يحيى الأمير

في السابع من أغسطس العام 2014 كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يطلق صافرة ما بات يعرف بالتحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش، أكثر من عشرين دولة انضوت تحت لواء ذلك التحالف، كانت المملكة العربية السعودية على رأس تلك الدول، وكانت الرسالة الكبرى أن المملكة شاركت في أول الضربات الجوية بل شارك في تلك الضربات الأمير خالد نجل خادم الحرمين الشريفين والأمير طلال بن عبدالعزيز بن بندر بن عبدالعزيز. المضمون الواسع لتلك الرسالة أن كل السعوديين جنود في مواجهة الإرهاب حين يكون العالم جادا في ذلك.

الآن وبعد قرابة العام ونصف العام على إعلان ذلك التحالف وانطلاق الضربات لا تزال داعش تتمدد وتحظى بسيطرة شبه كاملة على بعض المناطق وتخوض حروبها مع مختلف الفصائل المسلحة في العراق وسورية.

بالمقابل كان التحالف الآخر الذي شهده العالم بعد ذلك التحالف هو تحالف عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، هذا التحالف أوصل للعالم أن الحرب على الإرهاب لايمكن أن تكون انتقائية، وأن إرهاب داعش لا يختلف عن إرهاب الحوثيين ولا عن غيرهما من الجماعات المسلحة التي اختطفت السلطة والشرعية في بلدانها، أيضا قال ذلك التحالف للعالم إنه ومع كل هذه الفراغات التي صنعها تراجع الأداء الأمريكي في المنطقة بات من الضروري أن تدير المنطقة ملفاتها بنفسها وأن تواجه الأخطار وتشكل التحالفات لتحمي أمنها.

إنما.. كيف يمكن أن نقارن بين ما تحقق في التحالفين، ربما لا أحد يعلم حجم الخسائر التي تكبدتها داعش، ولم تعد تحظى الضربات المواجهة نحو التنظيم بتسليط الضوء إخباريا، ولم يعرف إلى الآن ما حجم الإنجاز الذي تحقق من تلك الضربات ومن ذلك التحالف، بالمقابل، وبينما لم يكتمل العام الأول ها هو تحالف عاصفة الحزم يستعيد اليمن والشرعية من الحوثيين وقوات صالح، وها هو الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي يعمل في عدن، وأكثر من تسعين بالمائة من الأراضي اليمنية تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بينما الأعين على العاصمة صنعاء وغيرها من المعاقل الأخيرة لتنظيم الحوثيين وأتباع المخلوع صالح – تم كل ذلك بالطبع وسط عمل إنساني وإغاثي منتظم ومؤثر –

ترى أيهما أقوى؛ مجاميع الحوثيين وما قدمه لهم المخلوع صالح من عتاد ومال وذخائر وحرس جمهوري ومعدات إضافة إلى التسليح الإيراني الكثيف، أم ما لدى داعش من قوة وعتاد ؟ كيف استطاع التحالف الذي يواجه قوة سيطرت في الغالب على كل اليمن، واستطاع أن يحقق كل هذه الانتصارات، بينما لا يزال التحالف الدولي في مواجهة داعش عاجزا عن تحقيق أي انتصار، ناهيك عن هزيمة التنظيم والتخلص منه. وكيف ظهر التنظيم فجأة في ليبيا وفي سيناء، وما الذي يجعله مسيطرا إلى الآن على بلدات ومناطق في العراق وسوريا، لماذا تكاد أخبار الطلعات الجوية أن تتوارى من نشرات الأخبار، بينما تحفل أخبار التحالف العربي والإسلامي في اليمن بحضور مستمر واطلاع يومي للعالم على ما يدور ؟

من الواضح أن هذا النموذج الذي شهده العالم في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش هو الذي حفزنا لصناعة تحالفاتنا الصادقة الواضحة المؤثرة، ومن الواضح أيضا أن إجابات تلك الأسئلة، وما يمكن وصفه بغموض أو فشل ذلك التحالف هو الذي يفسر استجابة العالم للمملكة حينما أعلنت عن التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب.