& أحمد الفراج&


في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، تحصل مفجآت لا تخطر على بال، وغني عن القول إن المواطن الأمريكي لا ينتخب من يريد، ولكنه يصوت لأحد الخيارات المطروحة أمامه، ولنتذكر أن الديمقراطية هي أفضل أشكال الديكتاتوريات، وللعلم فلم يفز برئاسة أمريكا في تاريخها الطويل أي مرشح مستقل، أو مرشح ينتمي إلى حزب غير الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، علما بأن هناك عشرات الأحزاب السياسية، التي ربما لم تسمعوا بها، مع أن لها نشاطات، ومرشحين، سواء للرئاسة، أو لحاكمية الولايات، أو الكونجرس، أو عمودية المدن، فهذه هي الإمبراطورية الأمريكية، والتي تمارس ديمقراطية منتقاة، إذ من الممكن أن يصوت أغلبية الشعب لمرشح معين، ثم يخسر في النهاية، كما حصل للمرشح الديمقراطي، ألبرت قور، في عام انتخابات الرئاسة لعام 2000، أمام جورج بوش الابن.

عرض الانتخابات الأمريكية يستمر لفترة طويلة، وهو يشبه السيرك، وفيه من المتعة الشيء الكثير، وحاليا يتمتع المرشح الجمهوري الثري، دونالد ترمب، بفرصة العمر، ويقاسمه ذلك المرشح الجمهوري الأسمر، الدكتور بين كارسون، وفي الطرف الآخر، تحلق المرشحة الديمقراطية، السيناتورة هيلاري كلينتون بعيدا عن بقية المرشحين، باستثناء منافسة المرشح المستقل، والديممقراطي حاليا، برني ساندرز لها، وهذا غير مستغرب، نظرا لتاريخ هيلاري كلينتون السياسي الطويل من جهة، وانسحاب نائب الرئيس أوباما، السيناتور جوزيف بايدن من السباق، ومع أن فرص هيلاري بالفوز كبيرة، نظرا لعدم وجود منافس جمهوري قوي، إلا أن ما قد يعرقل جهودها هو رغبة الشعب الأمريكي بالتغيير، بعد أن حكم الحزب الديمقراطي لفترتين رئاسيتين، منذ عام 2008، خصوصا وأن الشعب الأمريكي لم ينتخب أي حزب لثلاث مرات متتالية إلا مرة واحدة، وذلك منذ عام 1948، وكان ذلك عندما انتخب الرئيس الجمهوري رونالد ريجان لفترتين رئاسيتين ( 1980-1988)، ثم انتخب نائبه الجمهوري جورج بوش الأب لفترة رئاسية واحدة (1988-1992)، وسيكون هذا هاجسا مقلقا لهيلاري كلينتون.

ترى هل سيستغل الحزب الجمهوري، الضعيف حاليا، هذه الثغرة، ويعمل على تهذيب وتقديم مرشح مقنع، يتناسى معه الشعب الأمريكي رغبته بالتغيير، أم سيراوح مكانه، كما يحصل الآن ؟!، لأن هناك إجماعا عارما لدى المعلقين بأن أيا من مرشحي الحزب الجمهوري الحاليين لن يصمد أمام هيلاري، ويبدو للمتابع أن هيلاري، والتي خرجت من سباق الرئاسة، في عام 2008، بصعوبة بالغة، وتجرعت السم بسبب ذلك، عاقدة العزم على أن تدخل التاريخ كأول سيدة تحكم زعيمة العالم الحر، لأنها لا زالت تتذوق مرارة خروجها من السباق أمام باراك أوباما، فهل سيستطيع الجمهوريون مقارعة هيلاري، أم أنها ستكون في موعد مع التاريخ مرتين: كأول سيدة تنتخب رئيسة، وكأول زوجة رئيس تنتخب رئيسة هي الأخرى، فيا لطول الانتظار!.