عمرو عبد السميع
&
كان واضحا منذ اللحظة الأولى لنجاح رجب طيب أردوغان فى انتخابات الرئاسة التركية بواحد وخمسين فى المائة تقريبا، أن الرجل سوف يسعى إلى تدعيم أركان نظام رئاسى، يرضى نزوعه التسلطى الكاسح الذى يشارف افتتانه بنفسه، وجنونه بنزوات السيطرة، فراح يسعى إلى جعل فترة الرئاسة ست سنوات، ويقوم بتعديل الدستور على نحو يمنع انتقاده تقريبا، ويعمد إلى تفعيل المادة رقم 299 فى ذلك الدستور التى تتعلق بمنع (إهانة الرئيس) مع التوسع فى مفهوم الإدانة لينسحب على مجرد المعارضة، فضلا عن اعتقال الصحفيين والإعلاميين، وإغلاق مواقع التواصل الاجتماعى من دون إذن النائب العام، ومطاردة رجال القضاء والنيابة الذين أثاروا قضية فساده وأفراد أسرته منذ عام ونصف متهما إياهم بالانتماء إلى ما سماه (الكيان الموازى) أو حزب الخدمة الإيمانية الذى يرأسه غريمه فتح الله جولن. ولكن أهم ما أقدم عليه أردوغان فى إطار تعزيز سلطاته كان التخلص من رفيقه التقليدى عبد الله جول رئيس الجمهورية السابق، وتعيين أحمد داوود أوغلو رئيسا لحزب التنمية والعدالة ورئيسا للوزراء ظنا منه أن أوغلو سيكون أسلس قيادا وأكثر طاعة، بعبارةأخرى سيكون عروسة يد يحركها أردوغان كما يشاء. وراح الرئيس التركى يتدخل فى أعمال الحكومة سواءً بمنع ترشح رئيس المخابرات هاكان فيدان فى الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها فى يونيو المقبل، أو باعتراضه على نشأة ما يسمى (هيئة الحل) التى ستشرف على تنفيذ التسوية مع حزب العمال الكردستاني.
&
وكانت المفاجأة المذهلة هى ظهور بولند ارينج نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة يعارض أردوغان علانيةً ويتهكم على رأيه قائلاً: (إنه يعبر عن موقف عاطفي)!
&
وهذا المشهد يفصح ــ بقول واحد ــ عن تململ أوغلو وعدم رضائه بأن يكون «دمية» يحركها أردوغان كيفما شاء، وهو ما ينبئ عن بوادر انشقاق داخل السلطة الحاكمة، لأن العوامل الشخصية والنفسية هى من أهم محركات الصراع أو التضاغط السياسى.