سليمان العيدي

ما يهمنا نحن في الخليج، أن نتذاكره مع هذا الانفراج، وبعد "قمة الرياض"، أن الملفات الاجتماعية والأمنية، على رأس الملفات التي ستكون أمام القادة في "الدوحة"، وأن وحدتنا لا تقبل الفرقة

&


شهدت الرياض خلال الأيام الماضية قمة خليجية مُصغرةً على إثرها أعلْنَ في الرياض عودة السفراء إلى الشقيقة "قطر" التي غابت عن المشهد الخليجي قرابة ثمانية أشهر.. وتباحث الزعماء الخليجيون مع حكيم العرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ في الشأن الخليجي، وقمة الدوحة المقبلة، مما يؤكد انعقادها في وقتها المحُدَّد في أجواء حمَيميةٍ عاد بها الخليجيون إلى بيتهم: "مجلس التعاون الخليجي" الأوْحد في نجاحات تجربته أمام المجتمع الدولي.


وما يهمنا نحن في الخليج أن نتذاكره مع هذا الانفراج وبعد "قمة الرياض" أن الملفات الاجتماعية والأمنية، على رأس الملفات التي ستكون أمام القادة في "الدوحة"، ولست سياسياً حتى أجدول مهام العمل، لكنني أسترجع مع أبناء الخليج نعمة الأمن الذي نعيش رغده طيلة عقود ماضيةٍ وفق نسيج اجتماعي واحد، جمعتنا فيه القرابة وقبله الدين ووحدة الهدف على مدى سنوات مضت ذاق طعمها كل من تعلم في مدارس البحرين وأروقة الرياض ومعاهد الكويت، أو عاش وتنعّم في ربوع الخليج من غير أهله، ممن أتيحت لهم فرصة العمل في منشآت الخليج، مما يؤكد علينا جميعاً المحافظة على مكنونه، والبحث عن أي طريقة تحفظ للخليج وأهله أن يعيشوا بعيداً عن التدخلات الأجنبية، واستغلال بعض الملفات الساخنة فيه مثل: الحدود، والمنشآت النفطية، وضرب اللحمة الخليجية بالطائفية المزعومة، فأهلنا في الكويت هم أهلنا في عُمان، وقطر، ومثلهم في البحرين، والإمارات، ونحن أمام إرث كبير من الحب الاجتماعي نتواصل على حبه، ونجمتع كل عام على قمةٍ خليجية من أجله؛ ذلك أن هذا العمق الكبير والحب الذي جمعنا في الماضي، لا بد أن يستمر في حياتنا اليومية مهما حاول العابثون أن يَبثُّوا فيه سمومهم، فواجبنا ألا نفتح مجالاً لكائن من كان أن يدسّ أنفه في مياه الخليج أو صحراء النفود أو دول المنطقة الموحدة مهما نشأ أو طرأ أيُ خلاف.. وهذا ما حرص عليه حكيم العرب في قمة الرياض خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ عندما شَعَرَ بوجود تصدعٍ في العلاقات بين الأحبة في الخليج، سارع كعادته لجمع الشمل واتحاد الكلمة التي نادى بها أكثر من مرَّة، لتتحقق لأهلنا في المنطقة الراحة والأمان الذي فقد في كثير من البلاد التي حولنا.


إنني أذكر بملف خطير نحن بأمس الحاجة إلى المحافظة عليه، وهو الملف الأمني، والملف الاجتماعي، إذ يقع على عاتق كل خليجي مخلص مهمة الاهتمام حولهما، والتوحد من أجل المحافظة على هذا النسيج الخليجي الذي تأكد بقيام مجلس التعاون عام 1981، ثم استمر عطاؤه كل عام ليضيف مسؤولية حفظ الأمن تجاه المواطن نفسه، وتجاه فتح صفحة جديدة من العلاقة الأسرية التي يكنها كل سعودي تجاه شقيقه القطري، أو الإماراتي، أو غيرهما من أبناء الخليج الموحد، ولنرفع شعار الوحدة صوتاً وعقلاً وتعاملاً في مختلف مناحي الحياة اليومية، وهذا بحمد الله ما تحقَّق وتشهده دول الخليج على مستوى الشباب في دورة الخليج (22) وإعلام الخليج الموحد: (بصوت مجلس التعاون)، وبمنظومة أمانة المجلس التي تحرص على إيصال حقوق المواطن في الخليج عبر أمواجه إلى كل ذرة تراب تتوحد عليها أقدام الخليجيين مهما كانت النفوس، وما تحمله من مراجعة لبعض الملفات التي تنتظر القادة الخليجيين وزعماءنا الحريصين على الوحدة واللحمة التي يتنادى الحاقدون على تَفرقتها مهما بعد الزمن.. وعلينا أبناء الخليج، أن نُسّجل اليوم قبل الغد أن رسالتنا إلى العالم وحدة وطنية خليجية في نسق اجتماعي لا تفرقه طائفية ممقوتة، أو حاسدٌ يتربّص بنا غدراً أن ينجح في مهمته.


نحن خلف قادتنا في كل هدف يحرصون على تحقيقه، ويكفي عبر قصر الرياض، أن نعلن عن نجاح مساعي حكِيم العرب في لَمّ الشَّمل ووحدة الأمة الخليجية عندما استضافهم في قصره العامر بحضور قادة الخليج .. فهي وحدة لا تعرفُ الفُرقة، وأُمة تتجه نحو النجاح وسط عالم اليوم المضطرب.. ليؤكد أهل الخليج أننا في وحدة وأمن وفي تجانس اجتماعي مشترك نتقاسم فيه لقمة العيش، عبر هذا المجلس الذي امتدت نجاحاته كما نجح أبناؤه على مرّ العقود، عندما كان قوتهم من البحر وغذؤاهم من ماشية الصحراء. صبروا حتى فتح الله عليهم هذا الأمن الغذائي والأمن الاجتماعي؛ لأنهم صدقوا خلف قادتهم في توحد أثبتت الأيام نجاحه على مختلف الصعد.. بارك الله لأهل الخليج خليجهم، وسَلمْتَ حكيم العرب لأهلك ولأمنك زعيماً حريصاً على جمع الكلمة ووحدة الصف وترميم هذا البيت الخليجي في قمة الرياض المصغرة.
&