عبدالله بن بجاد العتيبي

لقد ‬قامت ‬«عاصفة ‬الحزم»‬ كمعركة ‬نموذجية ‬لتحقيق ‬الانتصارات ‬وصناعة ‬النموذج ‬الجديد ‬في ‬المنطقة ‬وحماية ‬الشعوب ‬العربية ‬والدول ‬العربية، ‬وقد ‬سعت ‬جهدها ‬لاحتواء ‬الخلافات ‬وجمع ‬الفرقاء ‬اليمنيين ‬وتنقية ‬الأجواء ‬السياسية ‬لتتوازن «‬إعادة ‬الأمل» ‬مع ‬الحل ‬السياسي.

ولكن ‬ثمة ‬ظاهرة ‬جديرة ‬بالعناية ‬وهي ‬أن: «إخوان» ‬السعودية ‬والخليج، ‬لهم ‬رأي ‬مختلف، ‬فهم ‬يؤيدون ‬المعركة ‬ضمن ‬اشتراطاتهم ‬الخاصة، ‬وبطائفية ‬مقيتة ‬هي ‬سلاحهم ‬الأول ‬والقديم، ‬وثمة ‬من ‬دول ‬التحالف ‬دولة ‬تعادي ‬دولة ‬كبيرةً ‬هي ‬مصر، ‬وتستمر ‬في ‬تلك ‬العداوة ‬مع ‬استمرار ‬المعركة.

&

هذه ‬الدولة ‬ومعها «إخوان» ‬السعودية ‬والخليج ‬أضنوا ‬أنفسهم ‬بتتبع ‬مواقف ‬دولة ‬إقليمية ‬غير ‬عربية، ‬لديها ‬مشروع ‬إقليمي ‬أصولي ‬خاص ‬بها، ‬وهذه ‬الدولة ‬متحالفة ‬مع ‬جماعة ‬«الإخوان» ‬ضد ‬مصر ‬والدول ‬العربية، ‬ومن ‬هنا ‬فقد ‬جاء ‬تشجيعهم ‬لـ«عاصفة ‬الحزم» ‬مشروطاً ‬ومتردداً، ‬فقد ‬تأخر ‬«إخوان» ‬اليمن ‬عن ‬تأييد ‬العاصفة ‬لمدة ‬تقارب ‬نصف ‬مدة ‬الحرب، ‬ولما ‬أيقنوا ‬أنها ‬منتصرة ‬لحقوا ‬بها.

لمعرفة ‬العدو ‬علينا ‬العودة ‬قليلاً ‬للوراء، ‬وفي ‬اعتداء ‬ميليشيات ‬«الحوثي» ‬على ‬الحدود ‬السعودية ‬2009 ‬تطابق ‬موقف ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين» ‬مع ‬موقف ‬إيران ‬دعماً ‬لـ«الحوثي» ‬ضد ‬السعودية، ‬ولكن ‬تلك ‬لم ‬تكن ‬المرة ‬الأولى ‬التي ‬يعادون ‬فيها ‬السعودية ‬ودول ‬الخليج ‬ففي ‬حرب ‬تحرير ‬الكويت ‬وقفت ‬الجماعة ‬مع ‬صدام ‬ضد ‬دول ‬الخليج، ‬وتمّ ‬تقديم ‬عرضين ‬للسعودية ‬من ‬قبل ‬أسامة ‬بن ‬لادن ‬ومن ‬قبل ‬علي ‬بلحاج ‬الأول ‬عرض ‬تقديم ‬آلاف ‬المقاتلين ‬والثاني ‬عرض ‬تقديم ‬مليون ‬مجاهد ‬من ‬الجزائر، ‬وكان ‬العرضان ‬مشروطان ‬بعدم ‬الاستعانة ‬بالدول ‬الغربية ‬الحليفة ‬للسعودية ‬ودول ‬الخليج، ‬وقد ‬تمّ ‬رفضهما ‬بالطبع.

كانت ‬لحظة ‬1990 ‬لحظة ‬حاسمة ‬في ‬تاريخ ‬العلاقات ‬بين ‬جماعة ‬«الإخوان» ‬ودول ‬الخليج، ‬وقد ‬اتخذ ‬الملك ‬فهد ‬سياسة ‬ترفض ‬هذه ‬الجماعات ‬بعدما ‬اتضحت ‬خيانتها ‬وبعدما ‬طعنت ‬دول ‬الخليج ‬في ‬ظهرها ‬عشية ‬الحرب، ‬وقد ‬صرّح ‬بذلك ‬الجنرال ‬الجزائري ‬خالد ‬نزار ‬في ‬مذكراته ‬بأن ‬الملك ‬فهد «‬وبعد ‬أن ‬أوصاني ‬بجمع ‬أمر ‬الجزائريين، ‬بدأ ‬يتحدث ‬عن ‬الإسلاميين ‬فقال ‬ابتداء: ‬«هؤلاء ‬ليسوا ‬بمسلمين»، ‬ثم ‬قال: ‬«العصا.. ‬العصا.. ‬العصا»، ‬كررها ‬ثلاث ‬مرات. ‬ويؤيد ‬ذلك ‬التصريحات ‬الأشهر ‬للراحل ‬الكبير ‬الأمير ‬نايف ‬بن ‬عبدالعزيز ‬لصحيفة ‬«السياسة» ‬الكويتية، ‬والتي ‬ذكر ‬فيها ‬بالتفصيل ‬كيف ‬خانت ‬الجماعة ‬السعودية ‬ودول ‬الخليج.

