تركي الدخيل

لا يمكن لأحدٍ أن يزايد على موقف السعودية من الأزمة السورية، وقفت بقوة مع الإنسان السوري ضد القتل والعنف وهي في جلسات مجلس الوزراء تؤكد على القلق من العنف المتصاعد بسوريا. البيانات الأخيرة من المؤتمرات الإسلامية دعت إلى الجهاد، وكما يعلق الزميل مساعد الثبيتي بتويتر أن هؤلاء يغررون بالشباب وهم قد اشترطوا درجة طيرانٍ عالية وسكن فندقٍ من خمسة نجوم، ويلبسون الزري والبشوت الغالية ثم يريدون من أبنائنا أن يكونوا حطباً لفتاواهم وتغريرهم. الغريب أننا لم نستفد جيداً من الدروس الماضية، أفغانستان في الثمانينات وفي أوائل الألفية الحالية، والبوسنة والهرسك وكوسوفو والشيشان، كلها تضمنت حطباً من الشباب السعودي الذي أريق دمه هدراً هناك ودجن في معارك لا ناقة له فيها ولا جمل.

في صدر الإسلام من يقود الحرب ويعلن الجهاد يكون قائداً لا نائماً في بيته، أو سائحاً في تركيا، بل يقود المعركة كما هو سلوك النبي عليه السلام والخلفاء الراشدين، كانوا على رؤوس الجيش ومع الناس، أما من يدعو إلى الجهاد الآن بكل غرابةٍ نراهم يركضون في بلاد الخضرة والماء والوجه الحسن. لا تغتروا معاشر الشباب والمؤمن لا يلدغ من جرحٍ مرتين. التغرير تحدث عنه أيضاً المفتي بحضور الملك وهذه رسالة إلى أن مشكلة سوريا للسوريين وليست لأي بلدٍ آخر، وأهل مكة أدرى بشعابها. الزميل مشاري الذايدي له كلام على التلفزيون السعودي قبل 11 سنة قال فيها: إن المشكلة لدينا في تحويل الشباب السعودي إلى وقود للمعارك والحروب الطاحنة حتى أصغر البقاع وأقصاها من الشرق إلى الغرب، وتحويل الشباب إلى وقود لا يمكنه أن يتم من دون تجييش ديني، لكن هل يمكن أن ينطلي هذا الكلام على جيل الشباب الحالي؟!

لم يعد الشباب الحالي خفيفاً يقاد إلى التشدد بسهولة او يغرر به في العمليات ومن ثم السجون، أربأ بهذا الجيل أن يكون كذلك وأحسن به الظن، فهو جيل التقنية وقبل ذلك جيل الابتعاث، جيل التعلم والاستزادة، جيل الصفوف الجامعية والمحاضرات الأكاديمية، وليس من جيل الراكضين المنفلتين آنذاك في الثمانينات حين كان الكل يتوق إلى التشدد المتصاعد.

بآخر السطر، آمل أن يقرأ كل شاب مقالتي هذه، وأهمس بأذنه لا تستمعوا إلى فتاوى المنعّمين وهم يريدونكم حطباً، بل عليكم بالاستزادة من العلوم والمعارف، أما الدعم فهو من شأن السياسة والسعودية لم تقصّر، والسلام.