القاهرة -أشرف فتحي

د . محمد البلتاجي- الأمين العام المساعد لحزب الحرية والعدالة ldquo;الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمينrdquo;، وعضو كل من البرلمان المنحل واللجنة التأسيسية لكتابة الدستور - أول من هاجم حكومة هشام قنديل والتشكيلة الوزارية التي اختزلت ما بين الإخوان وفلول النظام السابق، والذي أكد أن الحكومة بها وزراء كانوا سبباً رئيساً في الثورة المضادة .
ورغم أنه قيادي بالإخوان المسلمين، فإنه خرج وقال قبل الانتخابات الرئاسية: ldquo;إذا فاز الإخوان بالرئاسة سأنضم لصفوف المعارضةrdquo; .
يرفض اتهام الإخوان بأنهم جماعة تقصي التيارات السياسية الأخرى، واتهم ldquo;إسرائيلrdquo; بأنها المستفيد الأول من أحداث رفح، وقال إن الدعوات للتظاهر ضد الإخوان وإسقاط الرئيس مرسي وراءها بقايا النظام السابق .
وقال في حديثه لrdquo;الخليجrdquo;: إن برنامج النهضة بحاجة إلى تضافر الجهود من كل القوى الوطنية، من أجل استقرار مصر وإن الإخوان المسلمين لن يستطيعوا قيادة سفينة الوطن منفردين، مشدداً على أهمية تعديل الملاحق الأمنية لاتفاقية ldquo;كامب ديفيدrdquo;، وقال: إن الجماعة تطرح تقسيم سيناء إلى أربع محافظات، وأنها ستنافس السلفيين بقوة في الانتخابات التشريعية المرتقبة . . وتالياً نص الحوار:
هناك من يرى أن أحداث رفح الحدودية التي أسفرت عن مقتل جنود وضباط مصريين، تقع مسؤوليتها على عاتق الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، فما تعليقك؟
الحادث الأليم الذي ارتكب في سيناء، جاء في وقت حرج يمر به الوطن، ولم يعد مقبولاً أن تصمت كل الأجهزة المعنية تجاه من يحاول الاعتداء على الجنود الذين يحمون الوطن عبر الحدود، ومن يتهم الرئيس مرسي بأنه المسؤول عن الحادث بسبب توطيد العلاقات المصرية الفلسطينية وسعيه للمصالحة بين القيادات الفلسطينية المختلفة، وذلك لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، أؤكد له أنه غير مقبول أن نلقي بالتهم جزافاً كما كان يحدث في الماضي على أي فصيل بسبب الاختلافات الأيديولوجية والرؤى السياسية حول دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال .
ldquo;إسرائيلrdquo; مستفيدة
ومن تقع عليه المسؤولية؟
المسؤول عن أحداث رفح الأجهزة المعنية بحماية الحدود المصرية مع الكيان الصهيوني، مثل ldquo;المخابرات والأمن الوطني والأمن القومي والبحث الجنائيrdquo; وكل الأجهزة الأمنية التي تقاعست عن حماية الحدود وأهملت العمل، كما أن المستفيد من الحادث الجانب الصهيوني الذي يبث عبر إعلامه أن سيناء مأوى للإرهابيين، كما أن علينا التحري من المعلومات التي تأكدت الفضائيات منها أن ldquo;إسرائيلrdquo; دعت رعاياها في سيناء بمغادرتها قبل الحادث بثلاثة أيام .
وما الهدف الذي تسعى إليه ldquo;إسرائيلrdquo; من التأكيد على أن سيناء مأوى للإرهابيين؟
حتى تبرر ldquo;إسرائيلrdquo; بعد ذلك الاعتداء على حدودنا أو تقطع الطريق على القوى السياسية المصرية التي تطالب بتعديل معاهدة ldquo;كامب ديفيدrdquo;، وخاصة الملاحق الأمنية التي أصبحت بحاجة إلى تعديل دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية المصرية والقوات المسلحة من فرض الأمن في سيناء ومراقبة الحدود ووقف التسريبات الأمنية التي تساندها المخابرات ldquo;الإسرائيليةrdquo; .
