قلق إسرائيلي من تداعيات مد جورجيا بالسلاح
الصحافة الإسرائيلية تبرز تجارة السلاح بين إسرائيل وجورجيا
نضال وتد من تل أبيب:
حتى قبل شن الهجوم الروسي على جورجيا في نهاية الأسبوع الماضي، سارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى الرد على الحدث، بالدعوة والتوصية إلى تجميد بيع الأسلحة لجورجيا ووقف مد جورجيا بالخبراء العسكريين، حتى لا تنعكس سلبيات هذا التعاون العسكري بين إسرائيل وجورجيا على العلاقات بينها وبين روسيا، وخصوا في مجال الملف النووي الإيراني، وتجارة السلاح العالمية، حيث تخشى إسرائيل أن يفسر تعاونها العسكري والأمني مع جورجيا وكأنه موجه ضد روسيا وسياستها الإقليمية والدولية. إلى ذلك تخشى إسرائيل من أن تعتبر روسيا الموقف الإسرائيلي وتعاون إسرائيل العسكري والأمني مع جورجيا، بمثابة سابقة تحرر روسيا من أي ضغط إسرائيلي أو أمريكي مستقبلي في مسألة بيع أسلحة متطورة للدول العربية، تهدد التفوق الإسرائيلي القائم.

ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية صباح اليوم تحت عنوان رئيسي لها أن وزارة الخارجية توصي بتجميد بيع الأسلحة لجورجيا، وهو ما يعتبر قيدا آخر على قيود التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل وجورجيا، يضاف على إقدام إسرائيل مؤخرا على وقف بيع الأسلحة الهجومية لجورجيا والاكتفاء ببيع أسلحة دفاعية على أثر تسلم إسرائيل احتجاج رسمي من موسكو بهذا الخصوص.

وقال الصحيفة quot;إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تخشى من أن يؤدي الموقف الرسمي الإسرائيلي، بروسيا إلى تغيير سياستها وأن تزود الدول العربية أو إيران بأسلحة نوعية يعرض تفوق الجيش الإسرائيلي للخطرquot;.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي قوله : إن على إسرائيل أن تبدي في هذه الأيام حساسية أكبر، فالروس يبيعون السلاح لإيران وروسيا ولا حاجة لإعطائهم عذر ومبرر لبيع أسلحة أكثر تطوراquot;. وأضاف هذا المصدر إن إسرائيل التي تسعى لمنع روسيا من بيع صواريخ إس 300 المضادة للطائرات، والمطورة في روسيا، لكل من سوريا وإيران يجب أن تكون نظيفة اليدين قبل أن تقدم طلبا كهذا في المستقبل للحكومة الروسية.

على ذلك كشفت الصحيفة النقاب عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بحثت منذ الأربعاء الماضي الأزمة بين جورجيا وروسيا على أثر الاشتباكات الحدودية الأولية بين الطرفين، وأوصت بتجميد بيع الأسلحة لجورجيا على الرغم من أن القرار النهائي في هذا المجال هو من اختصاص وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي من المقرر أن تبت في الموضوع خلال الأيام القريبة.
إسرائيل فقيرة بالنفط غنية بالسلاح
أفصحت الصحف الإسرائيلية الثلاثة التي خصصت عناونيها الرئيسية للحرب في جورجيا، عن كثير من المعلومات المتعلقة بتجارة السلاح بين إسرائيل وجورجيا، كاشفة في الوقت نفسه عن هوية بعض مصدري السلاح لجورجيا، حيث ذكرت كل من معاريف ويديعوت أحرونوت ويسرائيل هيوم ، أن أكبر ثلاثة مصدرين للسلاح والخبرات العسكرية الإسرائيلية، من القطاع الخاص، دون تطرق على القطاع الحكومي العام، هم الوزير الإسرائيلي السابق روني ميلو، الذي يمثل شركة ألفيت والصناعات الجوية الإسرائيلية أمام حكومة جورجيا، حيث أشارت الصحف إلى أنه باع جورجيا ذخيرة عسكرية بمئات ملايين الدولارات، والكولونيل غال هيرش، الذي شغل خلال الحرب الأخيرة على لبنان منصب قائد منطقة الجليل الأعلى في الجيش الإسرائيلي، وعنده شركة quot;ديفيند شيلدquot; التي تختص في تدريب وتأهيل كتاب سلاح البرية، والجنرال السابق يسرائيل زيف، صاحب شركة تعمل هي الأخرى في مجال تدريب قوات البرية.

