أشرف العشري

&


أعتقد أن الوقت أصبح مناسبا ونحن على أعتاب مرحلة فاصلة من صياغة اتفاق هدنة فلسطينيةـ إسرائيلية برعاية مصرية خلال جولة المفاوضات الثالثة التى ترعاها القاهرة حاليا التى ربما تكون الأخيرة لاقناع الجانبين بالتوقيع على هذا الاتفاق

الذى أصبح جاهزا ولم يعد يحتاج سوى إلى بعض التفاهمات حول قضايا عالقة وضبط مصطلحات وصياغات، أن تبدأ حركة حماس وقياداتها فى الداخل وبارونات المكتب السياسى فى الخارج جردة حساب فاصلة ودقيقة لمجمل الأخطاء والخطايا التى ارتكبتها بخوضها هذه الحرب غير المتكافئة من حيث الإمكانات والأهداف والتوقيت بالمرة مع جيش الاحتلال الاسرائيلى وجماعة النازيين الجدد فى اسرائيل من أمثال نيتانياهو ويعالون وليبرمان.
حيث إن الملاحظ أن جهابذة حماس قد وقعوا فى الفخ وابتلعوا الطعم لخوض غمار تلك المواجهة الخاسرة دون إدراك لحسابات الربح والخسارة والزج بقطاع غزة وشعبها بأكمله فى أتون معركة القصف والابادة الوحشية العسكرية والصاروخية لجيش الاحتلال البغيض.

جردة الحساب تلك ضرورية ومطلوبة من فريق المقاوير والنشامى من قادة حماس فى الخارج وبصفة خاصة أمثال خالد مشعل ومحمد نزال وعزت الرشق وغيرهم كثر الذين ارتهنوا قرارهم وارادتهم لأطراف اقليمية دفعت بهم إلى أتون هذه النيران وامتثلوا لسياسة الاملاءات من قبل أطراف بعينها، أمثال تركيا وقطر اللذين كانا وبالا وخديعة على الشعب الفلسطينى، حيث خطفا القرار من قيادة حماس والزج بهم إلى الجحيم بعينه بهدف خلط الأوراق فى المنطقة ومعاقبة واحراج النظام الجديد فى مصر وإثارة كثير من الغبار السياسى والأمنى عليه وحشره فى الزاوية وتكسير أقدامه طيلة التعامل مع فصول هذه الأزمة. وفى تقديرى أن جثث أكثر من 2000 قتيل وعشرة آلاف مصاب باتت فى رقاب تلك الدولتين المارقتين تركيا وقطر اللذين خربا عقولا وعبثا بأدمغة قادة حماس لرفض المبادرة المصرية منذ إطلاقها ، ومن ثم تحطمت أسطورة العناد التركى ـ القطرى على صخرة النفوذ المصرى، ومن ثم عادا وسلم الجانبان واقتنعا مع حماس حاليا انه لا بديل عن مصر والمبادرة المصرية لإنهاء هذا العدوان، فكانت المحصلة ذلك الخسران المبين لهذين البلدين ناهيك عن فاتورة باهظة وأثمان دموية دفعتها غزة وشعبها. ومن ثم بقيت مصر بثقلها وتاريخها وتراكم خبراتها الرقم الصعب والراعى والداعم الرئيسى والديناميكى عبر حركتها لوقف هذا النزيف والقتل وحرب الابادة النازية.. وفى المقابل ماذا جنت حماس وغزة وأرضها وشعبها غير الموت والخراب والدمار واستنزاف مخزون صواريخ حماس الاستراتيجية التى كان يجب الابقاء عليها لمعركة فاصلة وحاسمة فى التوقيت المناسب، وماذا فعلت وسددت قطر غير حفنة دنانير رخيصة وعناد وعنتريات فارغة من ذلك المخبول السلطان العثمانى الجديد فى اسطنبول رجب طيب أردوغان.. فماذا فعل لحماس وعساه أن يفعل..؟

وفى هذا السياق أيضا لاشك أن معركة غزة كانت مرحلة حاسمة ومهمة للجانب المصرى لاحداث الفرز الحقيقى لتبيان العدو من الصديق، فمواقف هؤلاء المزايدين على الدور والحراك المصرى فى مثل هذه الأزمة وكان دورها معروفا . ولكن ما يحزن ويقع فى النفس هذه المرة كان موقف السيد وليد جنبلاط الزعيم اللبنانى الدرزى الذى فاجأنى جنوحه ضد مصر ولاشك سيحزن كل مصرى عندما يعلم تلك الاشارات والنيل الضمنى من دور ومكانة مصر فى معركة غزة الأخيرة خاصة عندما وجه الطعنات واللوم لمصر وحدها عبر عبارات غير مباشرة فى آخر لقاء وإطلالة جامعة له مع زعماء الدروز فى لبنان فى الأيام الماضية، حيث اطلعت على تلك المواقف لجنبلاط قراءة ورؤية مباشرة عندما انهال بالطعنات فى نهاية لقائه على ما يحدث فى غزة والدول فى إشارة إلى مصر التى تغلق المعابر وتخنق وتقتل الشعب الفلسطينى وحده وتترك العدو الصهيونى يذبح الفلسطينيين فى غزة. وراح جنبلاط فى عصف فكرى ومزاج حاد مندفع عصبيا كعادته وخطاب فتونى يصب جام غضبه على مصر وحدها دون أن يذكرها بالاسم، ولكن كل لبيب بالإشارة يفهم، وظهر فى صورة الأسد الجسور فى محالة لاتباع المنطق اللبنانى عبر حرب التشويه والالغاء للدور والتضحيات المصرية لأكثر من 66 عاما لحساب ومصلحة القضية الفلسطينية وقضايا ونكبات العرب جميعها. وأعتقد أن جنبلاط ابن البيت العروبى القومى لكمال جنبلاط يعلم قبل غيره حجم وأثمان وفواتير تلك التضحيات المصرية والمواقف النضالية لمصر قيادة وشعبا طيلة السنوات الماضية، حيث كانت وما تزال العروبة هوية وانتماء وقدرا لمصر والمصريين ولم يتاجروا يوما بقضية فلسطين ومآسى غزة والعرب مثل بقية المنبطحين العرب، فالسيد جنبلاط واهم ومتجن لو أعتقد عكس ذلك الآن فى مصر وموقفها الأخير فى حرب غزة وبكل تأكيد أقول له إن موقفك الأخير من مصر غير موفق وتحليلك للأجواء والحرب حاليا فى غزة مبنى على قواعد غير سليمة.

وليسأل جنبلاط نفسه وغيره من المقربين أين كل العرب من بطولات المصريين فى فلسطين لعقود وأزمان طويلة فلا تختبر عداوتنا ولا تدفع بالمصريين الآن ليندموا يوما على فتح أبوابهم ومطاراتهم لاستقبالكم واحتضانكم دوما.

ورغم كل ذلك فمازال من الحب جانب كبير فى قلوبنا لجنبلاط وأقول له «نحن نختلف معك ولا نختلف عليك».
&