لكن هناك تسريبات إعلامية تؤكد أن قيادات الإخوان عاهدت الإدارة الأمريكية بالحفاظ على معاهدة السلام مع الكيان؟
جماعة الإخوان تسعى دائماً إلى استقرار مصر، ولكن ليس على حساب السيادة الوطنية والاتفاق المبرم مع الإدارة الأمريكية، هي دبلوماسية من أجل الحفاظ على الوعود والعهود مع الكيان، لأن سياساتنا ضد نقض العهود كما عاهدنا، لكن هناك اتجاهاً داخل قيادات الإخوان بعد تكرار الأحداث المؤسفة على الحدود المصرية، تطالب بإعادة النظر في الملاحق الأمنية باتفاقية ldquo;كامب ديفيدrdquo; حتى تكون هناك سيادة وطنية كاملة .
وماذا عن تنمية سيناء في ظل برنامج ldquo;النهضةrdquo; الذي خاض به الرئيس مرسي الانتخابات الرئاسية؟
جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة يضعون قضية تعمير سيناء بدءاً من تملك الأهالي للأراضي وتصليحها وزراعة وبناء المساكن بها، أولوية كبيرة لتولي أبناء سيناء المناصب القيادية والأمنية، وإعادة تخطيط سيناء إلى أربع محافظات أمر مطروح وتتم مناقشته بعد أحداث رفح في حزب الحرية والعدالة، بجانب بحث مشكلات وهموم أهالي سيناء التي هي نصب العين أمام كل السياسيين والوطنيين، سواء كان حزب الحرية والعدالة أو الأحزاب السياسية الأخرى .
لكن سياسات الإدانة والشجب للأحداث أمر لا يحل المشكلة، كما أن إصدار بيانات للأحزاب ليس حلاً؟
الحلول الواقعية لملف سيناء تتمثل في تأمين الحدود ونشر الأجهزة الاستخباراتية، من أجل مكافحة الإرهاب ldquo;الإسرائيليrdquo; وإخلاء سيناء من ldquo;الإسرائيليينrdquo;، وإعادة النظر في الملاحق الأمنية بالاتفاقية ووضع ضوابط ورقابة على المعابر المصرية الفلسطينية، والتنسيق مع الجانب الفلسطيني في ما يخص حماية الحدود والمعابر، ومع تفعيل دور الإعلام والمجتمع المدني في ضرورة أن تلتف كل الجهود من أجل تعمير سيناء وتنميتها .
لكن لماذا تطالب جماعة الإخوان المسلمين دائماً بتضافر جهود القوى السياسية في الأزمات فقط، كما حدث في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية وتقصي الجماعة القوى السياسية بعد ذلك، كما حدث في التشكيل الوزاري وrdquo;التأسيسيةrdquo;؟
جماعة الإخوان لا تقصي القوى السياسية، ولكن ما حدث في التشكيل الوزاري الأخير بحكومة هشام قنديل جاء بسبب رفض العديد من القوى السياسية تولي حقائب وزارية، كما أن هناك من يسعى لإفشال اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور من أجل الاستمرار في المرحلة الانتقالية طويلاً، كما أن الجمعية التأسيسية لم يكن بها أغلبية من الإسلاميين، أو أنها بنيت على الطائفية كما يدعي بعض المعارضين الذين أقاموا الدعاوى القضائية التي تطالب بإعادة تشكيلها، ولذلك موضوع التأسيسية ينظر بالمحاكم .
لكن الإخوان ينظمون العديد من التظاهرات لإرهاب القضاء المصري أثناء النظر في قضية حل التأسيسية، فما تعليقك؟
القضاء المصري لن يستطيع أي فصيل إرهابه أياً كان حجم الإخوان، وليس من طباع الإخوان التعدي على الأحكام القضائية، والدليل على ذلك استجابة أعضاء مجلس الشعب المنتخبين لحكم حل المجلس ولأحكام قضائية منها حل التأسيسية الأولى .
