اعتبر أن رئيس مصر القادم بحاجة إلى معجزة للنجاح في مهمته
القاهرة - أحمد أبو المعاطي

وصف الكاتب الكبير، محمد حسنين هيكل، ما تعيشه مصر خلال الأيام الأخيرة التي تسبق إجراء أول انتخابات رئاسية تعددية عقب ثورة 25 يناير، بأجواء ldquo;أزمة قريبة من الحافةrdquo;، لكنه قال إن الأمور مع ذلك، ldquo;تجري في مجاريها الصحيحة من الناحية التاريخية، وقال هيكل إن رئيس مصر القادم ldquo;ربما يكون في حاجة إلى معجزة، حتى ينجح في مهمتهrdquo;، مشيراً إلى أن أحداً من المرشحين الذين تقدموا للسباق الانتخابي ldquo;لا يملك صورة كافية، ولا رؤية ولا طاقماً جاهزاً لإدارة مهام المرحلةrdquo; .


وكان الكاتب الكبير يتحدث عندما لفت إلى أن مصر في اللحظة الراهنة ldquo;تواجه أزمات لا تجد من يحلها ولا تقبل في الوقت ذاته انتظار الزمن، ولا عجز أصحابهاrdquo;، مشيراً إلى أن تزايد تناقضات هذه الأزمة، لعب دوراً رئيساً في تفجيرها لنفسها، وتلك أخطر الأزمات، مضيفاً ldquo;حينما تقوم أزمة بتفجير نفسها، فإن أصحابها لا يعودون هم الفاعل الأساسي، وإنما تنوب عنهم الفوضى في تقرير مصائرهمrdquo; . واعتبر الظرف الذي عاشته مصر، قبيل ثورة 25 يناير ldquo;كان قريباً جداً من هذا النوع الأخير من الأزمات التي من شأنها أن تأخذ أوطانها وأهلها، وربما جوارها أيضاً إلى الهاوية ذاتهاrdquo;، مثمناً موقف الشعب المصري ldquo;الذي حضر بإرادته وقواه، في الدقيقة ما قبل الأخيرة، على نحو باهر أدهش كل الناس، وإن ظلت مسألة ما يمكن عمله لتجنب الهاوية، موضع خلاف بين الأطراف حتى اليوم، لم يصلوا فيه إلى رأيrdquo;، مشيراً إلى أن ldquo;الخطر لايزال يتجسد في أن كل طرف يتصور أنه وحده يملك حق التصرف، بينما المسؤولية أكبر من كل هؤلاء الأطراف فُرادى، بل ومجتمعين أيضاًrdquo; .

في حواره مع فريق ldquo;الأهرامrdquo; الذي استمر لساعات في منزله الريفي بمنطقة برقاش، عرج الكاتب الكبير دائماً إلى الحديث عن الثورة، والتجاذبات التي دارت طوال العام الماضي بين القوى المشاركة فيها، مؤكداً أن ldquo;الفكرة الرئيسة للثورة بل ومرجعيتها أيضاً، كانت اجتماعية واقتصادية وثقافية، ولم تكن في يوم ما دينيةrdquo;، مشيراً إلى أن ldquo;التيار الإسلامي لم يكن محقاً عندما تصور أنه هو عماد الثورة وصاحبها، لأنه في واقع الحال كان مجرد أحد روافدها، حيث إن حدثها الأكبر لم يقع تحت أعلامه ولا استجابة لشعاراتهrdquo; .

