سالم حميد

بدعة جديدة تطل علينا من جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، وهي تشكيل حزب سياسي ديني في الإمارات، وطبعاً بطريقة غير رسمية وغير قانونية، ولا تنم عن تفكير حضاري، حيث يأتي هذا quot;الحزبquot; دون مراعاة للتطور التاريخي لدولة الإمارات، وأيضاً التطور السياسي! هو فعل يهدف إلى خلق بلبلة في المجتمع، وتحديداً في هذا الوقت من حيث استغلال الفرص السياسية في المنطقة، وهو بحق يعبر عن الفكر الإخواني في الانتهازية السياسية والتبعية المباشرة لجماعة quot;الإخوانquot; خارج الإمارات.

جاء في البيان الذي أطلقه quot;الإخوانquot; أن الحزب شكله ثلة من أهل الإمارات، وربما كانت الجماعة أكثر دقة لو كتبت في البيان أن هذا الحزب شكله ثلة من الخونة، حيث يسعون إلى تدمير منجزات البلد وخلق أحزاب وهمية خارجة عن القانون وتابعة ليس للشعب الإماراتي وإنما لإخوان الخارج، وهؤلاء الخونة لأوطانهم ينبغي عزلهم وإبعادهم عن أرض الوطن ليعيشوا مع إخوانهم وليؤسسوا هناك ما شاؤوا من أحزاب.

الحزب الذي أُعلن عنه يلبس عباءة إسلامية وهو حزب ديني، وهنا يريد quot;الإخوانquot; اللعب على مشاعر الشعب عبر ادعاء الإسلام وهو منهم براء، يحاولون بطرق شتى القول إنهم يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية كي يصلوا إلى مبتغاهم في السيطرة على الوطن وربطه بمصالح خارجية للجماعة المنتشرة في الدول المجاورة، وما نسيته تلك الجماعة أن المجتمع الإماراتي مجتمع مسلم يطبق شرع الله، وليس بحاجة إلى واعظ أو داعية كي يرشده إلى دينه، فإسلامنا واضح ولن تنفع تلك التقليعات والادعاءات.

تدعي الثلة الإخوانية أن سبب تأسيس الحزب هو خلق فسحة من التواصل بين المسؤولين والشعب، وكأن هناك انفصالا بين الحاكم والمحكوم في الإمارات! وهنا استغرب من طرحهم، فهل يتكلمون عن الإمارات؟ تلك الدولة التي تسطيع فيها أن تلتقي المسؤولين وولاة الأمر بيسر، وهناك تواصل دائم بين الشعب والسلطة، ودائماً ما تلتقي بالشيوخ وكبار المسؤولين، وتجدهم في الأماكن العامة يتجولون بدون حراسة، آمنين في بلدهم، وهذا لن تجده حتى في أكثر البلدان التي تدعي الديمقراطية!

أيضاً يحاول quot;الإخوانquot; اللعب على وتر الدعوة لوحدة خليجية، ونحن طبعاً كلنا مع أن يكون الخليج كياناً واحداً قوياً، لكن مآرب quot;الإخوانquot; تختلف عن طموحات شعوب الخليج التي تنشد الاستقرار والتطور والرخاء، فيما يدعو quot;الإخوانquot; إلى وحدة خليجية من تشكيلة مختلفة، وهي وحدة quot;إخوانquot; الخليج لكي يسيطروا ويحققوا مصالحهم الشخصية في الخليج قاطبة، وربما بهدف تحقيق مصالح quot;الإخوانquot; في مصر وتونس عبر وحدة quot;الإخوانquot; ليشكلوا إمبراطوريتهم الوهمية.

دائماً ما نقول إن هناك خصوصية للشعب الإماراتي ولمنظومة الحكم فيه، فهذا بلد فريد من نوعه لا يشبه بلداً آخر، صنعته إرادة حكامه وشعبه الذين توحدوا خلف علم الإمارات، لكي يصلوا إلى مبتغاهم في بلد متطور حديث. نعم لا نحتاج إلى تجارب مستوردة من الخارج كي نطبقها في بلدنا حديث النشوء والذي شهد تطوراً متسارعاً خلال فترة قياسية. والزائر للإمارات والمقيم فيها يشهد هذا التطور الكبير. وقبل كل شيء فالمواطن الإماراتي الذي أدرك مرحلة ما قبل الاتحاد، يعلم علم اليقين كيف كان يعيش وكيف أصبح الآن تحت ظل علم واحد، طموح واحد، وحلم بمستقبل واحد.

نعم، جميعنا مع تطور الحياة السياسية في الإمارات لكن بطريقة منظمة وقانونية، فهناك مجلس وطني اتحادي قائم ويتطور بطريقة منتظمة لتطوير المنظومة السياسية ككل، لكن الانتهازية المكشوفة التي يتبعها quot;الإخوانquot; كمنهج إلى مبتغاهم في تحقيق مصالح ذاتية، أصبحت مكشوفة للإماراتيين ولن ينخدعوا بهذه الثلة الخائنة لبلادها، فالإماراتي لا يريد أن تتراجع أحواله الاقتصادية والاجتماعية، ولا يريد أن يضيع في كيانات إخوانية كبرى. نعم نريد أولاً وأخيراً الخير لمواطنينا أما طموحات quot;الإخوانquot; في تشكيل دولة كبرى لهم عبر بلاد العرب، فهو خارج عن اهتمام شعبنا، فولاؤنا للإمارات وحدها ولرئيسها حفظه الله. لنا خصوصيتنا الاجتماعية ونحن مسلمون، إسلامنا واضح لا ريب فيه، أما خسارة خصوصية الشعب الإماراتي عبر ولاء عابر للبلدان، فأمر مرفوض وسنحارب كل من يطرح هذه الأفكار الضالة.

على كل حال، التحقيق مع التنظيم الإخواني والذي كان يخطط لاستهداف أمن الإمارات، أسفر عن اعترافات فحواها أن المجموعة كانت على اتصال مع جماعات خارجية، وأن لها تبعية في الداخل ومرجعية في الخارج، وأن إطلاق quot;الإخوانquot; لحزب ما هو إلا محاولة فاشلة لشرعنة تنظيمهم، وهذا أمر مرفوض، فهناك قنوات قانونية يتوجب عدم تجاوزها، واعترافات تلك المجموعة أقرّت بأنهم يستهدفون أمن دولة الإمارات. وقريباً سنسمع اعترافات خطيرة لذلك التنظيم يكشف فيها ملابسات تورطه، وربما الدول التي تدعمه وأسماء الأشخاص الذين يتصلون معهم والذين يظنون أنهم سيفلحون في زعزعة هيبة دولة الإمارات.

وفي خضم فورة quot;الربيع العربيquot; وسيطرة quot;الإخوانquot; على أكثر من بلد من خلال اقتناصهم الفرص وسرقة الثورات في بعض الدول، يظن أولئك أن الفرصة متاحة لهم في تنفيذ خططهم لتوسيع حركتهم داخل الخليج والإمارات، وهذا التمدد يتطلب تنسيقاً ومساعدة مباشرة من دول بعينها تفتح المجال أمام الإخوانيين، أي أن اتصال الثلة الإخوانية في الإمارات بموافقة هذه الدول يعني في النتيجة أن هناك توجهاً عدائياً يجب شرحه والمطالبة بتفسير واضح من أنظمة ودول عربية. فعلاقات الدول يجب أن لا تتغير وأن تلتزم بالمبادئ الأممية، وعدا عن ذلك فهو تهجم صريح يستوجب مراجعة قانونية صريحة.