دنفر: تنصب تحليلات الصحافيين ووسائل الإعلام الأميركية على قياس نبرة المصالحة في خطاب هيلاري كلينتون في مؤتمر الحزب الديموقراطي في مدينة دنفر في ولاية كولورادو، وسط أجواء احتفالية في المؤتمر لم تبددها مخاوف الانقسام والتوتر القائم بين أنصار كل من كلينتون وباراك اوباما.

تشكل وحدة الحزب الديموقراطي من دون شك العنوان الأساسي للمؤتمر الوطني للحزب الذي يعقد كل أربع سنوات وهو استثنائي، هذا العام، بكل المعايير. وفي عنوان معبر، عقدت أعمال اليوم الأول تحت شعار quot;أمة واحدةquot; وهو الشعار الذي يرفعه اوباما منذ بدء حملته الانتخابية. وهذه واحدة من السمات الأساسية التي تطبع شخصية اوباما كونه يسعى الى توحيد الديموقراطيين والجمهوريين.

لكن سخرية القدر جعلت هم الحزب الديموقراطي اليوم الحفاظ على وحدة الحزب وتجنب خسارة انتخابية يقول الديموقراطيون على تعدد ولاءاتهم ان الولايات المتحدة لا تتحملها.

ليست الولايات المتحدة وحدها التي لن تتحمل الخسارة في وجه الجمهوريين ولكن الحزب الديموقراطي نفسه. فلو نجح ماكين في الاحتفاظ بالبيت الأبيض للحزب الجمهوري ستكون هذه ثالث ولاية للحزب الجمهوري على التوالي منذ العام الفين، وهو ما لم يحدث سوى مرتين في تاريخ الولايات المتحدة ان يبقى حزب واحد في السلطة لأكثر من ولايتين.

بدا التخوف من الانقسام واضحا في خطابات هيلاري كلينتون وباراك اوباما على السواء. quot;لسنا نسعى الى انتخاب رئيس معين لكننا ساعون الى استرجاع بلدنا. لا تخطئوا. اننا موحدونquot; قالت كلينتون في أحد تلك الخطابات في إشارة الى إعلان مصور نشرته حملة جون ماكين في وسائل الإعلام.

يصور الإعلان امرأة تقول انها من مناصري هيلاري كلينتون وانها ستصوت لصالح جون ماكين. ينتهي الإعلان بتأكيد السيدة ان quot;الكثير من الديموقراطيين سيصوتون لماكين. انها الحقيقة!quot;.

قد يكون هذا جزءا من الحقيقة اذا صدق المرء استطلاعات الرأي التي لا تنتهي في هذا الموسم الانتخابي. فبحسب آخر الاستطلاعات عبر أكثر من ثلاثين في المائة من مؤيدي كلينتون عن استعدادهم للتصويت لجون ماكين.

حرصت كلينتون على الرد على هذا الإعلان في أقرب وقت ممكن. وفي اجتماع مع مندوبي ولاية نيويورك دعت مؤيديها الى quot;العمل لباراك أوباما كما عملتم لصالحيquot;. ومن المتوقع ان يتكرر هذا النداء على ألسنة أغلبية المتحدثين في المؤتمر الوطني للحزب.

ترددت هذه الرسالة أيضا في مقابلات لبي بي سي مع بعض الحاضرين في مؤتمر دنفر. وتطرح في المؤتمر حاليا مسألة طريقة التصويت على تسمية اوباما مرشحا للرئاسة هل تتم بالاقتراع المباشر أم يغض النظر عن التصويت.

بسؤال بعض المندوبين عن هيلاري كلينتون عما اذا كانوا مصرين على التصويت لهيلاري كلينتون كانت الإجابات بمعظمها مصرة على إبداء quot;الاحترام لكلينتونquot; عبر التصويت لها إلا اذا سحبت اسمها من الترشيح كما قال أحد مندوبيها من ولاية نيويورك.

ويردد مناصرو كلينتون القول ان أوباما quot;أساء اتخاذ قرار سياسيquot; بتعيين السناتور جو بايدن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، مرشحا لنائب الرئيس، معتبرين ان كلينتون التي حصلت على ثمانية عشر مليون صوت في الانتخابات الأولية كانت الأولىquot; بهذا الترشيح. quot;القرار صعبquot; كما يقول مندوب عن هيلاري كلينتون عن ولاية فلوريدا. والكثير من المندوبين يؤكدون انهم لولا انتخابهم مندوبين لكلينتون لما حضروا المؤتمر الوطني من أصله.

يفترض في المندوبين الحاضرين في مؤتمر الحزب الديموقراطي عن كل الولايات ان يصوتوا في الليلة الأخيرة من المؤتمر لينتخبوا مرشح الحزب للرئاسة. وقد أصبح تقليدا ان تحدد الانتخابات الأولية التي تجري في كل ولاية على حدة اسم المرشح عن كل من الحزبين الديموقراطي والجمهوري. وهذا ما جرى فعليا. فاز اوباما بأكبر عدد من الأصوات متفوقا على منافسيه عن الحزب الديموقراطي وأولهم هيلاري كلينتون.

لكن المؤتمرين في دنفر يصرون على quot;الديموقراطيةquot;. يرفضون غض النظر عن التصويت بالاقتراع المباشر ويطالبون بان quot;يحظى مؤيدو كلينتون بفرصة التعبير عن ولائهم لهاquot;.

وتبقى مسألة quot;ولاءquot; المندوبين للمرشح الذي يمثلونه في المؤتمر مدار جدال داخل الحزب إذ يقول البعض ان المندوب quot;حر في اختيارهquot; لدى وصوله الى المؤتمر الوطني فيما يحاجج البعض الآخر بان على المندوب ان يتقيد quot;بخيار الناخبين الذين كلفوه بالتصويت لمرشح بعينهquot;. في هذا الخضم، يدور الحديث عن quot;إفراجquot; هيلاري كلينتون عن مندوبيها. لكن هل يرغب quot;المفرج عنهمquot; في quot;التحررquot;؟.