أملته معطيات وتفرضه مكافحة الإرهاب
التسلح في الجزائر .. خيار إستيراتيجي دائم

إقرأ أيضا في ملف التسلح بمنطقة المغرب العربي

إيلاف تفتح ملفّ التسلح في منطقة المغرب العربيّ

تونس تُخيّر علاقات وثيقة مع قوى عظمى على التسلّح

ليبيا تتسلح من روسيا والغاية.. فرض إحترام الجيران

محمد الغماري: المغرب يستعد لجميع الإحتمالات لحماية حدوده

كامل الشيرازي من الجزائر: إتسّم الحديث عن ملف التسلح في الجزائر على الدوام بقدر مضاعف من الحساسية والخصوصية، على نحو جعل الشارع المحلي هناك يتعاطى دوما بتحفظ ظاهر مع الموضوع فهو أكثر المسائل غموضا وإنطباعا بالسرية، حتى وإن كان الخوض في التسلح خلال السنوات الأخيرة شهد نقلة نوعية إعلاميا، مع بدء المسؤولين الجزائريين تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقاليد الحكم، في الحديث عن الإنتقال بالجيش الجزائري إلى طور الإحترافية وتحديث المعدات الحربية التي تآكلها الصدأ منذ أواسط ثمانينات القرن الماضي. وقصد تسليط الضوء على راهن منظومة التسلح الجزائرية، ومختلف الأشواط التي قطعتها منذ إستقلال الجزائر في يوليو/تموز 1962، قامت quot;إيلافquot; برصد ما إكتنف مسار التسلح، بمعية الخبيرين الجزائريين quot;كمال منصاريquot; وquot;د/إسماعيل معرافquot;.

3 مراحل وكتلة من التطورات

تشير المعلومات الرسمية المتوفرة إلى رصد السلطات الجزائرية على مدار الفترة ما بين 1963 و1998 مخصصات بحدود 10 مليارات دولار بغرض اقتناء أسلحة عصرية ومتطورة، غالبيتها جرى جلبها اعتبارا من مطلع التسعينات لاعتبارات ميدانية فرضتها مكافحة الإرهاب ودعم إحترافية الجيش، ويلاحظ الفاحص لتفاصيل قوانين الموازنة السنوية أنّ حجم ما تستفيد منه وزارة الدفاع الجزائرية أكبر بكثير مما يتم إقراره لصالح الأسلاك القطاعية الأخرى، حيث واظب معدّو قوانين الموازنة منذ استقلال البلاد على رفع سقف المبالغ الخاصة بالشأن الدفاعي وتسليح الجيش.

وتقول وثائق غربية كُشف النقاب عنها حديثا، إنّ دولة مثل ألمانيا الديمقراطية لعبت سنوات الستينات دوراً محورياً في بناء أسس الصناعة العسكرية الخفيفة في الجزائر، من خلال تزويد مصانع ألمانية عدة للجانب الجزائري معدات ذات تقنية، ومنحها فرص تكوين وتأهيل للكوادر الجزائرية داخل المؤسسات العسكرية في ألمانيا الديمقراطية وقتئذ، وهو ما دعمته الجزائر التي خرجت من احتلال فرنسي استمر 132 سنة، بعقد صفقات خلال تلك الفترة مع كل من بلغاريا ويوغوسلافيا وكوريا الشمالية.

وفي مقابلة خاصة مع quot;إيلافquot;، قسّم الدكتور إسماعيل معراف المسلك الذي اتخذه التسلح في الجزائر إلى ثلاث مراحل كبرى، بدأت الأولى - بحسبه - مباشرة بعد الاستقلال، واعتمدت بشكل تقليدي على الاتحاد السوفياتي الراحل في مجال تزويد السلاح والمعسكر الاشتراكي بشكل عام، ويضيف معراف أنّ صفقات التسلح آنذاك اقتصرت على المجالين البري والجوي فقط، بينما شهدت المرحلة الثانية اعتبارا من العام 1974، تحولا بسبب مخلفات أزمة الطاقة آنذاك، والمواقف التي اشتهرت بها الجزائر خلال عهد رئيسها الراحل quot;الهواري بومدينquot; بمناهضتها الامبريالية والسيطرة الأميركية والغربية، بالتزامن مع بروز خلاف وعداء قوي مع المغرب، ويفيد الأكاديمي والباحث الاستيراتيجي اسماعيل معراف أنّ هذه المرحلة الثانية تميزت بالتركيز على تنويع مصادر اقتناء السلاح مع شركاء متعددين محسوبين على المعسكر الاشتراكي، مع دخول فرنسا على الخط، إثر العودة التدريجية للعلاقات الجزائرية الفرنسية، ويركّز معراف على أنّ باريس كانت تبيع السلاح للجزائر والمغرب حتى تبقي التوازن سيدا للموقف في منطقة محسوبة عليها تاريخيا بحكم احتلالها للبلدين، ورغبة الساسة الفرنسيين في إبقائها مركزا للنفوذ.

