أوباما يُنصب بعد أيام والديمقراطية لن تكون على أولوية إدارته

جمهوريون يتغيبون عن حفل تنصيب أوباما

ليونا لويس تشارك في حفل تنصيب أوباما

أسعار تذاكر حضور حفل تنصيب أوباما من 5 أرقام

لجنة تنصيب أوباما تحدد سقف المساهمات الفردية

واشنطن: يؤدي الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما مراسم القسم الرئاسي بوصفه الرئيس ال 44 لبلاده على درجات المدخل الغربي لمقر الكونغرس في تمام الساعة الثانية عشر من ظهر 20 يناير تطبيقا للباب الاول من التعديل ال 20 للدستور الأميركي الذي ينص على ان الفترة الرئاسية تنتهي في تلك اللحظة تماما. ويحفل يوم تنصيب أي رئيس أميركي بالمراسم والطقوس التقليدية المتمثلة باستعراضات حرس الشرف والتحيات العسكرية والمسيرات والخطب اضافة الى المهرجانات والاحتفالات كما يحفل كذلك بالرموز التي تتعلق بالبدايات الجديدة والانطلاقات المختلفة والتغيير والتجديد الموعودين مع الاستمرارية والوحدة.

وتغدو مراسم التنصيب بمثابة تتويج ملكي ولكن على طريقة الجمهورية الأميركية بتحويل الانتقال الحضاري السلمي للسلطة الى احتفالية كبرى بالديمقراطية وعريسها الجديد. كما تجسد كافة مراسم وطقوس التنصيب التعبير عن ترحيب الشعب الأميركي بقائده الجديد الى جانب الاحتفاء بالكبرياء الوطني والحكومة الديمقراطية التي يدعمها الشعب. وابرز رموز تنصيب اول رئيس أميركي اسود في تاريخ الولايات المتحدة هي انه يقام تحت ظلال ابراهام لينكولن محرر العبيد والرئيس ال 16 للولايات المتحدة بل وتحت انظار تمثاله الضخم القابع في الطرف المقابل البعيد من الساحة الوطنية (ناشيونال مول) في النصب التذكاري الذي يحمل اسمه وعبر بحيرة الانعكاسات (رفلكشن بول) التي ستحتشد على ضفافها اعداد غفيرة وغير مسبوقة من المحتفين بالرئيس الجديد.

وتكتسب رمزية حضور لينكولن اكثر من بعد بخلاف فكرة انه محرر العبيد التي تفرض نفسها بشدة لأن لنكولون اشتهر بكونه زعيما كارزميا ثوريا مجددا وعد بالتغيير ونفذه تماما كما سيستخدم أوباما الذي يتخذ لينكولن مثالا اعلى له لأداء القسم الدستوري نسخة الكتاب المقدس التي استخدمها لينكولن لأداء قسمه الأول عام 1861 والتي اصبحت تعرف باسم (لينكولن بايبل).وستكون هذه هي المرة الاولى التي تستخدم فيها هذه النسخة بعد ان وفرتها مكتبة الكونغرس بحسب صحيفة (هوفنغتون بوست) الأميركية التي نقلت كذلك عن أوباما اعرابه عن الفخر باستخدامها.

والاهم من ذلك ان شعار مراسم التنصيب هو (ولادة جديدة للحرية) وهي جملة مأخوذة من خطبة شهيرة القاها لينكولن معروفة باسم (خطبة غيتسبيرغ) بل ان أوباما سيصل الى البيت الابيض قبل ايام معدودة من الاحتفالات بالذكرى ال 200 لولادة ذلك الرئيس التاريخي.

جدير بالذكر ان من اختار شعار تنصيب أوباما هي رئيسة لجنة تنصيب الرئيس المشتركة بين مجلسي الشيوخ والنواب السيناتور الديمقراطي ديانا فينشتاين التي قالت quot;في ازمة تواجه فيها امتنا تحديات كبرى في الوطن وخارجه من الملائم ان نستعيد كلمات الرئيس لينكولن الذي كافح لجمع هذه الامة سويا من خلال مناشدتها استعادة الزوايا الافضل في طبيعتنا كما ان الاحتفاء بتلك الكلمات ملائم بصورة خاصة فيما نستعد لتنصيب اول رئيس افريقي أميركيquot;.

