هل يؤثر خطاب الرئيس الأميركي على الناخبين اللبنانيين والإيرانيين ؟
النشطاء الإصلاحيون المصريون قلقون من زيارة أوباما للقاهرة


إيلاف_ قسم الترجمة: رغم تباين سقف التطلعات الخاصة بالزيارة المنتظرة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى القاهرة بعد بضعة أيام قليلة على الصعيدين الرسمي والشعبي من منظور أنها قد تشكل quot;نقطة فاصلةquot; ليس فقط في مستقبل العلاقات المصرية ndash; الأميركية وإنما بشأن النظرة الأميركية للإسلام والمسلمين بشكل عام أيضا ً، إلا أنّ كثير من المصريين يرون أن القرار الذي اتخذه أوباما بإلقاء خطابه الرئيسي الذي سيتم توجيه للأمة الإسلامية من القاهرة هو بمثابة الإيماءة التي تدل على دعمه الضمني لنظام الحكم الاستبدادي في البلاد، حسبما قالت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية في تقرير نشرته على صدر صفحتها الإلكترونية بهذا الشأن.

ورأت الصحيفة أن تلك الزيارة المرتقبة التي سيخاطب خلالها أوباما العالم الإسلامي تهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة. وبالرغم من ذلك، فقد أبدا عدد كبير من الناشطين الديمقراطيين المصريين قلقهم من أن تلك الزيارة تدل على دعم الإدارة الأميركية الجديدة للنظام المصري الاستبدادي، وأن الرجل الذي وصل إلى البيت الأبيض بعد فوزه بالانتخابات الأميركية من خلال شعار quot;نعم، نستطيع quot; لم يُدرج العرب في هذا الوعد الذي قطع على نفسه.

وفي الوقت ذاته، أشارت الصحيفة إلى أن قضية حقوق الإنسان لطالما ظلت معضلة حقيقية في العلاقات المصرية ndash; الأميركية. فقد سبق لإدارة الرئيس جورج بوش أن مارست ضغوطاً على مصر بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان في عام 2005، فقط لتغير واجهتها في وقت لاحق، فيما يبدو لاختيارها الاستقرار على حقوق الإنسان والديمقراطية. ويعرب الناشطون الآن عن قلقهم من أن اختيار أوباما لمصر يُظهر نيته مواصلة تلك السياسية.

وفي تعقيب له على سر اختيار أوباما للقاهرة كي يخاطب من خلالها العالم الإسلامي خلال زيارته المنتظرة للمنطقة، قال الناشط الديمقراطي والمعارض المصري المعروف سعد الدين إبراهيم الذي يعيش في المنفى بالولايات المتحدة منذ عام 2007 :quot; يُعد المكان الذي تدلي منه رسالتك جزءاً من الرسالة. كما أن توجيه رسالة للعالم الإسلامي من عاصمة تمتلك نظام حاكم مستبد عملية لا تعكس بشكل جيد موقف أوباما عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر أو باقي دول العالم العربي أو الإسلاميquot;.

رسائل متناقضة

وقد أكد ناشطو حقوق الإنسان في مصر أيضاً على أن إدارة أوباما بدأت بالفعل في تقديم رسائل مختلطة بشأن الإصلاح في المنطقة. ولم تفوت الصحيفة فرصة الإشارة أيضاً إلى ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للصحافيين خلال تواجدها بالقاهرة يوم الخميس الماضي بأن الدفاع عن حقوق الإنسان هو أمر يصُب تماماً في صالح مصر. وقالت quot; من مصلحة مصر أن تتحرك بشكل أكبر صوب الديمقراطية وأن تُظهر قدر أكبر من الاحترام لحقوق الإنسانquot;. لكن تلك التلميحات لن تخفف على الأرجح من مشاعر القلق التي تمثل هاجساً على النشطاء المصريين، بحسب ما أفادت الصحيفة.

المساعدات العسكرية والإصلاح السياسي

في أثناء الزيارة التي قام بها روبيرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، للقاهرة مطلع شهر آيار / مايو الجاري، قال للصحافيين أن المساعدات العسكرية الأميركية لمصر لن تكون مشروطة بالإصلاح السياسي، كما حاول الكونغرس أن يفعل في عام 2007. وقالت الصحيفة أن القاهرة تتلقى مبلغاً قدره 2 مليار دولار في صورة مساعدات أميركية كل عام، وهو المبلغ الذي يزيد عن أي مبلغ تتقاضاه دول أخرى باستثناء إسرائيل. ونقلت الصحيفة في تلك الجزئية عن جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان :quot; نأمل أن يعمل أوباما بصورة جادة على دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي، أو أن يلتزم الصمت على الأقل. لأن عدم تحدثه بشيء سيكون أفضل من تطرقه لأشياء مختلفة في أوقات متباينة فقط من أجل التفاوض مع الحكومة المصريةquot;.