وبمنظار د/معراف، فإنّ المرحلة الثالثة في مسار التسلح في الجزائر، انطلقت العام 1984، ولا تزال مستمرة بتقديره إلى غاية اليوم، وتتميز برأي الخبير بدخول الجزائر بقوة على المستويات البرية والبحرية والجوية، ويستدل محدثنا بارتفاع ميزانية التسلح بشكل مطرد بين عامي 1980 و1985، قبل أن تتراجع سنة 1986 بسبب الأزمة المالية وتراجع أسعار البترول، لكنها سرعان ما عاودت الارتفاع مع سنة 1992 التي اقترن شتاؤها بنشوب الأزمة الأمنية في الجزائر، بيد أنّ الدكتور معراف يلح على أنّ تلك العودة كانت مُحتشمة، فعدا روسيا وبعض الدول quot;الصديقةquot; التي واصلت إمداد الجزائر بالسلاح، سارت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية في اتجاه معاكس، على خلفية الموقف الذي اتخذته كل من باريس وواشنطن من quot;الاسلام السياسيquot;، واعتبارهما آنذاك أنّ النظام الجزائري قام بما نعتته العاصمتان (حماقات) انتابت التعامل مع ظاهرة quot;صعود نجمquot; الاسلاميين المتشددين، وما رافق ذلك من توجيه الاليزيه والبيت الأبيض اتهامات إلى السلطة الجزائرية اشتهرت في تلك الفترة، بما أطلقا عليه quot;انتهاكات حقوق الانسانquot;.

لكن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، أحدثت تحولا مفصليا، سارع معه الرئيس الأميركي السابق quot;جورج دبليو بوشquot; إلى اتخاذ الجزائر كحليف أساسي في quot;حربه على الإرهابquot;، وتصنيفها ضمن قائمة البلدان quot;الصديقة والشريكةquot; التي تم تزويدها بمعدات وأجهزة عسكرية ثقيلة، واستفادت من إنجاز برامج خاصة بالتدريب والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ضمن quot;خطة دعم موسّعquot;، في سياق دعم جهود الجزائر لتحديث قواتها المسلحة، حيث اقترحت واشنطن رصد مساعدات للجزائر بحدود 2.8 مليون دولار خلال العام 2007.

وفي تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، يشرح الأستاذ كمال منصاري أنّ الجزائر دخلت منذ سنة 1999 في مرحلة تطوير جيشها وجعله محترفا وفقا لمعطيات جيو إستراتيجية عديدة اتّسمت بظهور أحادية القرار على المستوى العالمي وبروز ظاهرة الإرهاب، وعليه عملت الجزائر على التعاطي مع هذه المتغيرات بتنويع مصادر تموينها بالسلاح التي كانت مقتصرة على روسيا، ومن إفرازات ذلك ما يميز العتاد العسكري الجزائري حاليا بمختلف أنواعه، إذ جرى جلبه من: فرنسا، الصين، الولايات المتحدة، بريطانيا، باكستان، جمهورية التشيك، فضلا عن روسيا الحليف التقليدي.

