هارون ي. زيلين

بالنسبة إلى أولئك الذين يسعون إلى إلقاء اللوم لوقوع هجمات باريس على اللاجئين، فمن المفيد في هذا السياق إلقاء نظرة على موقف تنظيم "داعش" من اللاجئين. ولا بد من الإشارة بشكل خاص إلى الكيفية التي يتمكن بموجبها تنظيم داعش استخدام هذه الهجمات لإذكاء التوترات بين الأغلبيات العرقية الأوروبية والأقليات المسلمة واللاجئين الذين وصلوا حديثاً. وبنفس القدر من الأهمية، يُشكل تدفق المهاجرين ظاهرة مرفوضة بالنسبة للتنظيم، إذ يقوض رسالة التنظيم بأن ما أسماه بالخلافة هي الملجأ. وإذا كانت الخلافة هي الملجأ، لكان مئات الآلاف من الناس استقروا بشكل مؤكد في أراضيها بدلاً من المخاطرة بحياتهم في رحلات يائسة إلى أوروبا. وبالتالي فإن رد الفعل المعادي للاجئين لا يعزز سوى ادعاءات داعش ومخاطر تحفيز التوترات التي يمكن تجنبها في المستقبل.


إن وجود مجتمع منقسم في العراق وسورية، يجعل داعش يأمل بأن يفعل الشيء نفسه في أوروبا من خلال إجبار الأفراد على التحيز، واللجوء إلى المشاعر العشائرية والغريزية، أو القضاء على "المنطقة الرمادية" كما وصفها التنظيم في وقت سابق.


وحيث إن هذه المسألة تتعلق باللاجئين، فصحيح أنه يمكن لتنظيم داعش استغلال الأزمة لإدخال عملاء إلى أوروبا. لكن في الوقت نفسه يجب على المرء أن يتذكر أن التنظيم يضم بالفعل الآلاف من الأعضاء الذين يحملون جوازات سفر من دول من الاتحاد الأوروبي إلى جانب مزوري وثائق ماهرين. لذلك، فإن السبب الوحيد لدس عناصر إضافية في تدفقات اللاجئين يكمن في إثارة ردة فعل عنيفة ضد اللاجئين السوريين وغيرهم، فضلاً عن السكان المسلمين الأوروبيين الأصليين. وحتى لو حدث ذلك، فلا يجب استخدام العدد القليل من الجهاديين الذين اندسوا من أجل الإساءة إلى 99% الآخرين.
لذلك، ينبغي على الولايات المتحدة ودول أوروبا الاستمرار في الرصد الدقيق للداخلين من حدودها، وفي الوقت نفسه توفير ما يلزم من شبكات الدعم والمساعدة بحيث يشعر اللاجئون الذين وصلوا حديثاً بأنهم موضع ترحيب وجزء من المجتمع الأوسع. ومن دون رؤية طويلة الأجل لدمج اللاجئين، وبالاعتماد فقط على الواجب الأخلاقي، من المرجح أن تواجه الدول الأوروبية مشكلات مماثلة لتلك التي شابت سياساتها تجاه المهاجرين.


ومن جهتهم، لا بد للاجئين أن يفهموا طرق اختلاف المسؤوليات والتوقعات كمقيمين ومواطنين مستقبليين في ديموقراطية ليبرالية عن مثيلات هذه المسؤوليات والتوقعات في مجتمع سلطوي. ولن تكون أي من هذه الخطوات سهلة، ولكن مع الاحترام المتبادل والتفاهم والتعليم، يمكن لأوروبا أن تتطلع إلى صورة أكثر إشراقاً على المدى الطويل. وغني عن القول، إن مستغلي قضية اللاجئين وخطاباتهم وسياساتهم المقترحة ستؤدي إلى غايات تثبت صحتها وتجعل الجميع أقل أمناً.