روزانا بومنصف

على رغم الانتصارات التي يحققها النظام السوري على معارضيه وفق ما يقول حلفاؤه في لبنان، فان هؤلاء استبدلوه للرعاية السياسية للبنان بايران بمعادلة quot;الالف سينquot; اي ايران والسعودية كمعادلة من اجل اعادة ارساء التوافق السياسي الداخلي مكان السين السين اي quot;سوريا - السعوديةquot; التي روج لها لاعوام قبل ان ينقلب عليها النظام السوري من خلال تدبير الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية التي تم التوافق عليها في الدوحة. انتهى النظام السوري من حيث القدرة على ان يكون مقررا وحاسما في لبنان بحسب حلفائه فيما يخوض المؤثرون من هؤلاء حربا الى جانبه من اجل ابقائه مستمرا حتى اوان التسوية في سوريا دوليا واقليميا، في حين يبقى في نظر خصومه في لبنان قادر على الاذية والسلبية إما مباشرة او بالوساطة.

هذا التحول المباشر كان رئيس مجلس النواب نبيه بري اول من اطلقه باعتباره اول من تحدث عن ضرورة التوافق السعودي الايراني من اجل تسيير الشأن الحكومي المعلق وكرره اخيرا سياسيون ورسميون كثر، البعض عن وعي وادراك لما يعنيه ذلك والبعض الاخر عن تسليم بكل ما من شأنه انقاذ البلد مما يؤول اليه وباعتباره الامر الواقع الجديد الذي لا يمكن القفز فوقه على رغم ان ايران مؤثرة في الشأن الداخلي منذ اعوام من خلال quot;حزب اللهquot;، لكن سوريا كانت المسؤولة مباشرة عن التعاطي المباشر في التفاصيل اللبنانية. ترث ايران النظام السوري بهذا المعنى في لبنان وفق ما يريد سياسيون كثر، في حين يقول آخرون بان الامر غير مقبول وسبق ان اوضحوا الامر للسفير الايراني مباشرة على قاعدة ان ايران لا قدرة لها على التوفيق بين اللبنانيين ولا تتمتع بالقدرة على التأثير او لعب دور بهذا المعنى في الوقت الذي يريد كثر من ايران ليس التدخل في لبنان بل لجم طموحاتها فيه وضبط نفوذ quot;حزب اللهquot; ليس الا.
والاسئلة التي تثار على هذا الصعيد لا تتصل بالشأن الحكومي فحسب بل من زاوية الاستحقاق الرئاسي ايضا. اذ ان افرقاء مسيحيين كثرا كانوا سلموا بتأثير سوريا على الانتخابات الرئاسية نظرا الى اعتبارات كثيرة ليس متاحا تفصيلها في هذا السياق، لكن ابرزها عدم القدرة على التمرد على جوار جغرافي مؤثر ويفرض قواعد لعبته في لبنان الاصغر والتسليم بهذا الواقع طوعا او قسرا. والكلام على الانتخابات الرئاسية واحتمال او ترجيح تأجيلها بات يربطه البعض في هذا السياق باعتبارات متصلة بمحاولة ايجاد حل للازمة السورية وانعكاس ذلك حتما على لبنان تماما كما يحصل في المسائل السياسية الاخرى لكنها تربط ايضا بالاستحقاقات الايرانية اقليميا وعجزها عن التعاطي مع الموضوع اللبناني في زحمة استحقاقاتها المتمثلة بالانتخابات التشريعية في العراق التي يحين موعدها في الربيع والتي بدأت تحتدم الاستعدادات لها في ظل الجهد الايراني لابقاء بشار الاسد في موقعه في الانتخابات السورية المقبلة ايضا، مما يحتم تأجيل التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي اللبناني كما جرى تأجيل الانتخابات النيابية . ذلك ما لم يكن التأجيل والكلام عليه منذ الان وسيلة ضغط لدخول ايران مفاوضا بدلا من النظام السوري على خط تسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان وحتى وصول شخصيات مقبولة منها او من quot;حزب اللهquot; ان لم يكن اكثر كما كان يفعل النظام السوري. فهل هذا ما يتم السعي اليه في العلاقات الغربية المرتقب تطويرها مع ايران في المرحلة المقبلة؟
هذه الاسئلة تقض مضاجع مراقبين كثر يخشون الى جانب هذه الاسئلة انعدام اي وزن للمسيحيين واي تأثير كما في الصراع السني الشيعي القائم حاليا.