ويلاحظ د/معراف أنّ انتعاش أسعار المحروقات وتمكن الجزائر من إنقاص دينها الخارجي إلى جانب ارتفاع احتياطي الصرف إلى مستويات قياسية، وفر امكانية تسلح كبيرة للجزائر، بحيث تموقعت كأحد أكبر الشركاء في منطقة جنوب المتوسط، وجعل اقتناء أسلحة حديثة أمرا حتميا، خصوصا مع كون السلاح الذي اشترته الجزائر في ما مضى اتّصف بكونه quot;تقليدياquot; نوعا ما، ما أثار حفيظة المؤسسة العسكرية في الجزائر، وجعلها تبدأ في حراك متصل اعتبارا من العام 2004، توجته في مارس/آذار 2006 بإبرام أضخم صفقة أسلحة في تاريخها مع روسيا بواقع 7.5 مليارات دولار ما جعلها تتبوأ الصدارة كأول زبون إفريقي لروسيا في مجال السلاح، وهي حادثة يقول الدكتور معراف إنّها أصابت أطرافا خارجية بـ(الهوس)، وجعلتها تمارس تأثيرها على quot;نخبة معينةquot; داخل النظام الجزائري، ما جعل حكاية الأسلحة الفاسدة تأخذ مداها المعروف، ويقرّ الدكتور معراف جازما:quot;ليست هناك كفاءات تعرف قيمة هذا السلاحquot;.

وحتى نضع القارئ في الصورة، فإنّه في أعقاب الاتفاق العسكري الجزائري الروسي في ربيع 2006 الذي أخذفي الاعتبار تعويض ديون الجزائر منذ عهد الاتحاد السوفييتي الراحل والمقدرة بـ4 مليارات دولار لقاء اقتناء طائرات سوخوي وميغ ودبابات وبوارج وصواريخ، قام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة مفاجئة إلى موسكو في 17 شباط/فبراير 2008، كان عنوانها الأبرز، ما سُمي آنذاك (معضلة) الأسلحة الروسية، حيث تناقلت أوساط مطلّعة أنّ بوتفليقة احتجّ لدى نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الشكوك التي طرحت بحدة حول مستوى صلاحية واردات السلاح الروسي، لا سيما قضية quot;70 طائرة مقاتلة من نوع quot;ميغ 29quot;، التي أوقف الجزائريون صفقتها -جزئيا- لتقديرهم أنّ قسما منها quot;رديءquot; غداة تقرير أعدّه خبير جزائري مقيم في روسيا واشتمل على ملاحظات سلبية بشأن 24 من مقاتلات quot;ميج 29quot; التي استلمتها الجزائر، وتضمن التقرير المشار إليه ملاحظات حول عيوب وتحايلات انطوت عليها عملية تجهيز مقاتلات quot;ميغ 29quot; الروسية الصنع، من حيث إقدام شركة quot;إركوتquot; الروسية لصناعة الأسلحة على استعمال معدات قديمة، وهي محاذير دفعت وزير الدفاع الجزائري الفريق quot;أحمد قايد صالحquot; إلى اتخاذ قرار التخلي عن تلك المقاتلات، تبعا لعدم احترام الجانب الروسي ما نصّ عليه دفتر الشروط الساري المفعول .

ورغم هذه الهزة، سعى الجانب الجزائري بالتزامن إلى الانتقال إلى مرحلة أخرى، تعلقت بشراء راجمات للصواريخ مجهزة برادارات مضادة للطائرات، عُرفت باسم ''بانتسير س.1quot; التي تستخدم كدروع جوية، حيث تعاقدت الجزائر وروسيا على شراء مائة من هذه الراجمات، كما تضمن الاتفاق الجزائري الروسي المبرم قبل ثلاث سنوات، تحديث الغواصات الجزائرية ذات محركات quot;الديزل الكهربائيquot; التي تعود إلى عام 1980، واحتوت الصفقة أيضا على اقتناء الجزائر 40 طائرة صيادة من نوع quot;ميج 28quot;، وquot;سوخوي 30 م.كquot; و16 طائرة تدريب وقتال من نوع quot;ياك 13quot;، وثمانية أنظمة صواريخ أرض ـ جو من نوع س ـ 300 ب. م. أُو، وأربعين دبابة من نوع ت ـ 90 ، وهي معطيات أكدها مدير الشركة الروسية quot;روسوبرون إيكسبورتquot; المكلفة بتصدير الأسلحة، وعلّق السفير الروسي في الجزائر بشأنها:quot;موسكو مستعدة لتلبية أي طلب جزائري من السلاح إلا ما يتعلق بالسلاح النوويquot;، وتحدث المسؤول ذاته قبل أشهر عن طلب جزائري لشراء عتاد عسكري روسي متطور موجه لمحاربة الإرهاب، كما تحدث عن طلب يخص سلاح الدفاع الجوي وتجهيز القوات البحرية والبرية بمعدات جديدة.

