&فاتح عبدالسلام


أثار كلام ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد نقطة جوهرية في أسباب استمرار أركان الدول العربية أحادية الاقتصاد حين قال في مؤتمر علني، أننا سنشهد بعد خمسين سنة تحميل أخر سفينة تنقل آخر برميل نفط من الإمارات الى العالم . ولم يترك المسألة الحزينة عند هذا الحد ، وهو يعرف أن الصندوق الاستثماري السيادي للإمارات قادر على تسيير شؤون اقتصاد بلده سنوات مديدة .ونراه يقول أن رهان الثروة والمستقبل في كفة الاستثمار على التعليم . وعدد سكان الامارات محدود والتعليم لديهم الآن يواكب متطلبات العصر ويستخدم تقنيات الحاسوب كما لم يحصل في معظم الدول العربية باستثناء بعض دول الخليج . هذا القائد العربي أثار صورة حزينة أمام أي مراقب يرى ما يحدث في دول عربية نفطية ليس لديها أكثر مما تبيعه من نفط وغاز فتنفق فلوسه في استهلاك يغلب عليه الفساد لتمضي السفينة في بحر متلاطم الموج مجهول الاتجاه.


حين بدأ النظام العراقي الجديد بالعمل مع الفرشة الوزارية للحكم الامريكي المدني بول بريمر وما تعاقب بعده من حكومات مشتقة من نفس العجينة، لم يفكر أحد بوضع استراتيجية لديمومة الحياة العراقية لعقد واحد ولا أقول لما بعد عصر النفط. حيث العراق بلا صناعة ولا زراعة ولا تجارة إلا في الحدود الرمزية المخجلة جداً.


ادارة العراق تمت خلال السنوات الاخيرة بطريقة البقال الذي يبيع محصول النفط ويذهب لشراء منتجات معيشية اخرى بالثمن من دون التفكير بتأسيس مشاريع عمل تدر ايرادات للخزينة.
النظام الجديد في العراق لم يقم اليوم أو قبل سنة أو ثلاث سنوات، ها نحن على أبواب العام الثالث عشر، وهي نفس المدة التي استطاع أن يتحول خلالها النظام العراقي السابق الى المرحلة النووية فقامت اسرائيل في حزيران 1981 بتدمير المفاعل العراقي وقد كان على وشك صناعة السلاح النووي. وكان في حالة حرب مع إيران، ياترى هل بنى الحكم في العراق طوال عقد من الزمن مصنع صابون جديداً يمكن أن يدعم الاقتصاد المنهك، أو هل أدام العمل في مصانع العقود الماضية .
حقائق صغيرة توضح كم هي المأساة في بلد يحرم نصف طلبته من الدراسة لعام وعامين من دون أن يشعر أحد بحرج. والدول العملاقة بالغنى والثروة تستثمر في التعليم . متى يصل العراق التائه ومن أين والى أين وبأي وسيلة ومَن الطاقم ؟
&