وقال إن التيار الديني في مصر ldquo;خسر كثيراً عندما توهم أنه يمكنه الاستحواذ على السلطة بكاملهاrdquo;، منتقداً ما وصفه بمحاولات البرلمان لاستخدام مشروعية الانتخابات مقابل شرعية الدستورrdquo;، بقصد إحداث تغيرات عملية على أرض الواقع السياسي قبل انتخابات الرئاسة، وقبل وضع الدستور، بأنها ldquo;عملية أبسط ما يُقال فيها إنها لهفة حزبية قبل أن تكون مصلحة وطنيةrdquo; . ووصف تصرفات قوى الإسلام السياسي على مدار العام الماضي بأنها ldquo;تدعو إلى القلقrdquo; قبل أن يضيف: ldquo;كنت دائماً واحداً من الذين طلبوا ومازالوا بفرصة حكم للتيار الديني، يجرب فيها مسؤوليات الدولة، لكن تصرفات هذا التيار حتى الآن تدعو إلى القلق، ويكفيني في هذا الصدد مقالة مهمة للمستشار طارق البشري، ذكر فيها صراحة أن التيار الإسلامي خسر خلال شهور كثيراً من دعاويه وأسباب قوته، بسبب سوء التصرف وعدم تقدير مسؤولية الفوز الانتخابي وأوهامه الخطرة المتعجلة للاستحواذ على كل السلطةrdquo; .

قصيدة أحمد شوقي

وكان هيكل استقبل فريق ldquo;الأهرامrdquo; الذي ذهب إلى الحوار معه في منزله الريفي بأبيات من قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، بدت إلى حد كبير كاشفة لما يدور في ذهنه من أفكار وتساؤلات تتعلق بالوضع الراهن في مصر، يقول مطلعها: ldquo;وفي الأرض شر مقاديرهِ لطيف السماء ورحمانها، ونجى الكنانةَ من فتنةٍ تهددت النيلَ نيرانُهاrdquo;، مشيراً إلى أن هذه القصيدة كتبها شوقي يوم حادث إطلاق النار على سعد زغلول في محطة القاهرة، في يوليو/تموز ،1924 وكاد البلد يواجه وقتها فتنة عاصفة، وقد لحن رياض السنباطي هذه القصيدة لأم كلثوم في عام 1947 في الظروف الصعبة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، التي تردّت إليها أحوال اقتصادية واجتماعية، وتدافعت فيها خيارات سياسية وعقائدية متضاربة، وأضيف إلى ذلك ظهور الشيوعيين وخلاياهم السرية، والإخوان المسلمين ونظامهم المسلح، بينما كان العهد الملكي في البلد يواجه أزمته، والنظام الحزبي الذي كان منقسماً بين أغلبية وأقلية يترنّح . ويقول الكاتب الكبير الذي لم يتخل بعد عن طريقته المعهودة، في دفع محاوريه إلى ldquo; التسخينrdquo; قبل الدخول في المباراة: ldquo;كانت القصيدة واللحن وصوت أم كلثوم أشبه ما يكون ببكائية حزينة، تُظهر القلق على وطن وسط العاصفة، لكني عندما أسمع هذه القصيدة هذه الأيام لا أجدها بكائية، وإنما أسمعها كصوت تحذير مبكر، ودعاء واصل للسماء في لحظة مصير، لابد أن نتصدى له بالإرادةrdquo;، قبل أن يضيف: ldquo;واجهنا أزمات كثيرة من قبل، وتركنا للزمن أن يحلها، وليس بالضرورة أن حلول الزمن تجيء لمصلحتنا، لذا فقد بات لزاماً علينا أن نتذكر أن الأزمات أنواع، فهناك أزمات يمكن أن تُترك للزمن، أو يمكن التعايش معها على نحو أو آخر، وهناك أزمات لابد أن يتصدى لها أصحابها، قبل أن يفوت الوقت، وإلا تعرضت الأوطان للخطرrdquo; .

يرى هيكل أن ما عرفته مصر من زمن مبارك على مدار العام الماضي، لم يكن سوى ldquo;قمة ظاهرة من سطح جبل جليد عائم، يستدعي إلى الخيال صورة مشابهة لواقعة الباخرة تيتانيك، ولكن على نحو مختلفrdquo;، وهو يقول: ldquo;من حسن الحظ أن مياه مصر ليست في اتساع المحيط الأطلسي الشمالي، وما عندها من بواخر معظمه سياحي نهري، ومياهها ليست فيها عائمات جليد بالتلال أو بالجبال، وإنما مياه حلوة وإن كان القاع متحركا، وعليه فإن خطر الجنوح في رواسب الطمي واردrdquo;، وهو ما يخشى منه . لن تواجه باخرة مصر ldquo;مصير تيتانيكrdquo;، حسبما يرى هيكل، لذا فإنها لن تغرق بمن فيها وما فيها، لكن ذلك لا ينفي تعرضها، إذا لم ينتبه الجميع، لمخاطر ldquo;جنوح على الطميrdquo;، بما يشمله ذلك من أضرار الجنوح وتكاليف الخروج من الطين الرخو، دون استبعاد لما هو أسوأ لا قدر الله، إذا لم يفهم الجميع وإذا لم يكن هناك بحارة مهرة، وفرق مساعدة وإسعاف على الشاطئ جاهزة .

