وكالات: أكد مسؤول عسكري رفيع في الجيش الأميركي أن طائرات حربية إسرائيلية شنت غارة جوية على السودان في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث قصفت قافلة أسلحة يُعتقد أنها كانت في طريقها من إيران إلى قطاع غزة، مروراً بكل من السودان ومصر.

جاءت الغارة الإسرائيلية، التي كشفت عنها شبكة CBS الإخبارية الأميركية لأول مرة، في الوقت الذي كان يقوم الجيش الإسرائيلي فيه بشن هجوم على قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot;، في العملية التي أطلق عليها اسم quot;الرصاص المصبوبquot;، والتي استمرت 22 يوماً.

وفيما تكتمت الخرطوم طوال الفترة الماضية أنباء الغارة الجوية، التي استهدفت قافلة من الشاحنات شرقي السودان، فقد أقر مسؤول سوداني الخميس بوقوع القصف، إلا أنه قال إن بلاده تعرضت لغارتين جويتين شنتهما طائرات أميركية، مشيراً إلى أن الغارتين أسفرتا عن سقوط نحو 800 قتيل. إلا أن المسؤول الأميركي رد على اتهامات الخرطوم نافياً وجود دور للولايات المتحدة في تلك الغارة، مؤكداً أن طائرات إسرائيلية قامت بتنفيذها، دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.

ولم يعلق مسؤولون إسرائيليون على هذه الأنباء ولم يؤكد رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت النبأ، ولكنه قال إن إسرائيل تضرب في أي مكان كي توقف الارهاب. وقال أولمرت quot;إن ذلك صحيح في الشمال، وصحيح في الجنوب ومن لا يعرف عليه أن يعرف ان إسرائيل يمكن أن تضرب في أي مكانquot;.وأضاف قائلا في خطاب ألقاه بمدينة هرتزيليا quot;إننا ننشط في العديد من الأماكن القريبة والبعيدة وننفذ غارات جوية بشكل يعزز قدرتنا على الردعquot;.

وقال بول وود مراسل بي بي سي إن رد الفعل الاسرائيلي جاء وفقا للخط المتبع عادة والذي حدث بعد هجومها على مفاعل سوري عام 2007 ، في البداية ترفض أن تؤكد الغارة ثم تعطي إيماءات. واضاف قائلا إن ما نفهمه من أولمرت الآن هو quot;الايماءاتquot;.

كذلك، وصفت وسائل إعلام بينها موقع صحيفة يديعوت أحرونوت على الإنترنت تصريحات اولمرت بأنها تلميح بضلوع إسرائيل في الغارة على السودان. وقال معلقون عسكريون إنه لا يضر على الإطلاق أن تجعل أعداءك يعتقدون أنه يمكنك القيام بهجمات على مسافات بعيدة كما تفعل إسرائيل وأنك لن تتردد في القيام بذلك.

ورفض مسؤول إسرائيلي أن يؤكد أو ينفي قيام إسرائيل بشن الهجوم داخل السودان. وقال مشترطا عدم ذكر اسمه quot;أمامنا مشكلة كبرى مع السودان كمصدر للأسلحة المهربة، ولا يمكن الاعتماد على المصريين في القيام بدوريات على هذه الحدود الكبيرة كثيرة المنافذ.quot; وقال إن البعض في مصر لا يعترف حتى بوجود حدود، ونحن مطلعون أيضا على العلاقات الوثيقة بين مصر والسودان التي يمكن أن تجعل من مصر غير راغبة في العمل ضد السودان.

من ناحية أخرى قال ايتان بن الياهو وهو قائد سابق لسلاح الجو الإسرائيلي إنه من المؤكد أن القوات الجوية الإسرائيلية قادرة على تنفيذ مهمة من هذا النوع تتضمن قطع مسافة 1400 كيلومتر ذهابا وإيابا. وقال لإذاعة الجيش إنه إذا كان الممر الجوي خاليا فوق البحر مثلا فسيكون الأمر أسهل ويمكن إعادة تزويد الطائرة بالوقود في الجو. وقال إن السودان بصفة عامة وبالتحديد معظم أراضيه لا تغطيها دفاعات رادارية، لذا فإنهم لا يعرفون إنك قادم إلى مناطق صحراوية نائية. نقلت فضائية quot;الجزيرةquot; عن وزير الدولة بوزارة النقل السودانية، مبروك مبارك سليم، قوله إن 800 شخص قتلوا في غارتين جويتين شنتهما الولايات المتحدة على الأراضي السودانية، في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، مشيراً إلى أن القتلى بينهم صوماليون وإثيوبيون وإريتريون وسودانيون.

تجدر الإشارة إلى أن لدى القوات الجوية الإسرائيلية صواريخ متقدمة يمكن إطلاقها من ارتفاع عال وربما من مسافة كبيرة خارج المجال الجوي لدولة وتهبط باتجاه هدف معين باستخدام معلومات بصرية واردة من قمر صناعي.و لا توجد هناك حاجة إلى تعرف بصري على الهدف من ارتفاع منخفض إلا إذا كان من الضروري التحقق من هويته.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن أولمرت قال في وقت سابق من الشهر الحالي أمام حكومته إن إسرائيل نفذت عمليات خفية كبيرة وهامة وحاسمة لا تحصى خلال فترة رئاسته للحكومة.

في المقابل،نفى المسؤول السوداني التقارير التي أفادت بأن قافلة الأسلحة كانت في طريقها إلى قطاع غزة، قائلاً إنها كانت تخص quot;جماعات تهريب والاتجار بالبشرquot;، مشيراً إلى أن الأسلحة التي كانت معهم خفيفة ولا تتعدى quot;الكلاشينكوفquot; بغرض الحماية.

كما نقلت الفضائية القطرية عن المتحدث باسم القيادة الأفريقية للجيش الأميركي، فينس كرولي، نفيه قيام طائرات أمريكية بشن غارات على مواقع داخل السودان، مشدداً على أن quot;القوات الأمريكية لا تقوم بعمليات دورية، وإنما تساعد دول المنطقة وتقاسم معها المعلومات أحياناً.quot;

وكانت محطة CBS الأميركية قد ذكرت في تقرير لها الأربعاء، أن الطيران الإسرائيلي شن في يناير/ كانون الثاني الماضي، هجوماً على قافلة تضم 17 شاحنة محملة بالأسلحة، كان يفترض تهريبها إلى حركة حماس في قطاع غزة، وذكرت أن الغارة أسفرت عن سقوط 39 قتيلاً. وبحسب الشبكة الأميركية فإن الأسلحة قدمت إلى السودان من إيران، وكان من المفترض أن يتم تسليمها إلى حركة حماس في قطاع غزة، عن طريق مصر، في إطار quot;إعادة بناء وتسليح الحركة الفلسطينية، التي لحقت بها خسائر جسيمة جراء الهجوم على غزة.quot;

كما ذكرت صحيفة quot;معاريفquot; الإسرائيلية أن الغارة الجوية على السودان، تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بموجب مذكرة تفاهم وقعها الجانبان مؤخراً، تلتزم في إطارها واشنطن quot;بكل قوةquot;، بمنع إعادة تسليح حركة حماس، عن طريق التهريب، سواء من البحر، أو من مناطق أخرى.