قوى 8 آذار ومعركة الرئاسة الأولى عون المرشّح الأول وثمة خيارات مُضمرة

ابراهيم بيرم

ربما للمرة الأولى تعتبر قوى 8 آذار نفسها أنها في قلب معركة الانتخابات الرئاسية مباشرة، فهي هذه المرة لا تكتفي بانتظار اسم مرشح من هنا أو من هناك لتدلي برأيها حوله، سلباً أو إيجاباً، بل هي بكّرت في النزول الى ميدان هذا الاستحقاق عندما انبرى الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله ليكشف عن أمرين أساسيين:

الأول: أن فريقه السياسي ليس في وارد القبول بأي تمديد أو تجديد للرئيس ميشال سليمان.


الثاني: دعوة هذا الفريق للاستعداد لخوض معركة الاستحقاق الرئاسي بتسمية مرشح من لدنه.

هذا الكلام قاله صاحبه قبل أكثر من ستة أشهر استشرافاً منه ومن فريقه لأهمية هذا الحدث على مجرى الوضع العام بناء على ثلاثة معطيات راسخة:


1 ndash; أن العلاقة بين فريق 8 آذار وبين الرئيس ميشال سليمان كانت بدأت تمر بمرحلة من الفتور والنفور خصوصاً بعدما أعلن سليمان ما يشبه quot;حرباًquot; إعلامية ndash; سياسية على أداء الحزب مستغلا ما اعتبره quot;نقطة ضعفهquot; الاساسية المتمثلة بانخراطه في الميدان السوري.


2 ndash; أن فريق 8 آذار استشعر بأن موقفه الآن هو أقوى بكثير من موقفه إبان المرحلة التي تلت انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود عام 2007.


وبمعنى آخر، شعر هذا الفريق بأنه صار حالياً في حالة هجوم ومالكاً للمبادرة ولم يعد في حال دفاع وانكفاء كما في تلك المرحلة، أي أن الأدوار والمواقع تغيرت بينه وبين خصمه.


3 ndash; ايقن هذا الفريق أن المرحلة المقبلة تحتاج الى مبادرة منه، عبر تسمية مرشحه وبالتالي المضي به حتى الرمق الأخير لأن الوضع الإقليمي قد لا يسمح بانتاج رئيس توافقي، أو بانضاج تسوية يولد من رحمها الرئيس التوافقي.
فقوى 8 آذار تدرك، كما الجميع، أن المعبر الى الاستحقاق الرئاسي في لبنان يحتاج حكماً الى مرتكزين خارجي وداخلي، واستطراداً فإنها تعلم علم اليقين أن حال الفوضى وانعدام الوزن في المنطقة عموماً وتشرذم المحاور الاقليمية بفعل الحدث السوري تحول دون تبلور المرتكز الخارجي في الأشهر الثلاثة المقبلة على الأقل. وبناء على هذا المعطى يلج فريق 8 آذار الباب المفضي الى معركة الاستحقاق الرئاسي من خلال الوقوف صراحة ومن دون أدنى تردد وراء مرشحه الحصري لهذا الإستحقاق وهو رئيس quot;تكتل التغيير والاصلاحquot; العماد ميشال عون.


وقد حسم الموقف الواضح لـquot;حزب اللهquot; في دعم ترشيح عون كلاماً كان راج سابقاً في أوساط سياسية واسعة فحواه أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يميل الى دعم مرشح آخر، يرتبط به بصداقة قديمة، فالمعلوم انه في الامور ذات الطابع المفصلي والمصيري لا يمكن إطلاقاً ان يكون quot;حزب اللهquot; في مكان والرئيس بري في مكان آخر، والتجارب اثبتت صحة ذلك.


