالشرق الأوسط، وسيحوي أكبر ممر مائي بالمنطقة يصل مداه إلى 20 متراً. ويخشى العراق أنْ يخسر ميناء البصرة من قيمته الاقتصادية بسبب تجاوز الكويت على خور عبدالله.
سعد بن طفلة العجمي: التوقف فوراً عن بناء الميناء
يطالب الكاتب الكويتي سعد بن طفلة العجمي الحكومة الكويتية بالتوقف فوراً عن بناء ميناء مبارك الكبير على جزيرة بوبيان الكويتية، ما لم ننجح بإقناع العراق بأن الميناء لمصلحة البلدين ولتوثيق العلاقات المستقبلية والتجارية بينهما.
ويرى العجمي أن الأطراف العراقية التي تعارض الميناء الكويتي ثلاثة: طرف حكومي فشل في توفير الأمن والخدمات والماء والكهرباء والصرف الصحي، ويواجه معارضة شعبية تطالب بأبسط مقومات العيش الكريم. وطرف ثانٍ لا يزال يلوك لغة العدوان والحرب، ويردد شعارات الضم والأصل والفرع على الرغم مما حاق بالبلدين الجارين من جراء هذا الفكر المدمروطرف ثالث مرتبط بأطراف إيرانية، تستخدمه هذه الأطراف لتذكير المنطقة دوماً بقدرتها على تسخين الجبهة بين الكويت والعراق.
فاتح عبد السلام: ثغرات الوضع العراقي
لكن الدكتور فاتح عبد السلام رئيس تحرير صحيفة الزمان اللندنية ينظر الى ازمة ميناء مبارك من زاوية quot;الوضع المزري للحكومة العراقية التي تعيش أزمات مع حلفائها الداخليين وأوضاعاً غامضة مع حلفائها الخارجيين.
ثم يتسائل عبد السلام : هل تظن هكذا حكومة أنها قادرة علي الدخول في مفاوضات متكافئة من أجل حقوق وطنية أو قضية سياسية أو اقتصادية مع دول الجوار التي تعرف عن ثغرات الوضع العراقي أكثر ممّا يعرف أي إنسان معلومات عن نفسه وعائلته واسمه وعمله وتاريخه الشخصي. ويتابع: المنازلة بين العراق والكويت حول ميناء مبارك توحي بأنَّ الأزمات تنبع بين يدي الحكومة من حيث لا تدري وان من لا يملك علاجاً للأزمة عليه أن لا يثيرها أفضل له.
عادل نايف المزعل: افتعال الأزمات
ويتحدث الكاتب الكويتي عادل نايف المزعل لquot;إيلاف quot; عن جهات في العراق تريد تصدير مشاكلها إلى الخارج بافتعال الأزمات.ويقول المزعل أن الكويت عانت على مدى عقود من الزمان من النظام العراقي وآخر هذه المعاناة غزو العراق للكويت، وقد دافع الكويتيون عن وطنهم الغالي بكل ما يملكون في سبيل تحرير الأرض الغالية الكويت بفضل إرادة الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الأشقاء والدول الصديقة.
ويتابع المزعل : ثم قامت الكويت وفتحت أجواءها الجوية والبرية والبحرية في تحرير العراق من صدام وزبانيته وراح البعض من العراقيين يوجه سهامه بالنقد اللاذع للكويت بقرارات الشرعية الدولية رغبة منهم بالاصطياد بالماء العكر وآخرها الاستفزازات على مشروع الكويت في بناء ميناء مبارك الكبير.
ويتابع المزعل: كل السياسيين يقولون إن ميناء مبارك الكبير لا يخالف القانون ولا يجافي القرار الأممي بترسيم الحدود الكويتية العراقية وأن ميناء مبارك لا يقف حجر عثرة أمام مستقبل بلادهم، ومن الواضح أن بعض الجهات في العراق تريد تصدير المشاكل الداخلية إلى الخارج من خلال افتعال الأزمات والمشاكل خاصة مع الكويت وذلك لوجود بعض أزلام النظام البائد.
احمد صبري :مصادفة
يتسائل الكاتب العراقي احمد صبري: هل هي مصادفة ان تشهد العلاقات بين العراق والكويت توتراً عند حلول ذكرى الثاني من اب في كل عام. أم ان تداعيات ذلك اليوم مازالت تخيم على علاقة البلدين.
ويجيب صبري على السؤال على هذا النحو: أن اصرار الكويت على بناء ميناء مبارك لا يعكس رغبتها لطي صفحة الماضي والتطلع الى المستقبل رغم التزام العراق بقرارات ظالمه سلبت حقوقه في الأرض والمياه وضعت العراق في خانق لا يمكن الخروج منه الا بإشارة من الكويت لتعطي العراق شهادة حسن السلوك ومدى تنفيذه القرارات التي قد تخرجه من خانة الفصل السابع.
ويتابع صبري : رغم مرور اكثر من عقدين على الاجتياح العراقي للكويت فأن الأخيرة مازالت أسيرة الماضي تتشبث بالشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن تارة، وبقاء العراق تحت طائلة الفصل السابع تارة أخرى في محاولة لإبقاء العراق تحت وطأة هذه اللعبة التي تكشفت أهدافها.
