&«أمير هاشمي» يقود جيلا جديدا ضمن التيار السلفي والجهادي الأردني: حوارات علمية «سرية» داخل السجون تتصدى لأفكار تنظيم الدولة


طارق الفايد

ظهر مؤخرا في الأردن جيل جديد داخل التيار السلفي الجهادي غير معروف في الأوساط السلفية التقليدية وقياداتها، هدفه الأول الترويج لأفكار تنظيم الدولة الإسلامية من خلال استخدام الشبكة المعلوماتية عبر إنشاء مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل أسماء عديدة مثل «الخلافة باقية» و«الدولة باقية» و«الخير والإحسان» وغيرها.
وصعدت السلطات الأردنية في الأيام الماضية من إجراءاتها الأمنية وكثفت حملة اعتقالات واسعة شملت عدة مدن ومحافظات ضد الفكر الجهادي كجزء من الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، طالت كل مروج ومتعاطف معه عبر استخدام الشبكة المعلوماتية.
وتتفاعل السلطات الأردنية مع منحنيات الإنعطاف في الجيل الجهادي الجديد بسلطة قانون العقوبات حيث يخضع حاليا 50 شخصا على الأقل للمحاكمة بتهمة التخابر مع منظمة إرهابية فيما تم إعتقال والتحقيق مع مئة شخص من هذه الفئة على الأقل من بين 250 معتقلا سلفيا على الأقل.


وذكر مراقبون أن جزءا من الجيل الجديد هم من السوريين الذين دخلوا البلاد كلاجئين ينتمون أصلا لحركات إسلامية في سوريا، فيما يشكل الأردنيون الجزء الأكبر من هذا الجيل وهم من جماعات وأوساط سلفية.
وترتاب السلطات حصريا بإحتمالية وجود خلايا نائمة لصالح تنظيم الدولة أو متعاطفين معه تحديدا في صفوف اللاجئين السوريين وقد ظهر ذلك لأول مرة فعلا في الصف القضائي خلال تدشين محاكمة لاجئ سوري مسجون حاليا بتهمة التخطيط لأعمال تصفية وقتل لصالح تنظيم الدولة.
وإتهم اللاجئ المشار إليه بالتخطيط لإغتيال طيارين أردنيين قيل انهم شاركوا في حملات القصف على الرقة فيما أعدت محكمة أمن الدولة الأردنية لائحة إتهام مباشرة غيابية بحق المفتي العام لتنظيم الدولة بتهمة «تجنيد» شبان في الساحة الأردنية.
وتصل أحكام كل من يتم اعتقاله من المروجين للأفكار الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات، فيما تصل الأحكام الغيابية إلى 15 عاما.
وأكد محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبداللات لـ«القدس العربي» أن السلطات الأردنية اعتقلت خلال الأيام الماضية عشرة أشخاص بتهمة الترويج لجماعات ارهابية، فيما تم اعتقال أكثر من 250 شخصا منذ ستة أشهر حتى الآن بإتهامات متعددة ومتنوعة لها علاقة بنشاط سلفي وجهادي.
ومن أبرز المعتقلين القيادي في التيار السلفي خضر أبو هوشر الذي مضى على اعتقاله 120 يوما وهو في حالة مرضية سيئة، وفق ما أكده المحامي العبداللات، الذي طالب بإطلاق سراحه فورا لعدم توجيه تهمة أو سند قانوني لاحتجازه.
واشتكى من ظروف لقائه مع موكليه من التنظيمات الإسلامية، الذين يتم وضعهم في زنازين انفرادية بسجن «الموقر2» لفترات طويلة، مشيرا إلى أن هذه اللقاءات تتم تحت مراقبة واشراف الأجهزة الأمنية.
وكشف العبداللات أن جهات أمنية شكلت مؤخرا لجنة برئاسة الأمير غازي بن محمد وعضوية عدد من علماء الشريعة وأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مهمتها إصلاح المعتقلين وتأهيلهم فكريا ونبذ أفكار تنظيم الدولة الإسلامية، مبينا أن أعمال هذه اللجنة ذات طابع سري وغير معلن.
ولم يكشف النقاب عن حيثيات وآليات عمل هذه اللجنة لكنها حلقة في خطة طويلة الأمد لمواجهة التطرف الفكري بين صفوف المواطنين والشباب يشرف عليها القصر الملكي وتحظى بدعم المستشار الديني للملك الأمير غازي بن محمد وتتم عبر شخصيات عالمة من الأردن وموثوقة وقادرة على إدارة الحوارات الدينية.
ويبدو ان الاستعانة بشخصيات دينية ضمن هذه اللجنة التي تقوم بعملها يشكل إستراتيجية الآن لمواجهة الإكتشافات عن الجيل الجهادي والسلفي الجديد الذي يرفض الإعتراف بالقيادات والمرجعيات السلفية المألوفة في محاولة على الطريقة المصرية للتحدث مع المتشددين في السجون ومراكز التوقيف ومحاولة دفعهم نحو الإعتدال عبر الرد على المنطق الشرعي الذي يستخدمه تنظيم الدولة في تبرير عملياته .
الجهد المتعلق بإقامة «حوارات» خلف القضبان لثنيهم عن التعاطف مع التنظيم يستند إلى فكرة الدفع بإتجاه إعتبار التنظيم من «الخوارج بالمعنى الشرعي» وهو جهد يحاول التأسيس لنظرية الخوارج بالمدلول الديني وتحويله إلى مدلول سياسي.
وسبق للعاهل الملك عبدالله الثاني ان إستعمل وصف الخوارج عدة مرات في خطاباته وتصريحاته عند الإشارة للتنظيم رغم إعتراض بعض السياسيين حوله على الأمر كما فهمت «القدس العربي».
ومن المرجح ان خطوات أساسية تتفاعل خلف الأضواء في المؤسسة الرسمية الأردنية لمنع تنظيم الدولة من إجتذاب المزيد من المتعاطفين في الأردن خصوصا بعد الكشف عن «خلية نسائية» في مدينة الكرك تمكنت فعلا من إجتذاب فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها للسفر إلى إسطنبول بهدف الإنضمام للتنظيم.


ولا توجد فيما يبدو معلومات كثيرة وواضحة عن إمرأة غامضة في الكرك سلمت فتاة تذكرة ومبلغا ماليا وهي منقبة ولم تذكر إسمها للفتاة المجتذبة.
وسبق للناطق الرسمي وزير الإتصال محمد المومني أن أبلغ «القدس العربي» بعدم وجود تنظيم مباشر لدولة الخلافة في الساحة الأردينة لكنه ألمح لإحتمالية وجود متعاطفين يمكن ان تجذبهم تجربة تنظيم الدولة الإرهابية.
وفي الوقت الذي تبذل فيه السلطات جهدا إضافيا وفنيا هذه المرة للحد من مظاهر التعاطف مع دولة الخلافة في عمق الشارع الأردني يقوم التيار السلفي المعتدل بقيادة الشيخ علي الحلبي بجهد اجتماعي في المقابل عبر جلسات وعظ في بعض الأوساط الاجتماعية.
&