جبال قنديل (العراق): أكدت مقاتلات الحزب أن جهادهن ضد تركيا يتعلق أكثر بحقوق المرأة في مخابئ حزب العمال الكردستاني المحصنة. المقاتلات اللواتي ارتدين لباساً عسكرياً أخضر اصطففن في منطقة جبلية متمسكات الأيدي وبدأن بأداء رقصة فولكلورية تمثل النصر، عادة ما يقمن بها في أعقاب غارات تشن عبر الحدود ضد القوات التركية.

وقالت رنجين قائدة الكتيبة التبعة لحزب العمال الكردستاني quot;نريد حياة طبيعية، مجتمعا يدور حول النساء، حيث المرأة والرجل متساويان، مجتمعا دون ضغوط حيث يلغى التمييز بين الجميع.quot; رنجين التي يشار لها باسم واحد كما هو حال باقي المقاتلات، كانت قد انضمت للحزب المتمركز في جبال شمالي العراق في التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت في الرابعة عشرة من العمر، إثر قتل القوات التركية والدها. وتقول إنها تريد القتال من أجل حقوق الأكراد وحقوق المرأة.

ويخوض متمردو الحزب الكردستاني مواجهات مسلحة ضد السلطات التركية منذ عام 1984، في إطار سعيهم للاستقلال بإقليم جنوب شرق الأناضول، الذي يسكنه غالبية من الأكراد. وأضافت رنجين quot;النساء ينشأن تحت عبودية المجتمع، مجرد ولادتك أنثى يقوم المجتمع بعملية كبته لك.. ذهبنا للحرب وهذا الشعور يتملكنا.. كوني امرأة أريد أن أُعرف بعزيمتي الأنثوية لنيل الاحترام.. هذه هي حقوقي.. وكان صعب جداً على الرجال تقبل هذا..quot;

يُشار إلى أن العديد من الدول منها الولايات المتحدة الأميركية والعراق وتركيا وحلف شمالي الأطلسي quot;ناتوquot; يدرجون الحزب ضمن المنظمات الإرهابية. ووفقاً للإحصاءات التركية الرسمية، فإن هذا الصراع الذي يمتد لنحو ربع قرن، أسفر عن سقوط أكثر من 37 ألف قتيل، غالبيتهم مما تصفهم أنقرة بـquot;المتمردينquot; الأكراد.

وفي عطلة نهاية الأسبوع المنصرم تجددت الاشتباكات بين مقاتلي الحزب والقوات التركية ما أدى إلى مقتل 15 جندياً تركياً على الأقل، وأكثر من 23 مسلحاً في صفوف المليشيات الكردية. يذكر أن الجيش التركي نفذ في مطلع العام الحالي، عمليات عسكرية واسعة ضد المتمردين الأكراد المتمركزين شمالي العراق.

وبالعودة للجولة داخل مخابئ quot;الكردستانيquot; برفقة ثلاثة مقاتلين امتدت على فترة خمس ساعات ونصف، بدا أن المقاتلين يتحركون بسهولة في المناطق الوعرة والصخرية متسلقين الهضاب دون أي معاناة حتى في عتمة الليل. وتتميز المعسكرات الجبلية بسهولة تفكيكها وتمويهها مع طبيعة المكان. كما أن المسلحين يبدلون مواقعهم كل عدة أيام لتفادي رصد تحركاتهم.

وعبر الزمن تطورت فلسفة الحزب من حزبٍ مطالبٍ بالاستقلال مع تحقيق بعض الأهداف الشيوعية مثل المساواة وتأميم الممتلكات، إلى حزب يقاتل من أجل إحداث تغيير جذري في المجتمع. وتتمحور إيديولوجية الحزب حول معتقد أن الأزمات العالمية والظلم هي نتائج للسيطرة الذكورية.

هنا في معسكرات الحزب، تنفذ النساء المقاتلات الهجمات ولديهن بنية قيادية لخوض المعارك. كل العمليات تتم بمشاركة الجنسين داخل وخارج أرض المعركة. وتوضح المقاتلات أن الانضباط هو أسمى مبادئ الحزب وأن السلاح جاهز دائما وفي متناول اليد. وتقول المقاتلات إن الزعيم المسجون عبدالله أوجلان كان أعلن عام 1998 أن الحزب quot;هو حزب المرأة.quot;

وأكد كريم (42 عاماً) وهو مقاتل في حزب العمال الكردستاني أن قبول ذلك كان صعباً في البداية. المقاتلة يلديز البالغة 20 عاماً تقول quot;ليس لدينا أهداف من القتال.quot; وقالت إنها انضمت للحزب عندما كانت في الـ17 لأنها شعرت أن المجتمع يخنقها كامرأة وككردية.

وتشرح quot;صراعنا هو حول عدد من الأمور: تغيير تفكير الناس والرجوع إلى القيم الأساسية والقضاء على عبودية المجتمع. عندما قدمت إلى هنا، اكتشفت أن عدم المساواة الاجتماعية هي أكثر بكثير.. كيف استطعنا العيش هكذا كل هذه الفترة؟ كيف قبلنا بهذا كل هذا الوقت.؟quot;

وتكمل وهي تحمل بيديها قنبلتين quot;شعرت باختلاف أول ما وطأت قدمي هذا المكان.. في المدينة الجو مكتظ يمتلأ بالناس والسيارات.. هنا يسيطر ذلك السكون وجمال الطبيعة.. إنه مختلف جداً.quot; هذا وتتهم تركيا أكراد العراق بدعم حزب العمال الكردستاني. وكانت إحدى الصحف التركية قد نقلت عن نائب قائد أركان الجيش التركي الجنرال حسن أغسيز قوله إنهم لا يتلقون أي مساعدة على الإطلاق من حكومة إقليم كردستان في شمال العراق ضد المتمردين، بل يوفرون لهم دعما مثل بناء مستشفيات وطرقات.

من جهته يقول القائد العسكري لحزب العمال الكردستاني باهوز إردال quot;نحن جاهزون لحل سياسي.quot; وأضاف quot;لا نتوقع إيجاد حل نهائي فجأة، لكننا نريد اتخاذ الخطوات الأولى قدماً تجاه هذا الحل.. وبعد هذه الخطوة الأولى ربما تغير تركيا موقفها تجاه قائدنا المسجون، ووقف العمليات العسكرية والهجمات ضد قواتنا وإنهاء سياسة الاضطهاد التي تتبعها.quot; وأكد القائد العسكري إن ما أعلنه قد يكون خطوات مبدئية باتجاه الحل يمنح الأكراد حقوقاً متساوية مع المواطنين الأتراك داخل الأراضي التركية وليس في دولة كردية مستقلة. غير أن تركيا تقول إنها لن تتفاوض مع إرهابيين.