جاسر عبد العزيز الجاسر

عقلية وفكر السياسي لا يمكن أن تنفصل عن طبيعة فكره وانتمائه العرقي، ولذلك فالساسة الإسرائيليون لا يمكن أن يتخلوا عن الطبيعة اليهودية التي التصق بها الطمع والمكر وعدم الوفاء بالعهود، توارث جيني لا يمكن التخلص منه، وهو ما يظهر في علاقة مصر بالكيان الإسرائيلي، فالإسرائيليون ظلوا وحتى الآن يشتكون من غياب الأمن وعدم إحكام الدولة المصرية سيطرتها على شبه جزيرة سيناء مما سمح للجماعات المتطرفة بالتسلل إلى شبه الجزيرة وتكوين خلايا (جهادية) تهدد أمن إسرائيل، والآن وبعد أن حزمت السلطة المصرية أمرها وقررت معالجة الأوضاع الأمنية المنفلتة في شبه جزيرة سيناء وأرسلت تعزيزات أمنية وقوات عسكرية بما يتناسب مع المهمة التي طلب من العسكريين تنفيذها وهي تطهير شبه جزيرة سيناء من المتطرفين أخذت إسرائيل تثير الشكوك من وجود القوات المصرية فوق أراضيها إذ (طلبت) إسرائيل وعبر (الوسيط) الأمريكي من الحكومة المصرية وقف إدخال قوات مصرية إلى شبه جزيرة سيناء وإخراج هذه القوات (فوراً) معبرة عن قلقها من وجود دبابات مصرية في شبه الجزيرة المنزوعة السلاح بموجب ملاحق اتفاقية كامب ديفيد.

الإسرائيليون وعبر الرسالة التي وجهوها عن طريق حلفائهم الأمريكيين يطلبون أن يجري المصريون تنسيقاً مسبقاً قبل أي تحرك عسكري وأمني مع الحكومة الإسرائيلية لتطهير سيناء من المتطرفين.

الطلب الإسرائيلي الذي سيواجه رفضاً قاطعاً من الدولة المصرية التي تعيش حالة ثورية لا تسمح لقادتها ومسؤوليها الخضوع لإملاءات تل أبيب وحتى واشنطن، ثم إن الإسرائيليين والأمريكيين أنفسهم كانوا يطالبون بتحرك الحكومة المصرية لبسط الأمن في شبه جزيرة سيناء، وعندما تحرك المصريون حسب ما تفرضه الحالة والأوضاع أخذ الإسرائيليون يظهرون تذمراً من عودة السيادة المصرية على أرضهم التي أرادت بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد أن تقيد تحركات الجيش المصري على أرضه.

رسالة الإسرائيليين تفتح المجال أمام الحكومة المصرية إلى طلب تعديل بنود اتفاقية كامب ديفيد وخصوصاً التي تفرض قيوداً على الوجود العسكري المصري فوق أراضيهم، حيث عملت تلك البنود على جعل شبه جزيرة سيناء شبه مكشوفة أمنياً وعسكرياً ويجعلها غير قادرة على تأمين الأمن الداخلي مما أتاح وجود جماعات إرهابية تهدد أمن المواطنين والأمن الوطني، كما أن تفريغ شبه جزيرة سيناء من القوة العسكرية الفعّالة يجعل موازين القوة مختلة مع إسرائيل التي لا تخفي أطماعها في الأراضي المصرية على الرغم من كل ما تتضمنه بنود اتفاقية كامب ديفيد التي جاءت مجحفةً تماماً بحق مصر وتخدم أطماع إسرائيل مما يستوجب إعادة تنقيحها بما يخدم الطرفين.