علي حسين


&

&

كتب قارئ كريم في رسالة طويلة إلى بريد الجريدة، يطلب مني ان أكف عن الحديث بسوء عن العرب وجلد تاريخ امتنا "العريقة".. ويضيف القارئ معلقاً على مقال الامس: "والله مصيبة بدل من ان تعلم القارئ تاريخ رجال العرب (الاقحاح) نتحدث عن الاجنبي موخيكا " واقول له أجل، يجب أن لا نغادر الماضي، خصوصا اذا كان البرلمان حتى هذه اللحظة لا يستطيع اقرار قانون العطل الرسمية، بسبب الخلاف بين حماة التاريخ "الافاضل": هل نضيف يوم السقيفة الى عطلنا الرسمية، ام ان يوم الغدير احق بذلك؟
لكن أيضا يا سيدي، انا لا اريد اهمال النقاط المضيئة في هذا التاريخ، فقد حاول بعض رجاله ان يقدموا نموذجا يسعى لإشاعة الكرامة البشرية.. ياسيدي من سوء حظ التاريخ انه يعيش في هذ البلاد التي يعتقد ساستها ان الاقتراب من الحقيقة، بمنزلة الكفر والزندقة، وان كتبنا المدرسية لابد ان تُحشي في عقول الطلبة حكاية الخلاف الشهير حول من أحق بالخلافة، لا ان تدرس المثل العليا والقيم التي جاء بها امام المتقين علي بن ابي طالب الذي أرشدنا قبل اربعة عشر قرنا الى مواصفات المسؤول الصالح: "لاينبغي ان يكون الحاكم جاهلا، فيُضل الناس بجهله، ولاجافيا فيقطعهم بجفائه، ولا من يتخذ قوم دون قوم، ولا مرتشيا في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع".


يا سيدي نكتب عن موخيكا والبرازيل وسنغافورة وكوريا الجنوبية، لان حظها عظيم من التقدم والرفاهية والعدالة الاجتماعية، فماذا تريد مني ان اكتب؟ عن لجنة التوازن التي تريد ان يصبح القضاء والاعلام والنزاهة والاقتصاد رقما في خانة الطائفية، بعد ان بشرنا احد النواب " الافاضل " من ان " الهيئات المستقلة ستوزع بصيغة التراضي بين الكتل وتلافياً للمشاكل التي من المتوقع ان تحصل ".
منذ ايام وخبر لجنة التوازن يتصدر معظم صحفنا وفضائياتنا، وشاهدنا السادة " المتوازنين " وهم يهددون ويتوعدون لو ان احداً اقترب من قلاعهم الحصينة ، فيما توارى خبر موت عشرة اطفال في قضاء حديثة المحاصرة بسبب الجوع، اما عدد المختطفات الايزيديات حالياً لدى تنظيم داعش ارجو ان تنسى الرقم، فقد بلغ نحو ٣٠٠٠ بالتمام والكمال.


في الدول العادية، التي لا تملك قادة ملهمين، ستقوم الدنيا ولا تقعد، وسنجد ان جميع المسؤولين سيتوارون خجلا ويذهبون الى بيوتهم تتبعهم فضيحة لن تمحى من تاريخهم السياسي والمهني ، هذه ليست استعراضات ولا بهلوانات سياسية، ولا معركة حول من أحق بحمل السلاح في البصرة الاحزاب السياسية أم اجهزة الدولة، فقد اكتشفنا والفضل يعود للنائب احمد السليطي، ان من يريد حصر السلاح بيد الاجهزة الامنية هو جزء من المؤامرة الدولية ضد العراق، لا نريد مقارنات بدول العالم، فنحن أمة فاقت ما قبلها وتجاوزت مابعدها، ولا نعترف بمثل هذه التقاليد الخالية من النباهة والوطنية ، ياسيدي نحن قوم لانحتاج الى السياسة ولا الاقتصاد ولا النزاهة ولا ضمير المسؤول.
حتما سيذكرني قارئ كريم: باننا منذورون لقضية كبرى ، الم يخبرنا الجعفري ومن قبله المالكي ومن بعدهما النجيفي اننا نحارب الارهاب نيابة عن هذا العالم الجاحد، وكنا بالامس نحارب نيابة عن الامة العربية.
هناك قادة يختارون طريق السعادة وبناء المستقبل، ولهذا اصبحت سنغافورة التي بلا موارد نفطية، واحدة من أغنى بلدان العالم، وودّعت دبي شوارعها الترابية ومراكبها الخشبية، وتحولت باخلاص حكّامها إلى واحة سياحية يدخلها كل يوم عشرات الملايين يبحثون عن الجديد في التكنولوجيا والفن والثقافة. في ذلك الوقت كانت دور السينما والمسارح تملأ شوارع بغداد، قبل ان يُحرم السيد خضير الخزاعي التمثيل والموسيقى، ويعلن ان النحت عمل من رجس الشيطان فاجتنبوه، كان ذلك أيضا قبل ان تقرر عصابات داعش رفع المعاول بوجه الثور المجنح.
&