ولا يخفي أركان فريق 8 آذار انهم يدخلون غمار معركة الرئاسة وهم أكثر راحة وهدوءاً وتوازناً من الفريق الآخر، فهم لا يمكن الا أن يكونوا مع ترشيح العماد عون أو مع من يسميه هو في أضعف الاحتمالات، وتلك مسلّمة أثبتت التجارب المتعددة انها ثابتة لدى quot;حزب اللهquot; واثبتت ايضاً ان الرئيس بري لا يملك ترف ان يذهب إلى مرشح آخر. في حين أن فريق 14 آذار يعيش في نظر هؤلاء الأقطاب أزمة حقيقية من عناوينها العريضة:
- كثرة الراغبين من فريقه المسيحي في خوض الغمار كونه يعتبر نفسه الأكثر استحقاقاً.


- أن رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع استغل هذه الخاصرة السياسية الرخوة وبادر الى ترشيح نفسه حتى من دون الوقوف على خاطر حلفائه، كما افصحت مواقفه هو، وبالتالي خاض هذه المغامرة واضعاً حلفاءه امام أمرين أحلاهما مر، فإما الوقوف معه كمرشح حصري، واما لكل حادث حديث، ولكل مقام مقال وخصوصاً ان جعجع سبق له وتلقى كلمة صريحة وجلية من الرئيس سعد الحريري قبل اكثر من عام وجوهرها ان جعجع هو المرشح الأول لفريق 14 آذار للرئاسة الأولى انطلاقاً من مقولة ان موازين القوى السياسية والنيابية تحكم على هذا الفريق السعي بكل جهد للاتيان برئيس من لدنه مباشرة، وسد الأبواب أمام اي رئيس توافقي.


وهكذا يرى هؤلاء ان جعجع ولج إلى الميدان الرئاسي من منطلق انا أو لا أحد مع ادراكه التام ان في فريقه مرشحين آخرين معلنين هما الرئيس أمين الجميل والوزير بطرس حرب، في حين ان ثمة مرشحاً ثالثاً يطرح كرئيس توافقي هو النائب روبير غانم انطلاقاً من انه شخصية غير صدامية لا تثير حساسية الفريق الآخر، فضلاً عن أنه حافظ على قنوات تواصل وخطوط اتصال مع فريق 8 آذار في ذروة الازمات وحالات القطيعة بين الطرفين.


وهكذا يمكن فريق 8 آذار ان يقول بصراحة ووضوح انه ذاهب إلى معركة الرئاسة الأولى وهو أكثر ثقة بخياراته وأكثر ثقة بنفسه وليس لديه اي تباينات او تجاذبات داخلية.


وأكثر من ذلك، فإن هذا الفريق لا يخفي اطلاقاً انه تفاهم سلفاً مع النائب العماد عون على أن يترك له هو حرية تظهير طريقة ادارته لمعركته الرئاسية، فهو فتح ابواب الحوار منذ أشهر عدة مع تيار quot;المستقبلquot; وكانت له فرصة لقاء زعيمه الرئيس سعد الحريري في روما، فضلاً عن انه فتح حوارات مع عواصم اقليمية وجهات غربية، وان يقدم رؤية برنامج عمله في حال وصوله إلى قصر بعبدا ينطوي على قدر من quot;الاستقلاليةquot; في حين يعلن رموز فريق quot;التيار الوطني الحرquot; ان عون ليس مرشح 8 آذار حصراً بل هو مرشح يحظى بدعم هذا الفريق ويطمح الى ان يجد دعم أفرقاء آخرين.


أما ما هي خيارات هذا الفريق اذا ما كانت الأبواب موصدة أمام عون في بلوغ سدة الرئاسة الأولى، فليس غريباً أن لدى هذا الفريق خيارات أخرى متعددة، ولكن الأكيد انه لن يترك لخصمه فرصة أن يكون الفارس وحده في هذا الميدان خصوصاً اذا ما صار جعجع مرشحه الحصري مع يقينه بأن ثمة صعوبات كبرى تحول دون أن يتبنى فريق 14 آذار وتحديداً تيار quot;المستقبلquot; جعجع مرشحه للرئاسة الأولى، وهو إن اضطر إلى ذلك سيكون له مرشح آخر معلن وثالث مضمر للمساومة.