وفي برنامجها الخاص بالعام الحالي 2009، خصصت الجزائر 6.2 مليارات دولار كميزانية للتسلح، وجاء في افتتاحية لمجلة الجيش الجزائري، أنّ قيادة الأخير تطرح إشكالية التسابق نحو التسلح والتوازنات في ظل عودة العالم إلى سباق الحرب الباردة، كما قدّرت أنّ الطريق بات مفتوحا أمام استخدام أسلحة جديدة تستخدم تكنولوجيا فريدة تعطيها درجة عالية من الدقة، وهذا السيناريو مرهون بمنظار الدكتور معراف بخطة وزارة الدفاع الجزائرية في المرحلة المقبلة لتحديث الجيش .

تحديث تقاطع مع متغيرات

ردا عن مدى توازي سباق الجزائر إلى التسلح مع تدريبات جيشها، يوضح المحلل الجزائري quot;كمال منصاريquot; المختص بالشؤون العسكرية لـquot;إيلافquot;، أنّ الجزائر لم تدخل في سباق نحو التسلح فور استقلالها، بل كان عليها في بداية الأمر تأسيس جيش نظامي قادر على تأمين حدودها الشاسعة وحمايتها بعد انسحاب فرنسا وجلاء قواتها نهائيا سنة 1968، ويلفت الأستاذ منصاري إلى أنّ الجزائر شرعت في بناء جيش دفاعي بعد إرسائها نظام الخدمة العسكرية الإجباري سنة 1969، وبحكم انتمائها إلى المعسكر الشرقي الاشتراكي إبان الحرب الباردة، قامت الجزائر بشراء عتادها العسكري من الاتحاد السوفيتي سابقا (روسيا حاليا).

ويحرص منصاري على التأكيد أنّ وتيرة التسلح اشتدت أول مرة بعد العدوان المغربي على الجزائر سنة 1963 في ما عُرف آنذاك بـquot;حرب الرمالquot;، وأخذ نسقا أكبر عقب اندلاع الحرب في الصحراء الغربية بين حركة بوليساريو والمغرب، حيث كان لزاما على الجزائر -مثلما قال- أن تؤمّن حدودها آنذاك لاسيما بعد المناوشات التي جرت بين الجيشين الجزائري والمغربي في منطقة quot;امقالةquot; على الحدود بين البلدين.

وخلافا للاعتقاد السائد أنّ هاجس التسلح كان لصيقا بما شهدته العلاقات الجزائرية المغربية من منعطفات، يكشف كمال منصاري عن نشوب عدة أزمات حدودية بين الجزائر وليبيا كانت أخطرها ما وقع في سنتي 1985 و 1986، عندما تحركت فيالق عديدة للجيش الجزائري باتجاه الحدود لصد هجمات محتملة للجيش الليبي.

ويعتقد الدكتور إسماعيل معراف أنّ الجيش الجزائري دخل الاحترافية عام 1998 بخطى بطيئة لكنها ثابتة، ما جعل الجزائر القوة الأولى في شمال إفريقيا، خصوصا بعد استفادتها من خبرات أجنبية، تبعا للاتفاقيات العسكرية الموقعة مع ايطاليا واسبانيا وفرنسا، إلى جانب تدريب روسيا للكوادر العسكرية الجزائرية بريا وبحريا.