هل تكون الزيارة إيماء لمصالح بعيدة المدى ؟

ويرى المعارض الليبرالي المصري أيمن نور، الذي سبق له خوض تجربة الترشح في انتخابات الرئاسة التي أجريت في مصر عام 2005، أن زيارة أوباما المقبلة إلى مصر ترسم الملامح الأساسية لموقف أوباما تجاه مصر. ونقلت عنه الصحيفة قوله :quot; تعد هذه الزيارة بمثابة الإشارة على أن المرحلة المقبلة ستشهد حالة من المصالحة بين الحكومة المصرية والولايات المتحدة الأمريكية، على حساب المبادئ ومن أجل المزيد من المصالح الأكثر تشددا ًquot;. أما عصام العريان، العضو البارز بجماعة الإخوان المسلمين، فقال :quot; من الطبيعي أن يكون الاهتمام الأول بالنسبة لأوباما هو المصالح الأميركية ndash; لكن يجب أن تكون حقوق الإنسان عاملا ً محورياً في هذا الشأن. وأضاف العريان بقوله أيضا ً :quot; إذا كانت ترغب أميركا في تدعيم وتعزيز مصالحها في هذا الجزء من العالم، فيتوجب عليها أن تُكَوِّن صداقات مع الناس وليس مع حكامهم الديكتاتوريين. ولندع الشعوب تختار حكوماتهم وحياتهمquot;.

quot;لسنا في حاجة لنصائح أوباماquot;

ومع هذا، يري المقربون من النظام المصري أن المسألة ليست أبيض أو أسود. فمصر لم يسبق لها أن استجابت مطلقاً للنقد الأميركي، على حد قول محللين ومقربين من النظام. ويعتقد محسن سعيد، الأستاذ بجامعة القاهرة وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، أنّ على أوباما أن يكون بارعا ً في معالجته للديمقراطية. وتابع قائلا ً :quot; يُعلِق الناس في جميع أنحاء مصر آمالا ً عريضة على أوباما، لكن عليه أن يتجنب الدخول في مناظرة كبرى بشأن الديمقراطيةquot;. بينما قال ضياء رشوان، المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية الإستراتيجية، أنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تقوم بترك الديمقراطية للمصريين. وأضاف :quot; لا يمكن أن تحقق الولايات المتحدة الديمقراطية من أجلنا. فهي ليست جزءاً منها. وسيكون من المفيد لأوباما أن يعلن موقفه من القضايا التي تتورط فيها بلاده بالفعل. فنحن لسنا بحاجة لتلقي النصيحة منه، بل في حاجة لمواقف ثابتةquot;.

أبعاد خطاب القاهرة .. إقليمية

وفي تقرير آخر قام بإعداده معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أكد الباحث الأميركي quot;سكوت كاربنترquot; على أن الخطاب الذي يُنتظر أن يدلي به أوباما في مصر يمثل لحظة فاصلة بالنسبة لمستقبل علاقاته مع دول العالم العربي والإسلامي. وقال التقرير أنّ الخطاب المنتظر لأوباما في الرابع من شهر يونيو المقبل لن يُحدد فقط نهجه تجاه quot;العالم الإسلاميquot; لكن أيضاً لتطلعات إدارته الخاصة بإنهاء الصراع العربي ndash; الإسرائيلي وإرجاع إيران إلى دائرة الضوء والتفاعل وإخراجها من حالة البرود والانعزال التي عاشتها خلال الفترة الماضية. كما يعتقد أوباما أنه إذا نجح من خلال خطاب القاهرة في إقناع المسلمين، وبخاصة المسلمين العرب، بالتعهد الذي قطعه على نفسه لإنهاء الصراع العربي ndash; الإسرائيلي، فإنه سيتمكن بنجاح من إضعاف نداء القوى الرافضة مثل إيران وسوريا والقيام في الوقت ذاته بتدعيم شرعية quot;الدول المعتدلةquot; مثل الأردن ومصر والسعودية. ومن خلال كلمته التي سيلقيها قبل أيام قليلة من انتخابات لبنان البرلمانية وقبل أسبوعين من انتخابات إيران الرئاسية، فإنه قد يأمل أيضاً أن يؤثر على الناخبين لاختيار القيادات الأكثر اعتدالا ً التي ستكون أكثر جاهزية لإبرام شراكات مع الغرب في هذا المسعىquot;.

ترجمة: أشرف أبو جلالة