توفي حسين علي منتظري في منزله في مدينة قم عن عمر (87 عاما) وهو الخليفة المعزول للإمام الخميني، وكان قد شارك مؤخراً في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، واقترع لصالح مرشح الرئاسة، مهدي كروبي. وحذر منتظري، الذي كان مرشحاً لخلافة آية الله الخميني، أثناء الانتخابات من التزوير. كذلك حذر منتظري من سقوط النظام الإيراني بسبب المظاهرات عقب الانتخابات، وقال إن إدارة السلطات الإيرانية لهذه الأزمة quot;تهدد بإسقاط النظام.quot;

المعارضة الإيرانية تعلن يوم الاثنين يوم حداد وطني على وفاة منتظري

وفاة اية الله علي منتظري الخليفة المعزول لاية الله الخميني

موقع اصلاحي: شرطة مكافحة الشغب الايرانية متمركزة بكثافة في قم

لندن : شكل رحيل مهندس الثورة الايرانية آية الله حسين علي منتظري اليوم عن عمر 87 عاما غياب اكبر المنتقدين شعبية من رجال الدين لولاية الفقيه التي يستمد منها النظام الحاكم في إيران شرعيته والتي دفعت آية الله الخميني لتجريده من مناصبه ثم عزله عام 1988 حيث اضطهد أتباعه وأقاربه وتعرض العديد منهم للاغتيالات برغم انه كان مهندس الثورة الايرانية ضد الشاه عام 1979 وبرحيله تنفس المتشددون الايرانيون الصعداء للتخلص من اكثر آيات الله عداء لهم ودعما للاصلاحيين الذين يقودون الان تظاهرات واحتجاجات يومية ضد النظام الحالي .

سيرة فقهية وسياسية حافلة وخلاف مع الخميني

وولد منتظري عام 1922 وهو من قادة الثورة الإسلامية في إيران وحكم عليه بالإعدام في عهد الشاه عام 1975 لكن تم إطلاق سراحه بعد ثلاث سنوات وعينه الخميني نائباً للمرشد الأعلى لكنه استقال اعتراضاً على الإعدامات السياسة العشوائية عام 1988 موجهاً ثلاثة رسائل أثنين منها للخميني وجه فيها انتقاداته الحادة له ولنظامه والأساليب القمعية التي استخدمت ضد المعارضين ففرضت عليه الإقامة الجبرية الؤقتة في منزله بمدينة قم إلى ان رفعت عنه تماماً وقد تعرض للإضطهاد والظلم وقد قتلت الإستخبارات الإيرانية إثنين من أولاده. وقد اكسبته مواقفه المستقلة الكثير من الشهرة وزادت أتباعه بشكل ملفت. ويدعم منتظري الإصلاحيين وكسر عزلته السياسية ليصوت لمير حسين الموسوي في الانتخابات الرئاسية الاخيرة .

وقد بدأت مسيرة الخلاف مع النظام مطلع عام 1986 عندما ألقت قوات الأمن الإيرانية القبض على خلية مسلحة يتزعمها مهدي الهاشمي أخ صهر منتظري تتخذ من مكتب منتظري وبيته مرتعاً ومنطلقاً لعملها مستغلة موقعه الوظيفي في الدولة كخليفة للولي الفقيه والذي أعطاه الحرية والصلاحية في التصرف بالكثير من شؤون الحكم . وقد ادت الاعترافات التي ادلى بها اعضاء الخلية والمضبوطات التي بحوزتهم الى هز موقع منتظري وطبيعة ومستقبل علاقته مع الحكم فقد تبين بأن تلك الخلية اقامت علاقات منتظمة مع معارضي النظام . وتقول بعض المصادر ان تلك الخلية كانت تمثل تيارا متطرفا مسيطراً على جزء كبير من مكاتب ومدارس منتظري الدينية وحتى على مكتبه الخاص ومنزله وبالتالي على قراره الشخصي. على حد قول مصادر النظام .

وكان منتظري معارضا لذلك الاعتقال باعتباره طال أحد أقربائه الموثوقين . وبعد ان بث التلفزيون الإيراني اعترافات مهدي الهاشمي الذي اعتبرها منتظري ضربة ألحقت به وبمدارسه الدينية ضرراً بالغاً فكتب رسالة إلى الخميني قال فيها quot; حول تعييني كخليفة للقائد فإنني كنت منذ البداية معارضاً لذلك جداً وبالنظر إلى المشاكل الكثيرة وثقل المسؤولية كتبت في ذلك الوقت إلى مجلس الخبراء بأن تعييني ليس فيه مصلحة والآن أيضاً أعلن بصراحة عن عدم استعدادي وأطلب من سماحتكم أن تأمروا مجلس الخبراء بأن يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة ومستقبل الإسلام والثورة والبلاد بشكل قاطع واسمحوا لي بأن أشتغل كما في السابق كطالب صغير وحقير بالتدريس في الحوزة العلمية والنشاطات العلمية وخدمة الإسلام والثورة تحت ظل قيادة سماحتكم الحكيمة quot; .

