&&مطلق بن سعود المطيري


دائماً مايبحث المراقب السياسي في القرارات والسياسات للقادة العرب عن ثغرة يدخل من خلالها ليسجل ملاحظاته حول تخاذل السلطات وتقصيرها اتجاه شعوبها والتحديات السياسية التي تحفها من كل اتجاه، وهذا عمل مهني ومطلب أخلاقي مطلوب من المراقب السياسي القيام به، ولكن ماذا عن الثغرات الكثيرة التي تسمح بمرور المواقف والعواطف والمعنويات في جسد الجمهور العربي، هل تم بحثها والدفع بها إلى حدود المواجهات لتكون حائط صد معنوي يهيئ المجال العام لصناعة مواقف رسمية قادرة على توجيه السياسات نحو أهداف حيوية تصان بها أرض العرب وكرامتهم.

إحدى هذه الثغرات في جسد الشعب العربي فتحتها عاصفة الحزم، وانسابت منها إرادات الأمة العربية الرافضة للوجود الإيراني والجماعات الطائفية المدعومة منها، فرأوا فيها عاصفة هبت لاسترجاع كرامة العرب وهيبتهم التي استباحتها طهران وعملائها، فالشعب العربي الأصيل بكل مكوناته المذهبية والعرقية ضاق إلى حد الانفجار من عبث إيران في أمنه وخلق المسببات الطائفية لحرق العرب بالعرب، في العراق خرج شعب الرافدين مطالباً بحاجاته المعيشية ومحاكمة عملاء إيران الذين تسببوا في تمزيق عراقهم ونهب خيراته، واستنكروا على أمتهم العربية موقفهم المتردد في دعم وحدتهم وصد المد الإيراني عنهم، اليوم حال أكثر من بلد عربي متشابه بسبب الوجود الصفوي على أرضهم والحال مرشحة للمزيد من الانقسامات والدم، لذلك مطلوب من الشعوب العربية المؤمنة بحقها وكرامتها ووحدة مصيرها التحرك شعبياً لبناء عاطفة جماهرية رافضة للوجود الإيراني، فالشعوب وحدها هي قادرة على خلق موقف تاريخي يغير اتجاه القوة والأطماع، فربيع العرب الفعلي هو تخليص الأمة العربية من القوة الشاذة التي دخلت عليها وجلبت لها الدمار والعار.

العواطف في هذا العصر حالها مشابه لأي منتج تحتاج لآلة لصناعتها وتسويقها لتكون بضاعة مؤثرة ومنافسة، فعاطفة الجمهور العربي سلاح منقذ لكرامة العرب، ومن الخذلان القومي أن تبتعد عنه محركات الدفع القادرة على صياغته في إطار يكون واضح الشكل والمضمون، ولا يتم ذلك إلا من خلال عمل ثقافي شعبي يعيد بناء الهوية العربية الجامعة لكل الشعوب العربية، فمواجهة طهران جماهرياً موقف لا يولد تلقائياً بل يحتاج لإرادة مؤسسية صادقة تتكون من شعراء الأمة وخطبائها وفنانيها، فإن استطاع العرب أن ينشدوا قصائد المواجهة وخطبها ومسرحياتها سترغم السياسية رغماً عن انفها لاتباع هذا المعطى الثقافي المقاوم، القضية اليوم قضية وجود وهوية وليست مصالح تنخفض وتزيد، مرشد طهران علي خامنئي هدد العراق بالمعاقبة إن تم محاكمة وكيله في العراق نوري المالكي لأجل أن يحمي مشروعه ويضمن استمراره، فإن لم تخرج المسيرات في العواصم العربية ويسخر المثقفون إنتاجهم لدعمها لن تسترد الكرامة العربية المغتصبة من طهران وعملائها، فعلى الأمة العربية أن تُسمع طهران صوتها قبل أن تغيب شمس وجودهم.
&