وتحاط مراسم التنصيب كذلك بالعديد من المقارنات وبعضها سريالي ومن ابرز تلك المقارنات ما يتعلق بالخطاب الذي سيلقيه أوباما فمنذ ما قبل التنصيب والقاء الخطاب المنتظر بدأ بالفعل الاعداد للمقارنة بين ما سيقوله أوباما والخطاب الذي القاه جون كينيدي الرئيس ال 35 يوم تنصيبه عام 1961 والذي قال فيه جملته الشهيرة quot;لا تسألوا عما يمكن ان تقدمه بلادكم لكم بل تساءلوا حول ما يمكنكم تقديمه لبلادكمquot;.

ولعل هذه المقارنة المنتظرة تنبع من كون الرجلين من الخطباء المفوهين الذين لا يشق لهم غبار في ميدان البلاغة. كما تستدعي تلك المقارنات الواردة في عدد من المواقع الأميركية الجادة والتهكمية مقارنته بالرئيس جورج دبليو بوش الذي رقص في حفل تنصيبه الاول عام 2001 على المسرح مع المطرب ريكي مارتن الذي عاد بعدها بسنوات للقيام بحركة بذيئة في احدى حفلاته وهو يغني اغنية ساخرة عن الرئيس ال 43 في انعكاس لتردي رئاسة الابن.

غير ان أمرا كهذا من المستبعد ان يقوم به مستقبلا المطرب الريفي الشهير بروس سبرنغستين الذي سيحيي حفلا رئيسا من الحفلات التي تقام خلال اسبوع تنصيب أوباما وبحضوره. وعلى ذكر حفلات التنصيب من المقرر ان يقيم ويحضر أوباما عشرة احتفالات في هذا الاسبوع الصاخب وهو رقم كبير اذا ما عرف بان الرقم القياسي الحالي يحتفظ به الرئيس بيل كلينتون بعدد 14 حفلة في تنصيبه الثاني فيما لم يقم بوش الابن سوى بتنظيم 8 حفلات فقط في كل من يوميه المشهودين. ويقصد بتلك الحفلات التقاء الرئيس الجديد بكافة نواب وممثلي شعبه والنخب الكبيرة والشخصيات العامة قبل ان يشمر عن ساعد الجد وينخرط في مهام قيادة الامبراطورية.

وتعد مراسم تنصيب أوباما هي الاكثر كلفة وشعبية وحضورا وتغطية ومشاركة بين كافة مراسم التنصيب السابقة التي بلغ عددها 68 تنصيبا ل 43 رئيسا غير ان تلك قصة اخرى. وتبلغ التكلفة المتوقعة لاحتفالات تنصيب أوباما 45 مليون دولار على الرغم من حرص فريقه على بساطة الاحتفالات بالنظر لمرور الامة ومعها العالم بضائقة اقتصادية كبرى غير ان الانتخاب quot;التاريخيquot; لأوباما يستدعى كل هذا الصخب.

ومن بين كافة المراسم والاجراءات الباذخة والصاخبة في اسبوع التنصيب لا ينص الدستور الأميركي سوى على سطرين ونصف من الأسطر الخمسة التي تشكل القسم الرئاسي اما باقي القسم فهو نتاج الاعراف وابتكارات بعض الرؤساء السابقين فيما تفرض التقاليد والضرورات الاعلامية والاجتماعية والمكانة السياسية كافة المراسم والاحتفالات المتعددة للتنصيب ولا تنص القوانين على أي منها.

وحتى استخدام الكتاب المقدس (التوراة والانجيل معا) ليس مطلوبا دستوريا لاداء القسم بل هو محض عرف. ويؤدي أوباما القسم في ذروة اسبوع من الاحتفالات الشعبية والرسمية التي تبدأ من جزر هاواي في اقصى الغرب الأميركي في المحيط الهادىء وتشمل كافة الولايات الأميركية الخمسين والمناطق التابعة حيث تبدأ تلك الاحتفالات اليوم 17 يناير والذي يصل فيه أوباما واسرته مرة اخرى الى واشنطن بالقطار وتنتهي في 21 منه وتشمل العديد من المناسبات والمسيرات والحفلات.