فكتب إليه الخميني بعد يوم واحد رسالة قال فيها quot; كما كتبتم إن قيادة نظام الجمهورية الإسلامية هو أمر صعب ومسؤولية ثقيلة وخطيرة وتحملها لا تسعها طاقتكم ولهذا كنت أنا وأنتم معارضين لهذا الإنتخاب منذ البداية وكنا نفكر مثل بعضنا في هذا المجال ولكن الخبراء كانوا قد وصلوا إلى هذه النتيجة ولم أرغب في أن أتدخل في حدودهم القانونية وبعد القبول بإعلانكم بعدم استعدادكم لمنصب خليفة القائد أشكركم من الصميم quot; . وبذلك بدأت الاجراءات القانونية والإدارية لتنحي منتظري عن منصبه انتهت رسمياً في اذار (مارس) عام 1988 .

وفي عام 1997 لدى انتخاب محمد خاتمي رئيسا للجمهورية ألقى منتظري خطبة في أحد مساجد مدينة قم شن فيها هجوماً عنيفاً على مبدأ ولاية الفقيه وعلى صلاحيات مرشد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي ومن ثم على شخص المرشد نفسه عندما شكك في مؤهلاته العلمية والإدارية .

موقف مؤيد للاصلاحيين

وبرغم دوره البارز في الثورة الا انه وضع تحت الاقامة الجبرية لمدة 23 عاما في منزله بمدينة قم جنوب طهران خوفا من تأثيره قبل أن يلغى هذا التدبير في عام 2003. وأصبح مجرد ذكر اسمه ضمن مقالة أو صحيفة مدعاة للعقوبة وقام بنشر مذكراته التي تتضمن كشفا للاتصالات السرية بين رموز المحافظين الإيرانيين وكل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بغرض شراء الأسلحة في حربهم مع العراق ووجه انتقاداته لنظام الحكم في إيران بالأخص لمسألة حقوق الإنسان. وقد صدر حكم بالإعدام على آية الله منتظري عام 1975 لكنه لم ينفذ وأطلق سراحه بعد ذلك بثلاثة أعوام وأصبح عضوا في المجلس الثوري . وهو يعتبر واحدا من أكبر المرجعيات الدينية للشيعة وقد أكسبته مواقفه السياسية المستقلة مزيدا من الصلابة والشعبية في آن واحد.

واخر موقف لمنتظري ضد النظام كان وصفه للمؤسسة الدينية في البلاد بquot;الدكتاتوريةquot; قائلا إن تعامل السلطات مع الاضطرابات التي اندلعت في الشوارع في أعقاب انتخابات الرئاسة المتنازع على نتيجتها والتي جرت في حزيران (يونيو) الماضي quot;يمكن أن يؤدي إلى سقوط النظامquot;. وقد اصدر منتظري بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران الماضي فتوى تدين حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد وخاطب رجال الدين الايرانيين انهم قادرون ويجب عليهم ان يسعوا الى الاصلاح. وقال منتظري في بيان له quot;آمل أن تستيقظ السلطات قبل فوات الأوان ومزيد من تلطيخ سمعة الجمهورية الإسلامية.. وقبل أن يتسببوا بإسقاط نظامهم بأنفسهمquot; مطالباً بوقف ما وصفه بـquot;المحاكمات المسرحيةquot; التي وصفها بأنها تحريف للعدالة الإسلامية .


وكان منتظري يعد احد علماء الدين الذين يحاطون باحترام خاص فقد كان احد المرشدين الروحيين للثورة الايرانية التي نتج عنها قيام دولة اسلامية قبل 30 عاما واحد واضعي دستور الجمهورية الاسلامية كما اعتبر لفترة الشخصية المرشحة لخلافة الخميني لمنصب المرشد الاعلى للثورة الاسلامية. وهو ينتمي الى التيار الديني التقدمي وقد اتخذ مواقف ضد تشدد النظام التدريجي في مواجهة الخصوم حتى اقصاه الامام الخميني في اذار (مارس) عام 1989.