وما تعليقك على انخفاض شعبية الإخوان المسلمين في الشارع المصري؟
الإخوان جماعة سياسية تصيب وتخطئ، شأنها شأن كل القوى السياسية الأخرى، لكن الشعبية تعد منحنى قابل للصعود والهبوط وفقاً للمواقف التي تطرأ على الساحة السياسية .
الثورة ضد ldquo;الإخوانrdquo;
ما تعليقك حول الدعوات التي تطالب المواطنين بالثورة ضد الإخوان وإنهاء حكم الرئيس مرسي؟
ما حدث من قبل بعض المواطنين المعارضين لسياسات الإخوان المسلمين أثناء تشييع جثمان شهداء الواجب الوطني في سيناء، وهتاف البعض ضد الإخوان واستخدام الألفاظ البذيئة والسباب للإخوان لا ينم عن احترام للآخر، وسوف يؤكد التاريخ أن الإخوان يعشقون هذا الوطن وقدم العديد منهم تضحيات كبيرة من أجل مصر، فالسجون والمعتقلات كانت تؤوي قيادات وشباب الإخوان، حتى الصف الخامس في جماعة الإخوان كانوا في غياهب السجون أيام النظام السابق في الوقت الذي كان العديد من السياسيين يتعاونون مع النظام السابق .
واليوم هناك العديد من القوى السياسية التي تختلف وتنتقد الإخوان بشفافية وصدقية، بعيدًا عن السعي وراء مناصب بعينها والتمسك برأيها، ولكن الإخوان المسلمين تحترم المعارضة الناضجة التي تهدف إلى مصلحة الوطن لا المعارضين الذين يكرهون الإخوان على حساب حب الوطن .
المكر السياسي
هل الإخوان المسلمون عقدوا صفقات مع النظام السابق؟
النظام القديم كان دائماً يخالف أي وعود مع معارضيه وخاصة الإخوان المسلمين، فكانت وعود الإصلاح والتغيير تسير وفقاً لأهواء قيادات النظام السابق والصراعات التي كانت دائرة بين الحرس القديم والجديد .
لكن سبق أن أكد د . محمد مرسي إبان النظام السابق أن الإخوان لديهم علاقات قوية بالأمن، ولن تدفع بمرشحين ضد رموز النظام آنذاك أمثال زكريا عزمي وأحمد عز وفايزة أبو النجا والراحل كمال الشاذلي فما رأيك؟
أي كيان سياسي في العهد السابق كان يحاول تلاشي قسوة الأجهزة الأمنية التي كانت تطيح وتسجن من يعارضها، وتشق صفوف المعارضين بخلق النزاعات في الأحزاب، والتنسيق معها في الانتخابات التشريعية لا يعني عقد صفقة بل هو نوع من أنواع المكر السياسي للوجود بين متخذي القرار من أجل تشريع قوانين على الأقل تكون في مصلحة المواطنين من دون أن تضرّهم .
بالنسبة للانتخابات التشريعية ldquo;مجلس الشعب، المجالس المحليةrdquo; ما استعدادات الإخوان لها؟
حزب الحرية والعدالة يعقد اجتماعات مكثفة بين العديد من القوى السياسية الأخرى وخاصة الإسلامية، ولكن هناك اتجاهاً قوياً داخل القوى الإسلامية، وعلى رأسها حزب النور بخوض الانتخابات منفرداً، وأتوقع أن تكون المنافسة في الانتخابات قوية، خاصة بعد وجود العديد من التيارات السياسية الأخرى التي أعلنت عن خوض الانتخابات دون التنسيق، ومعظم الكيانات السياسية ستواجه بشراسة ldquo;حزب الحرية والعدالةrdquo;، وبالتالي لن يحصل الإخوان المسلمون على عدد المقاعد التي حصلوا عليها في البرلمان المنحل، وأتوقع أن تكون النسبة ما بين 15% و20% فقط في المجلس القادم .