رواسب فوق رواسب

ينظر هيكل إلى الحالة التي تعيشها مصر عقب الثورة، باعتبارها ldquo;أزمة طبيعية لبلد لايزال يعيش حالة ثورة بعد زمن طويل من الكبت والقمع تراكمت فيه رواسب فوق رواسبrdquo;، وهو يقول: ldquo;في مثل هذه الأحوال، وكما حدث في أحوال ثورات كبيرة سبقت في التاريخ يقع شيئان، أولهما: أن المخزون من أزمنة الكبت والقهر تنكسر خزاناته الممتلئة، ويخرج ما تراكم فيها من مخلفات وشوائب، وأكاد أقول: عطن وعفن، بحيث يشعر الناظر إلى ما يجري بكثير من الإحباط والضيق، فيما الكل يفزعون من أن ما يرونه أمامهم لا يتناسب مع ما توقعوه، وينسون حقيقة أن الثورة التي قاموا بها تسبب فيها بالدرجة الأولى أنهم لم يعودوا قادرين على تحمل ما تجمع واختلط وتكاثر عليهم من سابق أحوالهم، فهم ثاروا أو في واقع الأمر انفجروا، لأنهم ضاقوا بما ألم بهم، إذ لا يثور الناس بسبب طيب أحوالهم، وكمال صحتهم، وهناء عيشهم، وهدوء بالهم، وإنما يثورون لأن طاقتهم على الاحتمال لم تعد فيها بقية، وأثقالهم زادت بما لم يعد محتملاًrdquo; .

الأزمة وسيادة القانون

ويصف عصر مبارك بأنه كن: ldquo;عصر حاكم شرقي مستبد، بكل ما يصنعه الاستبداد ويستدعيه من فساد وكوارثrdquo;، مشيراً إلى أن ldquo;درس التاريخ يعلمنا أن كل مكبوت لابد أن ينتهي من إفراغ ما طال كبته، وكل قهر لابد أن يقتص لنفسه، وأول التلقائي أن يقع القصاص بالتجاوز، وتجيء لحظة يختلط فيها ما يمكن اعتباره من الحقوق، بارتكاب ما سبق اعتباره من الجرائم، وفيه النهب والسطوrdquo; . ويقول هيكل: ldquo;هذه طبائع أحوال لابد أن تُفهم، ويتحتم مساعدتها حتى تختصر وقتها وتستعيد الأوطان توازنها، وذلك لا يستبعد أن يكون القانون حاضراً طول الوقت وسيداً، لكن الأزمة في العادة تكون أخطر من سيادة القانون، لأنها اجتماعية اقتصادية، وهذا ما حولها إلى فوضويةrdquo;، يرى هيكل أن ldquo;الحالة الثانية من حالات الثورة بعد الانفجار الأولrdquo;، تنحصر دائماً في حالة البحث عن امتلاء صحي سليم قوى وقادر، ويكون هدفها البحث عن طريق لبناء مستقبل يتواءم مع الآمال العريضة التي هي مطلب الثورة وغايتها، ويقول: ldquo;هذه في العادة فترة مناقشات ومجادلات وتفاعلات، تتوصل بالجهد الجهيد إلى تمهيد الطريق إلى المستقبل، ومن سوء الحظ أن تمهيد الطرق إلى المستقبل في الثورة، وفى عموم حركة التاريخ يختلف عما نعرف من عمليات تمهيد الطرق على الأرض، فالتاريخ ليس لديه ماكينات تسوي التضاريس، وليس فيه ردم يسد الفجوات، وليس عنده أسفلت يجعل الطرق بنعومة الحرير، وإنما طرق المستقبل في التاريخ خيارات إنسانية قابلة للخلاف والاتفاق، وللخطأ والصواب، وتلك صعوباتها، لكن المهم أن تبدأ عملية طرح وعرض ومناقشة كل الاختيارات، وأن تدور المناقشات مفتوحة بلا قيد، وأن تسمع الاجتهادات بتفهم وسماحة، ثم أن تبدأ الحركة، حتى وإن بدت متعثرةrdquo; .