ويضيف : الكويت التي فتحت حدودها وأجواءها ومياهها لقوات الغزو الأميركي لاحتلال العراق وتدمير بنيته وكيانه حصلت على تعويضات تقدر بثلاثين مليار دولار وتنتظر مثلها لاحقاً. ولم تكتف بما جرى للعراق طيلة السنوات التي اعقبت الغزو وإنما لجأت الى سد منافذ العراق الى مياه الخليج العربي بأقامتها مشروع ميناء مبارك الكبير
عفراء احمد البابطين: أرض كويتية
أما الكاتبة الكويتية عفراء احمد البابطين فتكتب عن التوتر العراقي إزاء مشروع ميناء مبارك الكبير، وكون الكويت تقيم هذا المشروع على أرض كويتية والذي يقع تحت سيادتها ومياهها الإقليمية، في وقت لا يكف فيه لا العراقيون عن إبداء امتعاضهم ورفضهم الشديد لذلك الميناء سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر تصاريح كبار المسؤولين العراقيين، لاسيما أنه تم تشكيل تكتل برلماني أسموه laquo;تكتل حماية الحدود العراقيةraquo; للتصدي لمشروع ميناء مبارك الكبير الكويتي.
وتضع البابطين اسبابا عدة للرفض العراقي، وهي أسباب تغطي بمجملها مطلبهم الأساسي، ألا وهو الديون الكويتية على العراق، فمسألة خلق أزمة توتر جديدة بين العراق والكويت عبر تكثيف شن الحروب الكلامية من خلال تصريحات الشخصيات السياسية العراقية من شأنها الضغط على حكومة الكويت للتنازل عن تلك الديون المتراكمة والكبيرة على عاتق الحكومة العراقية، ومحاولة الاستفادة من هذه القضية كورقة ضغط على حكومة الكويت بأسلوب اعتدنا عليه نحن الكويتيين من الجار العراق.
وتتحدث البابطين عن تفضيل إيران إنشاء خط ربط سككي مع العراق وموانئها بدلا من التعاون مع الكويت ومينائها الجديد، حيث إن إيران بهذه الإستراتيجية ستعزز موقعها أكثر في المنطقة، لأنه يكفي أن تصل لتركيا وأوروبا من آسيا وأستراليا عبر ذلك المسلك دون اللجوء للموانئ الخليجية أو حتى قناة السويس البعيدة بعض الشيء عن منطقة الخليج العربي.
صادق الازرقي : سباق المصالح
الكاتب العراق صادق الازرقي يرى ان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ نيسان 2003 لم تفلح في التوصل الى حلول ناجعة بشأن الموانئ العراقية التي لا غنى عنها لإدامة نسغ الاقتصاد وفشلت في إعادة بناء وتطوير مينائي الفاو وأم قصر و الموانئ الأخرى (ستة موانئ للنقل واثنان نفطيان)، ولم تفكر في إقامة موانئ أخرى وذلك ليس بمستغرب طالما أن تلك الحكومات ووزراءها منشغلين بكيفية الاستئثار بالمال العام.
ويطالب الأزرقي الحكومة الى التحرك الفعلي على الصعيد الدبلوماسي للوصول الى اتفاقات محددة مع الدول التي نشترك في المياه معها و منها الكويت منطلقين من حرصنا على فتح أبواب الموانيء العراقية على مصاريعها وإزالة كل ما يعوق حركة السفن العراقية بما في ذلك الاسراع في بناء ميناء الفاو الكبير وغيره من الموانئ وكذلك إنشاء موانئ جديدة فالساحل البحري العراقي الذي يمتد لأكثر من خمسين كيلومترا بحسب الارقام المتوفرة ليس قليلا لتوسيع الموانئ القائمة وإنشاء موانئ جديدة، هذا إضافة الى موانئنا التي تمتد الى عمق الخليج، اذ من الممكن تفعيلها وتوسيعها إذا صدقت النيات.
مظفر عبدالله : حق قانوني
ولا يرى الكاتب الكويتي مظفر عبدالله أي حق قانوني في اعتراض العراق على بناء ميناء مبارك لأنه سيقام على أرض كويتية. ويقول عبد الله في حديثه لquot;إيلافquot; : يبدوا لي أن أصواتا عراقية من نواب في البرلمان أو ممثلي كتل سياسية تقوم ببث رسائل لدولة الكويت ذات صلة بمسألة الحدود أو الثروة النفطية بين فترة وأخرى ولأسباب غير مفهومة خاصة بعد الترسيم الدولي للحدود بين البلدين، ورغم عدم أهمية مثل هذه التصريحات لأنها تمثل أصحابها الا أن من المهم أيضا أن تقوم القيادة العليا في العراق بالرد العلني أو بالوسائل الدبلوماسية على لأنها لا تخدم البلدين.
وبالنسبة للميناء فهناك عدة طرق يمكن من خلالها المساهمة في افادة العراق من الحركة التجارية المرتقبة بعد بناءة من خلال اتفاقيات تجارية متبادلة بين البلدين بهذا الصدد.
ملاحظة : يمكن المشاركة في الاستطلاع عبر الادلاء برأيكم في حقل التعليقات ( مع ذكر الاسم الصريح والصفة الكاديمية أو المهنة ) حيث سنفرد حلقات خاصة لنشر التعليقات وتحليلها...