وتشكل تجارة السلاح والخبرات العسكرية، موردا ماليا رئيسيا لإدخال العملة الصعبة وتدعيم الاقتصاد الإسرائيلي، كتعويض عن فقر إسرائيل بالموارد الطبيعية والذهب والغاز. ويعتبر مجال تجارة السلاح وبيع الخبرات العسكرية والأمنية، أحد أكبر المجالات المفتوحة أمام ضباط وجنرالات الجيش الإسرائيلي بعد خروعهم من الجيش، وتوجد في إسرائيل عشرات الشركات الأمنية والعسكرية التي تعمل في هذا المحال ومع مختلف دول العالم، وهي تنشط بشكل خاص في القارة الأفريقية وفي أمريكا اللاتينية، حيث عمل كثير من جنرالات الجيش الإسرائيلي في بيع السلاح وكمستشارين للحكومات في هذه الدولية، وكان أخر المتورطين في هذا المجال هو الجنرال كلاين، الذي تطالب الحكومة الكولمبية السلطات الإسرائيلية بتسليمه لها، بسبب تورطه في بيع السلاح لعصابات المخدرات والسلاح في أمريكا اللاتينية.

إلى ذلك نشطت إسرائيل بشكل مكثف خلال سبعينات القرن الماضي، عندما كان الصراع الدبلوماسي بينها وبين الدول العربية، على استمالة الدول الأفريقية في أوجه، حيث قدمت الدول العربية، وخصوا السعودية وبلدان الخليج المعونات الاقتصادية والمالية لهذه الدول فيما كانت إسرائيل تقدم السلاح للأطراف المتنازعة في أنغولا وناميبيا وباقي بؤر النزاع في القارة السوداء، ناهيك عن تحالفها المعلن، آنذاك مع نظام الفصل العنصري، الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.
جورجيا سوق متعطش للأسلحة الإسرائيلية
ووفقا لما ذكرته الصحافة الإسرائيلية فإن جورجيا شكلت وتشكل سوقا رابحة للسلاح الإسرائيلي، على درجة التسبب بأزمة وتوتر في العلاقات مع روسيا، من جهة، وفي quot;توترquot; دائم بين وزارة الخارجية وبين وزارة الأمن الإسرائيلية من جهة أخرى. ووفقا للصحف الإسرائيلية، فإن إسرائيل باعت جورجيا في الأعوام الأخيرة، طائرات استكشاف بدون طيار، وقذائف صاروخية، ومعدات للرؤية الليليية، كما قامت بتطوير طائرات ومقاتلات سلاح الجو في جورجيا، من طراز سوخوي 25، ناهيك عن تدريبا قوات البرية في جيش جورجيا، كما ذكرت صحيفة معاريف.

إلى ذلك لفتت صحيفة quot;يسرائيل هيومquot;، أن وزير الدفاع في حكومة جورجيا، دافيد كورشفيلي، هو يهودي الهوية، وسيبق له أن هاجر إلى إسرائيل عام 1992ومكث فيها كمواطن إسرائيل مدة عامين تقريبا قبل أن يعود إلى جورجيا.
ونقلت الصحيفة عن أول سفير إسرائيلي إلى جورجيا، باروخ بن نارييه قوله : quot;إن العلاقات بين البلدين كانت جيدة جدا منذ فتح السافرات بين البلدين عام 1993 وأن جورجيا كانت دائما بحاجة لمعونات عسكرية وأمنية، وقد وجدت ضالتها في إسرائيل. وأضاف يقول: quot;لقد ساعدناهم في مجالات أمنية خفيفة_ وبالأساس في تقيم المشورة وتحسين أجهزتهم العسكرية، خالصا إلى القول إن إسرائيل تبذل جهودا بالآ تتدخل في أكثر من نطاق المقبول والمعقول، وهي تأخذ بالحسبان الموقف الروسي وهو ما يفسر تقييد حجم الصادرات العسكرية والأمنية من إسرائيل لجورجياquot;.

وكانت صحيفة هآرتس أشارت في هذا السياق إلى الخلاف بين وزارة الخارجية افسرائيلية ووزارة الأمن في مسألة بيع السلاح لجورجيا، وأن الجنرال عاموس غلعاد (المسؤول أيضا عن ملف الأسير غلعاد شاليط) هو الذي أقر تقليص حجم ونوعية الأسلحة المصدرة لجورجيا بعد أن حذرت روسيا إسرائيل بأنها تعتبر قيام إسرائيل ببيع أسلحة هجومية لجورجيا خطا أحمر، حيث المح الروس في هذا السياق على معارضة إسرائيل وتحفظها من قيام روسيا ببيع أسلحة متطورة لإيران أو الدول العربية بحجة أنها قد تصل في نهاية المطاف إلى حزب الله.

وقالت الصحيفة إن قرار تقليص حجم ونوعية الأسلحة المباعة لجورجيا أثر غضب تجار الأسلحة في إسرائيل، على الرغم من أن القرار لا يتطرق إلى الصفقات التي تم إبرامها قبل صدوره، لكنه يعطل إبرام صفقات جديدة، تجري حاليا مفاوضات بين أطراف إسرائيلية وجورجيا لإبرامها.

وأشارت الصحيفة نقلا عن مصادر أمنية إلى أن حجم المبيعات الإسرائيلية لجورجيا في مجال الأسلحة يصل على 200 مليون دولار سنويا.