سارة الرشيدان

أتمنى أن تصدر توجيهات وأنظمة تمنع الدعاء على المختلفين على المنابر خاصة الشيعة ويجرم تناقله كما يتم تجريم كل أنواع العدوان اللفظي التي تهز وحدتنا الوطنية التي نحن اليوم بأمس الحاجة لها لرأب الصدع

&


ما لم يَقُلْهُ بأَمسِكِ، الشعراءُ
سيَقولُهُ في يَومِكِ، الشهداءُ:
هذي هِيَ (الأحساءُ) منذُ تَكَوَّرَتْ
أرضا.. لها حُبُّ (الحسينِ) سماءُ!
وطريقُها عبر المصير مَحَبَّةٌ
ومصيرُها عبر الطريقِ إخاءُ
ها نحنُ: شريانُ الهوى ووريدُهُ
والحبُّ نبضٌ فيهما، ودماءُ
شاعر الوطن جاسم الصحيح يرثي شهداء الأحساء:
أكتب هذا المقال وخبر عن تبني داعش لعملية تفجير في جامع الإمام علي في القديح بالقطيف.
صور الأشلاء اختلط فيها بقايا المفجر بمن ذبحهم. وصور الأشلاء والدماء تغطي الأرض وترفع سؤالا للسماء بأي ذنب قتلت؟!
عشرون شهيدا ومئة جريح ما زالت دماؤهم تسأل من أخرجها من عروقها عدوانا وأسالها على الأرض؟
صورة للداعشي في تويتر تظهره مبتسما قبل العملية بعد أن أبلغوه باقترابها وحسابات تنسب لداعش تتناقل الخبر بفرح!
سؤال آخر من أنتم أيها المختلفون عن المسلمين ومن هم المسلمون بالنسبة لكم؟!
كيف سلم منكم المحاربون ولم يسلم المصلون؟! ثم كيف يبتسم من يقدم على قتل مصلين يوم الجمعة؟ هل أقنعوه أنه سيدخل الجنة؟ هل أقنعوه أن من يصلي الجمعة في جامع يستحق الموت؟! كان شابا يرتدي زيا باكستانيا ويفجر في القطيف، مزيج معتاد أن يرتدي أبناء الوطن ما لا يمثلهم بل يمثل عدوهم الخارجي!
قبل أيام كان أحد الإرهابيين يقول إنه الوحيد على حق واليوم نجد من يدعم رأيه ويموت وربما يظن أيضا أنه الوحيد على حق!
مللنا القول إن شباب الوطن لقمة سائغة لأعدائه يفخخونهم ويفجرونهم متى ما أرادوا، بل هم قنابل متحركة يضغطون على الزناد في أي لحظة يريدون. هناك خطر يخترقنا من الداخل يجعل تحويل أبنائنا إلى قنابل متفجرة أمرا سهلا.
دعونا نعيد ما قاله شاعر لحبيبته ونوجهه لداعش ومن خلفها:
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى
قتيلك قالت أيهم فهم كثر؟!
لعشاق داعش والمنظرين بجهل لها أفيقوا ما طال الشيعة شرب ويشرب منه السنة من أيام مجمع المحيا وحتى آخر دورية قتلوا أفرادها؛ هذا لو كان ولاؤكم طائفيا.. وما ذاق العجم تجرع مرارته العرب أكثر، فالواقع أنهم يدعون محاربة الكافر الأجنبي لكن المسلم العربي هو من يموت بقدرة قادر وربما ذبحه من لا يتكلم لغته!
الموت خبزنا اليومي في الوطن العربي في نفس الوقت بمصر واليمن فكيف تفرحون بموت أو قتل جديد؟! وكيف تستبشرون بأخبار قتل المصلين؟!
القضية باختصار الحرب على المواطنين حرب على الوطن، والحرب على حسينية أو مسجد حرب على الإسلام أولا والوطن أولا وثانيا وعاشرا.
أصبحنا نعرف أعداءنا ولا شك؛ لكن هناك من يدعمون العداوة على الوطن بجهلهم، فربما ألقى أحدهم بكلمة تثير حزن وألم المصابين وهو يظن أنه يوجهها للعدو!
أن يتباهى أحدهم بأن الخطيب دعا لأن يزلزل الله الأرض تحت الشيعة فانفجرت الأحساء قمة الحمق والحقد والغباء.
السياسة وحروبها أبعد ما تكون عن الدين لأن كل الأديان حتى الوثنية منها أخلاقية فكيف بالإسلام أبي المكارم؟!
من يفرح بمصابنا في الأحساء سيفرح به عدوه غدا حين يصاب والأيام دول والبلاء يدور بين البشر، عدا أن القاتل له أهل انفطرت قلوبهم ولا شك لموت ولدهم وتناثر جسده الشنيع قاتلا لكن لا دية لمن قتلهم ترد عنه الموت!
هنا ندرك أنه حتى التفجير الإرهابي يوحد حزننا الشيعي السني. أهل القاتل ضحايا فاجأهم الخبر بالتأكيد.


هذا المقال الثاني في حياتي بعد مقالي ليلة وفاة الملك عبدالله الذي أكتبه ولا أكاد أميز الحروف من البكاء لأني أتخيل كل الشهداء والجرحى شفاهم الله وهم يتعطرون ويذهبون للمسجد والأمهات والأبناء والأحفاد والزوجات ينتظرون عودتهم كما ذهبوا فتعود لهم أخبار التفجير وتبكي النساء والأطفال من مات ومن أصيب. أذكر أن الراحل العظيم الملك عبدالله كان يعقد تقاربا بين المختلفين لم يمنعه ما كان ينعق به الناعقون من أعداء الإنسانية فقارب أديانا ومذاهب وحقق الكثير، رحمه الله؛ لكن بقي هناك أمر مهم طالب به كثيرون من السنة والشيعة وهو تحريم وتجريم الطائفية والتكفير؛ وما دام هذا التفجير شهد من قلة ابتهاجا فيجب أن نحاكمهم على انعدام الوطنية والإنسانية ونشر الفرقة بيننا ونحن اليوم نلمس تطورا عظيما في حسم القضايا الحقوقية لا يتجاوز الساعات، فأتمنى أن تصدر توجيهات وأنظمة تمنع الدعاء على المختلفين على المنابر خاصة الشيعة ويجرم تناقله، كما يتم تجريم كل أنواع العدوان اللفظي التي تهز وحدتنا الوطنية التي نحن اليوم بأمس الحاجة لها لرأب الصدع حتى لا يرتفع صوت البكاء وننزف المزيد من الدماء ونصيح يا لثارات الشيعة أو السنة، ولنعلم أن الكلمة هنا أمانة تحفظ الأوطان أو تدمرها.
&