منتظري وبدايات اهتمامه بالشؤون السياسية

وعن نشأته الاولى يقول منتظري المتزوج من شقيقة الخميني في مذكراته انه ولد في مدينة نجف آباد القريبة من اصفهان ثم غادرها الى قم لمواصلة الدراسة مشيرا الى ان والده كان فلاحا ورغم امتلاكه مزرعة وحديقة غير انه كان يعمل مزارعا لأحد المالكين. ويقول انه رحل الى قم وعمره 13 عاما quot;ونظرا الى ان الحكومة في ذلك الحين كانت تجري امتحانا للراغبين في الانضمام الى المدارس الدينية في الحوزة وممن كانوا يريدون ارتداء العمامة فانني شاركت في الامتحان ونجحت .. وقد مضى اكثر من عشرة شهور على اقامتي في مدينة قم دون ان اقبض الشهرية وكان والدي يعطيني نصف ريال ولم يكن هذا المبلغ يكفي لشراء الغذاءquot;.

ثم يتحدث بعد ذلك عن سنوات دراسته في أصفهان وقم حيث نال اجازة الاجتهاد وهو ما يزال شابا ويتذكر اساتذته والعلماء الكبار ممن تتلمذ عليهم كما يشير الى سنوات حكم رضا شاه بهلوي والد الشاه الاخير محمد رضا بهلوي بمرارة شديدة بسبب قراره بنزع حجاب النساء وفرض ارتداء الزي الغربي quot;البدلة والبنطلون وربطة العنف والقبعةquot; على الرجال ويكشف انه لم يكن يرتدي العمامة والعباءة في تلك السنوات اذ ان العلماء الكبار فقط كان مسموحا لهم الظهور بالزي الديني .

ويشير الى سنوات حكم رئيس الوزراء الوطني الدكتور محمد مصدق الذي كان البعض من رجال الدين معارضين له بسبب مواقفه السياسية وتسامحه حيال نشاط الاحزاب اليسارية والشيوعية ويقول quot;في هذه السنوات ولدت حركة ثورية اسلامية باسم (فدائيي الاسلام) تحت زعامة رجل شاب كان قد درس في المعهد الفني قبل التحاقه بالمدارس الدينية هو نواب صفوي الذي كان متحمسا لفكرة الوحدة الاسلامية وسافر الى مصر والتقى قادة حركة الاخوان المسلمين وشيوخ الازهر وفي الحوزة الدينية بقم كان الطلبة يؤيدون مواقفه وتوجهاته ونائبه حجة الاسلام واحدي بينما المراجع الكبار اعتبروا ممارسات نواب صفوي وآراءه الثورية الراديكالية مخالفة لمبادئ الشريعة والنظام المطبق في الحوزةquot;.

ويتذكر منتظري في هذا الفصل من مذكراته قائلا quot;نحن كنا متعاطفين في قلوبنا مع نواب صفوي ورفاقه بسبب حملاتهم ضد الشاه ورجال الحكمquot;. ثم يروي كيفية تعامل الحوزة مع انشاء اسرائيل والحرب الاولى بين العرب واليهود قائلا quot;لقد احتل اليهود ارض فلسطين وطردوا المسلمين من وطنهم وقيل آنذاك ان ايران بصدد الاعتراف باسرائيل .. لقد كان آية الله العظمى محمد تقي خونساري من المراجع الكبار، الذين تعاونوا مع آية الله كاشاني في تعبئة الرأي العام ضد اسرائيل ولصالح الشعب الفلسطينيquot;. وعندما اعفاه خميني من مسؤولياته قال quot;ما اتفّق لي في هذه الحادثة لم يوجدِ في نفسي أي اثر سوء، بل شكرت الله تعالى واشكره على رفع التكليف rlm;والمسؤولية الخطيرةquot; .