إن ‬العلاقة ‬بين ‬جماعة ‬«الإخوان» وإيران ‬طويلة ‬الذيل ‬تاريخياً، ‬منذ ‬رسائل ‬الود ‬التي ‬كان ‬يرسلها ‬حسن ‬البنا ‬لفقهاء ‬إيران ‬المؤدلجين ‬إلى ‬مقالات ‬سيد ‬قطب ‬التي ‬تشيد ‬بآية ‬الله ‬الكاشاني ‬ومنها ‬ما ‬نشرته ‬مجلة ‬الرسالة ‬في ‬عددها ‬951 ‬بتاريخ ‬25 ‬سبتمبر ‬1951 ‬مقالة ‬افتتاحية ‬كتبها ‬سيد ‬قطب ‬تحت ‬عنوان (‬إذا ‬جاء ‬نصر ‬الله ‬والفتح ‬.. ‬مهداةٌ ‬إلى ‬آية ‬الله ‬الكاشاني)‬، ومع ‬نوّاب ‬صفوي «‬فدائيان ‬إسلاميان» ‬ومن ‬بعد ‬مع ‬حزب ‬«الدعوة» ‬العراقي، ‬الذي ‬يمثل ‬النسخة ‬الشيعية ‬لجماعة ‬»الإخوان«، ‬ومحاولات ‬جماعة ‬«الإخوان» ‬للقيام ‬بعملية ‬إرهابية ‬داخل ‬إيران ‬لإنقاذه ‬من ‬السجن ‬بعد ‬الحكم ‬بإعدامه.

من ‬هنا ‬فليس ‬غريباً ‬أن ‬تجد ‬طابعاً ‬بريدياً ‬إيرانياً ‬يحمل ‬صورة ‬سيد ‬قطب ‬وشارعاً ‬في ‬إيران ‬يحمل ‬اسم ‬خالد ‬الإسلامبولي ‬قاتل ‬السادات، ‬وهو ‬ما ‬يسوقنا ‬إلى ‬الحديث ‬عن ‬جماعات ‬العنف ‬الديني ‬السُنية ‬ودعم ‬إيران ‬لها ‬من ‬تنظيم ‬«القاعدة» ‬إلى ‬تنظيم ‬«داعش». عبدالله ‬عزّام ‬قائد ‬الأفغان ‬العرب ‬«إخواني» ‬قحٌ، ‬وأسامة ‬بن ‬لادن ‬«إخواني» ‬قح، ‬وأبوبكر ‬البغدادي ‬«إخواني» ‬قح، ‬وجميع ‬هؤلاء ‬القادة ‬«الإخوانيين» ‬يقدمون ‬فروض ‬الولاء ‬والطاعة ‬لإيران، ‬و«القاعدة» ‬بشهادات ‬قياداتها ‬كأيمن ‬الظواهري ‬والزرقاوي، ‬وأبي ‬حفص ‬الموريتاني، ‬وصالح ‬القرعاوي ‬وأبناء ‬أسامة ‬بن ‬لادن، ‬وسيف ‬العدل ‬وبشهادات ‬أبي ‬محمد ‬العدناني ‬من ‬«داعش»، ‬وبممارسات ‬«داعش»، ‬التي ‬تستهدف ‬السعودية ‬في ‬خطابات ‬خليفتها ‬المزعوم ‬وبعمليات ‬قتلٍ ‬وتفجيرٍ ‬كالتي ‬كشف ‬عنها ‬يوم ‬الجمعة ‬الماضي ‬باعتقال ‬يزيد ‬أبو ‬نيّان ‬الذي ‬تمّ ‬تكليفه ‬من ‬تنظيم ‬«داعش» ‬بتفخيخ ‬سبع ‬سيارات، ‬هذا ‬مع ‬الثابت ‬في ‬خطط ‬«القاعدة» ‬و«داعش» ‬و«الإخوان» ‬باستهداف ‬الدول ‬العربية ‬وترك ‬إيران ‬بلا ‬أي ‬عملية ‬تخريبية. أخيراً، ‬واضحٌ ‬أن ‬إيران ‬و«الإخوان» ‬و«القاعدة» ‬و«داعش» ‬و«الحوثي» ‬يقفون ‬صفاً ‬واحداً ‬ضد ‬الدول ‬العربية ‬وشعوبها، ‬وبين ‬هذه ‬الأطراف ‬المعادية ‬«وحدة ‬إيديولوجيا ‬ومصير" ‬لا ‬يمكن ‬تغييرها.
&