لكن خوض العملية الانتخابية والتنسيق بين الأحزاب وإدارة العملية الانتخابية كيف يستعد حزب الحرية والعدالة لها؟
الحزب يقوم بالتنسيق بين الأحزاب التي يمكن أن تتحالف معه في كيان واحد لخوض الانتخابات، وهذه خطوة أولى يتم التفاوض عليها، بينما الخطوة الثانية تصفية قيادات الإخوان التي ستخوض المعركة الانتخابية باستبدال الوجوه القديمة بشباب الحزب والوجود بين المواطنين هو السبب والهدف من المعركة الانتخابية، فضلاً عن دراسة الدوائر الانتخابية ومناطق الكتل التصويتية وانخفاض شعبية الإخوان في محافظات معينة تتم دراسة كل هذه الأمور بدقة .
وكم عدد المقاعد التي تستهدفها الجماعة في المجلس القادم؟
جماعة الإخوان تخوض المعركة الانتخابية هذه المرة مستهدفة تحقيق نسبة 45% من مقاعد البرلمان على الأقل، والمعركة الانتخابية لا تعتمد فقط على شعبية المرشح في الدائرة الانتخابية، لكن على القوة التصويتية لمؤيديه في الوقت الذي يخوض فيه العديد من المنافسين المعركة يبقى على المقعد صاحب أكبر كتلة تصويتية قد تكون عائلة كبيرة بمدينة السبب في النجاح .
خلافات مع السلفيين
هناك تنبؤات عن خلافات مقبلة بين السلفيين والإخوان المسلمين، فما تعليقك؟
ليست تنبؤات بل أصبحت واقعاً، فهناك خلافات في العمل السياسي والرؤى بين السلفيين والإخوان، كما أن الانتخابات المقبلة ستشهد منافسة قوية بين السلفيين والإخوان، لكن كل التيارات المتنافسة حالياً متوافقة على ثوابت وطنية واحدة، وهي تحقيق أهداف ثورة يناير وعدم التنازل عن أي هدف من أهداف الثورة أياً كان الفصيل السياسي الذي يعتلي الحكم في مصر بعد الثورة .
وماذا عن الخلاف بين شباب الإخوان ومجموعة من القيادات التي تدير العمل بالجماعة مثل المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك؟
موضوع الخلاف بين شباب الإخوان المسلمين والمهندس خيرت الشاطر، اتخذ موقف تجاهه إذ تمت إحالة الشاطر إلى التحقيق استجابة لمطالب الشباب وتم إنهاء هذا الملف، بينما العلاقة حميمة بين رجل الأعمال حسن مالك وجميع شباب الجماعة، ولم يتقدم أحد من الشباب تجاه مالك بأي شكاوى، لكن كل ما حدث أن بعض المواقع الإلكترونية غير المسؤولة قالت إن الشاطر ومالك يتحكمان في وزارة مالية الجماعة .
لكن البعض يؤكد أن الشاطر هو المتحكم في شؤون الجماعة، ويرى آخرون أنه الرجل الذي يديرها من خلف الستار؟
ليس صحيحاً أن الشاطر هو المتحكم في شؤون الجماعة أو حزب الحرية والعدالة، وكذلك المرشد، فالجماعة تعمل وفقاً لنظام مؤسسي، وهناك مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، كما أن الرئيس مرسي لن يقبل أن تقوم قيادات جماعة الإخوان المسلمين أو أي فصيل سياسي بإدارة شؤون البلاد، لأن مثل هذه الأمور تقلل من شأن دولة المؤسسات التي نسعى لتفعيلها، وهو أمر غير مقبول في مصر بعد ثورة يناير .
كيف ترى مستقبل مصر في الأيام المقبلة؟
مصر على أعتاب مرحلة الاستقرار، رغم ما تعانيه من أزمات ومحاولة البعض إحراج مؤسسة الرئاسة في المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد، لكن المصريين دائماً يتعاونون ضد أي عدوان غاشم يحاول النيل من مكانة مصر ودورها في المنطقة العربية، ومتفائل بأن المستقبل سيكون مشرقاً بدليل أننا أنجزنا خطوات لا بأس بها، مثل انتخاب أول رئيس مدني بعد الثورة، وقرب الانتهاء من كتابة الدستور الذي يحظى بقبول كل القوى السياسية، كما أن وعود المئة يوم ستتم في موعدها مهما كانت التحديات.