صفوت حدادين

لم يتسن للنظام التركي أن ينتظر كثيراً ليتيقن أن فراغ الفوضى في الجوار لا يلبث وأن يعبر الحدود فكانت سروج ذات الأغلبية الكردية المحاذية لعين العرب أول الضحايا ولن تكون آخرهم ما لم تتحرك المنطقة بأسرها لقلع شوكة التنظيمات الارهابية.

تفجير سروج جاء في أسوأ الأوقات بالنسبة لاردوغان الذي يضع ثقله خلف داود اوغلو في مساعيه لانتاج حكومة ائتلافية تخرج النظام التركي من عنق الزجاجة فيتجنب انتخابات مبكرة من المرجح أن تكون نتائجها -إن حدثت- نكسة جديدة للنظام واردوغان.

النظام التركي أمضى الوقت يتصدى لاتهامات حزب العمال الكردستاني فيما يتعلق بتسهيل حركة التنظيمات الارهابية في سوريا وشراء النفط، فجاء التفجير في بلدة تركية تقطنها أغلبية تركية ليفتح جبهة من التساؤلات عن مسؤولية الحكومة التركية تجاه مواطنيها الاكراد وحمايتهم.

حزب الشعب الديمقراطي الذي اجتاز حاجز الـ١٠٪ من مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة سيكون بالمرصاد لاوغلو وحكومته -إن رأت النور- وستكون سروج عتبة لفرض دور جديد مختلف للنظام التركي في التعامل مع ملف الارهاب في المنطقة.

ما جرى سيؤهل تركيا لتكون في طليعة مساعي تشكيل تحالف اقليمي ضد الارهاب وإذا ما أخذنا في الاعتبار خلط الأوراق السياسية الذي نجم عن الاتفاق النووي بين ايران والدول الست الكبرى، فإن المنطقة مقبلة على اصطفافات اقليمية جديدة بدواعي التصدي للارهاب الذي بدأ يتلظى منه الجميع في هذه الأثناء.

الدول الكبرى لا يُتوقع منها أن تُغرق ذاتها في فوضى المنطقة وتعاملها مع مسار الأحداث في المنطقة حتى الآن يذكي نظرية أن المنطقة يجب أن تقلع شوكها بيديها.

التحالف الاقليمي ليس سهلاً وسط دوامة العلاقات غير المستقرة في المنطقة فبلورة اصطفافات اقليمية جديدة يتطلب تفكيك ارتباطات قائمة سياسية وربما مذهبية في بعض الأحيان.

الأنظمة السياسية لا يجدر بها أن تتوانى أكثر عن جهد اقليمي لنشل المنطقة من فوضى تزاد يوماً بعد يومٍ والخاسر الوحيد من استمرار التخبط وترك الارهاب يرتع في المنطقة هو دولها التي أُنهكت اقتصادياً وسياسياً مما يجري فحماية الحدود واستقبال اللاجئين عبء تنوخ عنه كبرى الدول فكيف بدول المنطقة التي تتنوع مآزقها ما بين الاقتصادي والسياسي منها.

الحلول الناجعة قد تتولد من تعقيدات الفوضى ومصلحة المنطقة تكمن في حلول سريعة توقف استشراء الارهاب والتحالف الاقليمي إحداها فتجميع قوى الاقليم باتجاه كبح جماح الفوضى من مصلحة الجميع.