طريق عصية

جربت ثورة 25 يناير، في رأي هيكل، هاتين الحالتين، عندما عاشت مصر أعراض حالة الانفجار الأول، ومازالت تعاني بعض آثارها، كما عاشت أيضا أعراض الحالة الثانية، وهي حالة البحث عن طريق، وإن ظلت عملية البحث عن طريق المستقبل عصية، وربما يرجع السبب فيها حسبما يقول إلى: ldquo;غياب قيادة معروفة ومعترف بها، أو إلى غياب فكرة مرشدة وملهمة لخيارات الثورة المفتوحة، رغم أننا انتخبنا برلماناً قبل شهور، ورغم أننا سوف ننتخب رئيساً للدولة بعد أيامrdquo; .

هيكل على نحو مباشر أن المشكلة الحقيقية التي عانتها الثورة، منذ انفجارها في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، ما شهدته من تداعيات على مدار عام، تنحصر في أنها ldquo;انفجرت بلا قيادة، ثم إن الدم تفرق بين القبائلrdquo;، وهو يقول: ldquo;حتى الشباب الذي تحرك بجسارة وتحدى القهر بشجاعة، لم يكن قيادة للثورة وإنما كان مفجراً لها، إذ انحصر دوره الكبير في أنه استطاع إطلاق طاقة الجماهير الواسعة، المتمثلة في عشرين أو خمسة وعشرين مليوناً من المصريين، هؤلاء الذين خرجوا في طلب التغيير خلال أحداث يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط ،2011 قبل أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية بعد أن قلبوا الموازين، وغيروا وجه المجتمع المصريrdquo; .

أمانة مؤقتة

حتى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لم يكن قيادة الثورة، فالقوات المسلحة حسبما يقول هيكل: ldquo;أوكلت إليها عهدة سيادة الدولة لضمان استمرار شرعية هذه الدولة وبقاء كيانها، وتلك ليست مهمة قيادة موجهة، وإنما مهمة أمانة مؤقتة، ثم إن فكرة الثورة، وكذلك مرجعيتها لم تكن دينية، وإنما كانت فكرة اجتماعية اقتصادية وثقافية وكذلك مرجعيتها، فالإيمان بالله في قلوب الناس على اختلاف أديانهم، وأما صنع المستقبل فهو مسؤوليتهم، وربما كان ذلك كله هو السبب الرئيس في الخلط الشديد الذي شهدته التجربة المصرية، وهو خلط طال القيادة الشرعية للثورة، وطال مشروعها بما فيه فكرها وخياراتهاrdquo; .

يرى هيكل أن ذلك الخلط حدث ldquo;عندما تصور الشباب الجَسور الذي فجر الثورة أنه هو قيادة هذه الثورة، بينما هو في الحقيقة غير جاهز بعد للقيادة، وقد حدث أيضاً من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تصور نفسه مسؤولاً للثورة، بينما هو مؤتمن على شرعية الدولة فقط، إلى حين العثور على طريق يفتح المستقبل، وقد تصور التيار الإسلامي أيضاً أنه عماد الثورة بل وصاحبها، بينما الصحيح أن أصحاب ذلك التيار كانوا واحداً من روافد الثورة، بينما حدثها الأكبر لم يقع تحت أعلامهم، ولا استجابة لشعاراتهمrdquo; .