الإرهاب الرقم الصعب في معادلة التسلح

يرجع المحلل كمال منصاري أسباب تنامي التسلح في الجزائر، إلى معاناة الأخيرة من الإرهاب، وهو بحسبه سبب رئيس دفع الجيش الجزائري إلى التأقلم مع الواقع الجديد، لاسيما مع دخوله في شراكة مع المجموعة الدولية على رأسها الناتو والولايات المتحدة التي صارت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أول شريك للجزائر في محاربة الإرهاب في المغرب العربي وشمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، ويرفض منصاري حصر مسألة التسلح الجزائري في زاوية ضيقة مربوطة بما هو كائن مع الرباط، فهو بمقابل اعترافه بوجود توتر دبلوماسي فعلي بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء الغربية، إلا أنّه يقحمه في مستوى التراشق الكلامي فحسب، مسجّلا أنّ الجزائر بحكم ثقلها السياسي الاقتصادي والاستراتيجي في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا، وهو ثقل يدركه المغرب تمام الإدراك، أكدت أكثر من مرة عدم وجود نية لديها لـ(الاعتداء) على المغرب، وهو معنى أبرزه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بوضوح سنة 2004 في جوهانسبورغ خلال قمة الاتحاد الإفريقي، حينما شدّد على أنّه لن تكون هناك حرب بين الجزائر والمغرب، مثلما ليس من مصلحة أحد حتى الدول العظمى، أن تندلع حرب في منطقة المغرب العربي، بسبب المصالح الاقتصادية للعديد من الدول في المنطقة لاسيما الشركات النفطية المنتشرة في الصحراء الجزائرية وكذا المشاريع الكبرى المبرمجة لاستغلال موارد طبيعية ضخمة بينها الفوسفات واليورانيوم، ويتصور منصاري أنّه ليست من مصلحة المغرب أيضا أن يتورط في صراع عسكري مع الجزائر، لأنه غير قادر على استيعابه اقتصاديا وعسكريا، خاصة وأنّ قضية الصحراء الغربية قد أنهكت العرش العلوي عسكريا وماليا، ما جعله يسارع إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع جبهة بوليساريو سنة 1991 بعدما لم يقدر على اختراقها بالمفهوم العسكري.

من جانبه، يرى الدكتور إسماعيل معراف أنّ التسلح في الجزائر ظلّ مرتبطا بقضايا داخلية متعلقة بالشق الأمني، وأيضا بقضايا اقليمية تتعلق بما هو حاصل في منطقة المغرب العربي وبقاء معضلة الصحراء الغربية محتبسة، غير أنّ معراف يستبعد وجود مستفيد معيّن من التسلح الجزائري، ويستشهد برفض الجزائر القاطع إقامة أي قاعدة عسكرية أجنبية على أراضيها.

هستيريا التسلح ورهان التنمية: من يسبق من؟

يعارض الأستاذ كمال منصاري الاتجاه القائل إنّ الميزانية المخصصة للتسلح في الجزائر تأتي على حساب مشاريع ذات طابع إنمائي اجتماعي ثقافي رياضي، ويعتمد في كلامه على أنّ عقود التسلح الجزائرية بما في ذلك الصفقة المبرمة مع روسيا بـ7.5 مليارات دولار، والمرشحة لرفع قيمتها إلى عشرة مليارات دولار، تماما مثل عقود سابقة أبرمتها الجزائر مع روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2000، لم يتم تجسيدها على حساب التنمية المحلية في الجزائر، بحكم خاصيتها كعقود بعيدة المدى، ويستدل منصاري كذلك بكون الجزائر أطلقت مشاريع تنموية تفوق نفقاتها حجم عقود التسلح كمشروع الطريق السيار شرق غرب والبالغ طوله 1200كلم، حيث تعدت تكلفته عارضة الأحد عشر مليار دولار.

على طرف نقيض، يرجّح كمال منصاري صحة الأمر بالنسبة إلى المغرب الذي عرف اقتصاده انكماشا رهيبا بسبب ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية في العشر سنوات الأخيرة ثم ما تسببت به مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية، ومن نتائج ذلك عدم استطاعة المغرب إبرام صفقات عسكرية مهمة مقارنة بالجزائر، حيث تخلى عن شراء 18 طائرة قتالية من نوع (رفال) الفرنسية العام قبل الماضي بسبب اختناقه المالي.

ولا يتفق الدكتور إسماعيل معراف مع رأي الأستاذ كمال منصاري، إذ يذهب معراف إلى كون النظام الجزائري متأثرا بأجندات خارجية جعلت الانفاق يتفوق على مناحٍ اجتماعية حيث إنّ ميزانية وزارة الدفاع تتفوق على جميع القطاعات، ويربط معراف ذلك بما سماها (هستيريا) التسلح في المنطقة العربية، حتى وصل الأمر مستوى شراء أسلحة لكي يصيبها الصدأ، وتلك معادلة غريبة بحسبه، مستهجنا إقدام كثير من دول الخليج على شراء أسلحة متطورة بمبالغ خيالية، رغم عدم امتلاكها الكادر البشري، والملحوظة -يضيف معراف- تنطبق على الجزائر التي تعاني نقص كفاءة مواردها، ما دفع السلطات للاستعانة بخبرات من ألمانيا واسبانيا وفرنسا.