عدنان حسين

من قبلُ قالها الشاعر والصحفي الشامي أديب اسحاق (1857 ndash; 1885م):
قتل امرئٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتَفر
وقتل شعبٍ آمنٍ مسأَلةٌ فيها نظر
كذلك هو قانون العدالة الغائبة أو الناقصة والقضاء الذي يرى في الكلام المكتوبة به مواد القانون كتلاً صماء لا حياة فيها ولا روح ولا حيوات وراءها ولا أرواح. فلا عجب اذاً إذا ما حصل في بلد ديمقراطي، أو يقول حكامه انه ديمقراطي وانهم حراس بوابة الديمقراطية فيه، أن ينتقد نائب أو سياسي من خارج البرلمان أو صحفي أو كاتب، موظف خدمة عامة، رئيس وزراء كان أم وزيراً أم نائباً أم غيرهم، فيُلاحق قضائياً بتهمة إهانة موظف عمومي أثناء الخدمة أو بتهمة التشهير، وتُفرض عليه غرامة مالية ثقيلة أو يُحرم من الترشح في الانتخابات البرلمانية، فيما تُزال كل العقبات القانونية والدستورية والأخلاقية من أمام إرهابي سفاح لكي يتحدى الوطنيين الشرفاء وينافسهم على عضوية مجلس النواب، متمتعاً بأرفع حظوة لدى الحكومة والقائمين عليها وبكل التسهيلات من قضاء لا يعرف كيف يحفظ كرامته ويصون ضميره الكامنين في استقلاليته.


القضاء مكّن مشعان الجبوري من العودة الى الحلبة الانتخابية، وهو أمر كان متوقعاً بقوة، فالذين quot;تحلواquot; بذلك القدر الفائق من الوقاحة لكي يعيدوه الى البلاد معززاً مكرماً وبتبييض غسيله القذر، كان من الواضح انهم يريدون مشعان رغماً عن أنوف 35 مليون عراقي، من دون مراعاة لمشاعر مئات الآلاف ممن كانوا ضحايا الإرهاب والعنف الطائفي اللذين كان مشعان من أبرز النافخين في نارهما.


قبل أن أهنئ السيد نوري المالكي والمحيطين به في الدولة وقيادة حزب الدعوة الاسلامية ممن سعدوا بعودة مشعان الى الحظيرة الانتخابية، أود أن أذكِّر من تنفعه الذكرى بان وجود مشعان في مجلس النواب الجديد أو في حكومة المالكي الثالثة سيكون خرقاً صريحاً لنص المادة (50) من الدستور التي يتعهد فيها النائب والوزير بـ quot;أن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه، وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة، واستقلال القضاء، والتزم بتطبيق التشريعات بأمانةٍ وحيادquot;، فمشعان قطع عهداً على نفسه بأن يعمل، اذا ما انتخب الى البرلمان، على إنهاء quot;الاحتلال الكرديquot; للعراق، وهذا يعني انه سيشن الحرب على الكرد لينهي quot;احتلالهمquot;، ومع هذه الحرب لن تكون هناك محافظة على استقلال العراق وسيادته ولا رعاية لمصالح شعبه الذي يشكل الكرد جزءاً رئيساً منه بوصفهم القومية الثانية في البلاد، ولن تكون هناك سلامة لأرض العراق وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي، ففي ظل الحرب التي يقرع مشعان طبولها سينتهي كل شيء مثلما انتهت سيادة العراق وسيادته وسلامة أراضيه وسمائه ومياهه وثرواته في ظل حروب صدام حسين الذي ما انفك مشعان يمجده ويترحم على روحه.
إنها المرحلة المشعانية .. هنيئا للسيد المالكي وصحبه بها؟