أزمة مصداقية

يحمّل هيكل على نحو مباشر النخب السياسية جزءاً كبيراً من مسؤولية ما جرى، وهو يرجع ذلك إلى أن النخب: ldquo;كانت تعيش أزمة مصداقية قول وتأثير وتوجه، ومن ثم فقد حلت وسائل الإعلام وفي مقدمتها الفضائيات محل هذه النخب، بمنطق أن الأضواء والألوان والأصوات يمكن أن تصنع نجوماً، بينما النجوم شيء، والنخب شيء آخرrdquo; .

ينظر هيكل إلى الضجة الانتخابية وحملات المرشحين، وما صاحبها من حالة فوران سادت خلال الشهور الأخيرة، باعتبارها ldquo;ظاهرة توحي باحتمالات كبيرة للأملrdquo;، لكن ذلك لا يعني بنظره أن تحل الانتخابات الرئاسية التي سوف تنطلق بعد يومين المشكلة، فخطاب الانتخابات جاء في معظمه ldquo;ذاتياً وإعلانياً، حتى المناظرة الشهيرة بين عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح كان ترتيبها وإخراجها إعلانياً بامتياز، رغم أنها سابقة مهمة في أساليب الخطاب السياسي المصري .

لا يبدو لهيكل أن أحداً من المرشحين في السباق الرئاسي المصري، يملك صورة كافية للحقائق تمكنه من مهام المرحلة، كما لا يملك أحد منهم رؤية مباشرة أو قريبة لإمكانية فعل أكيد وتنفيذ كفء، أو حتى يملك طاقماً جاهزاً لإدارة الدولة فور تسلمه للمسؤولية، فrdquo;الجهاز الإداري للدولة على حاله، ولوائحها الإدارية والتنفيذية كما هي، بينما مجموعات القيم السائدة في العلاقة بين السلطة والمواطن لم تلحق بعد بهيبة الثورة، وفي الوقت نفسه، فإن مشكلات الأمن مزعجة، وقضاياه معقدة، وهو ما يطرح سؤالاً مهماً: كيف يمكن أن يتصرف أي مرشح إزاء المؤسسات أو إزاء الأجهزة، أو يضطلع بالمسؤولية أمام الناس؟rdquo; .

يرى هيكل في أبوالفتوح ldquo;مرشحاً له كفاءات كبيرة وحضور مؤثر، وتجربة قادرة على الوصول إلى الجماهير، وتأسيس علاقة ثقة معهاrdquo; .

لكنه ينظر إلى مرشح جماعة الإخوان، الدكتور محمد مرسي، باعتباره يمثل الرقم الصعب في السباق الرئاسي، فقوى الحشد الإخواني هذه المرة ستكون على أعلى الدرجات الممكنة، ldquo;لأنهم ببساطة وبعد ما حصلوا عليه في الانتخابات البرلمانية، سوف يفقدون كثيراً إذا خسروا الرئاسةrdquo;، لكنه يضيف: ldquo;القضية أنهم إذا كسبوا فهي معضلة تواجه البلد، وإذا خسرواً فهي معضلة أخرىrdquo; .

ويرى أن عمرو موسى هو ldquo;أكثر المتقدمين للترشيح جاذبية وقبولاً لدى الناسrdquo;، لكنه ينتقد طريقته في إدارة حملته الانتخابية: ldquo;كان في استطاعته أن يقدم نفسه باعتباره رجلاً مهنياً، أدى دوره في إطار السياسات المرسومة، ثم إنه سمع نداء الثورة واستجاب، وأقبل بكل ما لديه من تجربة لخدمة أهدافها، لقد كان جمال عبدالناصر نفسه ضابطاً أقسم اليمين للعرش الملكي، لكن داعي الوطن شده إلى أن يوجه ويكرس ولاءه للشعب، ويقود ثورة 1952 ضد الملك، لذا فإنني واحد من الذين لا يفهمون لماذا يصر عمرو موسى على مقولة إنه اختلف مع سياسات مبارك وعارضها، وذلك في الواقع لم يكن ممكناً، وليس فيه ما ينتقص من كفاءته وتميزه، فالرجل كان في خدمة الدولة، والدولة فيها نظام يحكم، والتفرقة بين النظام والدولة تستوجب أن يحاسب أي طرف على أدائه وعلى سلوكه، خصوصاً إذا لم تكن في تصرفاتهم هم أنفسهم شوائب تمس الكرامة الوطنية، أو تجاوزات تعتدي على المال والحق العامrdquo; .