ادلة منتظري ضد ولاية الفقيه

وحول دليله لنفي الولاية المطلقة عن الفقيه يؤكد منتظري في مقابلة صحافية معه احراها موقع quot;المعصومينquot; قبل سنوات قليلة قائلا quot;نفي الولاية المطلقة للفقيه لا يستدعى دليلاً إذ الأصل الأولي يقتضي عدم ولاية أحد على أحد بل إثباتها يستدعى rlm;دليلا قاطعا ولم اعثر على ذلك في الكتاب والسنّة ولا في حكم العقل.. وهناك ضرورة للحكومة لكن العقل والشرع يدلان على اعتبار شروط في الحاكم الإسلامي ومنها الفقاهة والعدالة وحسن التدبيرquot;. ثم يشير على صحة موقفه الى ايات قرانية واحاديث نبوية موضحاquot; قال الله تعالى في سورة الشورى (في وصف المؤمنين): (وأمرهم شورى بينهم). وخاطب رسوله - في سورة آل عمران - مع كونه معصوما بقوله: (وشاورهم في الأمر) وكلمة (الأمر) في اصطلاح الكتاب والسنة كان يطلق على الأمور الاجتماعية والسياسية العامة. وكان رسول rlm;الله (صلى الله وعليه وآله وسلم) مع عصمته يشاور أصحابه في الأمور المهمة الاجتماعية ولم يكن يستبدّ بها. والولاية المطلقة خاصّةٌ بالله العظيم مالك كل شيء وخالقه. (إن الحكم إلا لله) (سورة يوسف: الآية 76) والباقون حتى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) موظّفون بإجراء أحكام الله تعالى، ولهم الولاية في إطار أحكام الله تعالى.

قال الله تعالى في سورة المائدة مخاطبا رسوله: (وأن احكم بينهم بما انزل الله وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما انزل إليك) .. كما ان الولاية المطلقة للفرد غير المعصوم ربما توجب استبداده في أعماله وأحكامه ويمكن أن يتدخّل فيما ليس متخصصا فيه ويتعقبه أضرار كثيرة على الأمة. ولم يكن في الدستور الأول كلمة (المطلقة) ولكن أضافوها في إعادة النظر فيهquot;. وحول اسباب اعتراضه على الكثير من صلاحيات الوليّ الفقيه يقول quot; إن كان نظركم في السؤال إلى محاضرتي في (31 رجب 1418 هـ) التي أعقبّها فرض الإقامة الجبرية عليّ في البيت بعد حوادث مؤسفة وهجمات فظيعة فهدفي من المحاضرة كان هو النصيحة وأداء وظيفة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والدفاع عن مرجعية الشيعة والنظام الإسلامي.

ونحن نقرأ في الخطبة (612) من نهج rlm;البلاغة مخاطبا أصحابه: (فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ rlm;ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله...) فإذا كان أمير المؤمنينrlm; (عليه السلام) مع عصمته يستقبل النقد والنصيحة وجب على كلّ من يدّعي متابعته التأسي بحضرته rlm;(عليه السلام) والاستقبال من ذلكquot;. وفيما اذا كان يعتقد ان مبدأ تصدير الثورة الذي تبنته إيران إثر نجاح ثورتها من الإرهاب يشير منتظري quot;لم يكن تصدير الثورة بمعنى الهجوم على البلاد وقتل النفوس بل بمعنى الحماية الثقافية والسّياسيّة والإعلامية عن المظلومين في البلاد والدفاع عنهم في تحصيل حقوقهم الاجتماعية. ومبنى ذلك مضافا إلى حكم العقل والعقلاء بذلك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان quot;من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم rlm;يجبه فليس بمسلمquot; .

وعن موقفه من تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) يقول منتظري ان أحداث سبتمبر في أميركا quot;لم rlm;تكن مما يساعده العقل والشرع وكانت من افحش الظلم على الإنسانية، فعلى الاخوة والأخوات في جميع البلدان أن يعلنوا البراءة منها. ولكن لا يخفى أن العاملين لهذه الأحداث الفظيعة كانوا يوما تحت حماية دولة أمريكا. ومن خصال القوى الاستعمارية انهم بطبعهم الاستعماري لا يتورعون عن إحداث نظير هذهrlm; الأحداث في سائر البلاد لأهدافهم السياسية الشيطانية إما مباشرة أو بالتسبيب فانظر كيف تُحدِث إسرائيل وليدة الاستعمار في البلاد الفلسطينية أحداثا فجيعة من القتل والتخريب والتدمير وتؤيدها أميركا وتساعدها على ذلك. ولا يشعرون أن في نظام التكوين لكل صوت ردّ صوت ولكل فعل ردّ فعلquot;.

ومن دون شك فأن غياب منتظري عن الساحة الايرانية السياسية والفقهية قد جاء في وقت غير مناسب بالنسبة للاصلاحيين المعارضين للنظام والذين فقدوا برحيله ركنا مهما من اركان حركتهم لما كان يشكله وقوفه معهم من دعم كبير كان ينظر اليه المتشددون بقيادة خامنئي ونجاد بخشية كبيرة نتيجة تأثيره على الشارع الايراني الشعبي الذي بدأ منذ اشهر انتفاضة سلمية تطورت الى عنف في بعض الاحيان ضد النظام الايراني .