وتستهل مراسم التنصيب الرسمية في الساعة السابعة صباح الثلاثاء بمسيرة التنصيب ذات الطابع الاحتفالي على النمط الأميركي وتنطلق على طول جادة بنسلفانيا قبالة البيت الابيض اما المراسم نفسها والتي تقام على منصة فوق سلم الكابيتول هيل فتبدأ في تمام العاشرة بحفل موسيقي جماهيري قصير يدوم نصف ساعة يحييه عدد من المطربين ابرزهم (الديفا) السمراء الشهيرة اريثا فرانكلين.

ويتوالى بعدها عدد من الخطباء على المنصة الرئيسية تتقدمهم السيناتور ديانا فينشتاين والقس الدكتور ريك وارين الذي يلقي موعظة التنصيب ثم تعاود الديفا المحبوبة تقديم وصلة غنائية واحدة قبل ان يؤدي نائب الرئيس جوزيف بايدن القسم الدستوري. وفي تمام الثانية عشر يصعد أوباما المنصة لتأدية القسم ويلقي عقب ذلك خطاب التنصيب ويقوم بعدها الكونغرس بدعوة الرئيس الجديد ونائبه الى حفل غداء في قاعة (ستاتوري هول) في الكابيتول حسب التقاليد قبل ان يشرع أوباما في مسيرة الفاتح المظفر من مقر الكونغرس الى البيت الابيض

ويشرف على مراسم القسم كما جرت العادة احد كبار القضاة وسيكون هذه المرة كبير قضاة واشنطن دي سي جون روبرتس جونيور وتشارك في المراسم جميع افرع القوات الأميركية المسلحة بصفة أوباما القائد الاعلى لها في تقليد يعود الى تنصيب المؤسس جورج واشنطن عام 1789. وفيما تعزف الفرقة الموسيقية لحن (تحية الى القائد) العسكري يقوم مشاة الجيش باطلاق 21 طلقة ترحيبا بسيد البيت الابيض الجديد مباشرة بعد القسم وقبل القاء خطاب التنصيب الذي يحدد فيه باراك حسين أوباما مرة اخرى رؤيته واهدافه.

وفي مساء نفس اليوم كما في مساء اليوم السابق والتالي يستضيف أوباما ويحضر عددا من التجمعات والاحتفالات الرسمية بخلاف حفلات التنصيب غير الرسمية التي لن يحضرها الرئيس الجديد ويبلغ عددها نحو 20 حفلة تتراوح اسعار التذكرة فيها بين 150 الى 2000 دولار فضلا عن عشرات المناسبات الاخرى التي ينظمها المجتمع المدني ومؤسساته في فترة موسعة تمتد بين 15 الى 24 يناير للاحتفاء بالرئيس الجديد.

وخفض مكتب عمدة واشنطن من تقديراته السابقة للاعداد الاجمالية للجماهير التي ستتوافد على المدينة لحضور احتفالات التنصيب من اربعة ملايين شخص الى نحو مليونين فقط بينهم نحو مليون سيحضرون مراسم التنصيب حول (بحيرة الانعكاسات) سواء مباشرة او عبر شاشات عملاقة وذلك بعد مراجعة آخر البيانات والحجوزات وخاصة حجوزات وسائل المواصلات العامة علاوة على سكان العاصمة نفسها.

وبلغ أوباما سدة الحكم بعد سباق رئاسي تاريخي حسمه بالفوز على منافسه الجمهوري جون ماكين في الرابع من نوفمبر بالفوز ب 53 في المئة من الاصوات الشعبية مقابل 46 لمنافسه وبعد ان حصد اصوات 365 من اصوات المجمع الانتخابي مقابل 173 صوتا للخاسر. وعلى الرغم من انه اول رئيس اسود سيحكم أميركا الا ان الزخم الذي يحيط بتنصيب هذا الرئيس الكاريزمي الشاب يدل على انه اصبح بالفعل وحتى من قبل ان يتولى الرئاسة من اكثر الرؤساء شعبية في بلاده والعالم اذا جاز القول لدرجة اصبح العالم يعيش معها ما يعرف باسم (ظاهرة أوباما).