ينظر إلى المرشح الرئاسي أحمد شفيق، باعتباره ldquo;مرشحاً تتوافر له كفاءات تنفيذية شهدت له بها ولاأزالrdquo;، وهو يلفت في حواره إلى ما يصفه بrdquo;سوء فهمrdquo; وقع بينهما في بدايات الثورة، عندما تحدث في برنامج تلفزيوني عن مخاطر وجود مبارك في شرم الشيخ، كاشفاً عن اتصالات تجري معه، الأمر الذي تسبب في إحراج لكثيرين بسبب علاقاتهم السابقة معه . ويقول هيكل: في هذا الحديث أخذت موقف الفريق شفيق نموذجاً للحرج، بوجود مبارك في شرم الشيخ، ووجود من عرفوه على مواقع السلطة في القاهرة، ولم أزد عن ذلك، لكن الفريق شفيق التبس عليه الأمر، فتصور أنني أقصده بإجراء اتصالات مع مبارك، وهو ما لم أقصده، وقد زاد على ذلك أنني اتهمته بأنه يأخذ طائرته كل صباح ويذهب إلى لقاء مبارك في شرم الشيخ، ldquo;ولم أكن قد قلت ذلك، ولا خطر على باليrdquo; .

روي هيكل تفاصيل لقاءين جمعاه والفريق شفيق في حينها، الأول في بيت الفريق شفيق بطلب من هيكل، الذي كان حسبما يقول مهتماً حينها بتقصي وقائع ما جرى في الأيام الأخيرة من حكم مبارك، وقد كان شفيق شاهداً رئيساً عليها، واتصل الحديث يومها لمدة ساعتين، حول حكايات تلك الأيام الأخيرة وليس غيرها، قبل أن يطلب الفريق شفيق زيارة هيكل في بيته الريفي في برقاش، وهو اللقاء الذي يقول عنه: ldquo;طال حديثنا لثلاث ساعات ونصف الساعة، وكان موضوع الحديث ينصب حول تفكير الفريق شفيق في ترشيح نفسه للرئاسة، وكان حديثنا صريحاً ودوداً، لكنه لم يخف التباساً فيما قلت وفيما لم أقل عن وجود مبارك في شرم الشيخ، إذ ظل ذلك عالقاً في ذاكرة الرجل، رغم مشاعر طيبة وكريمة أبداها تجاهي، وهو يعرف أنها على المستوى الإنساني متبادلةrdquo; .

بحث الكاتب المصري الكبير، محمد حسنين هيكل، خلال لقائه مع المرشح الرئاسي، عبدالمنعم أبوالفتوح، تطورات المشهد الراهن في البلاد وتداعياتها، وذلك مع اقتراب عملية الاستحقاق الرئاسي .

كما بحث هيكل مع المرشح الرئاسي آليات الاستعداد لأول انتخابات حقيقية تمر بها مصر بعد ثورة 25 يناير، والحفاظ على نزاهتها ودور الإرادة الشعبية في تأكيد هذه النزاهة، واستمع هيكل إلى رؤية أبو الفتوح حيال تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، والتي شدد خلالها أبو الفتوح على أهمية أن تضم كافة تيارات المجتمع وفئاته المختلفة .

من جهة أخرى، قام المرشح الرئاسي حمدين صباحي، أمس، بزيارة للكاتب الكبير، فيما استعرض صباحي من الكاتب الكبير رؤيته لمستقبل مصر حال فوزه بالانتخابات الرئاسية، وكذلك أولوياته التي تعهد بتنفيذها في برنامجه الانتخابي . وأوضح صباحي رؤيته لتشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور من كافة تيارات المجتمع والقوى السياسية .