اتفق العراق والصين اليوم على تعزيز التعاون الأمني والتسليحي بينهما ومواجهة الإرهاب، وأكدا دعم الحل السياسي للأزمة السورية... والدبلوماسي للملف النووي الإيراني، وأوضحا أن التبادل التجاري بينهما قد ارتفع في العام الماضي إلى 24 مليار دولار.


أسامة مهدي: خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد الأحد، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إنه أجرى مباحثات مفيدة مع رئيس الوزراء العراقي ووزير خارجيته، تم التأكيد فيها على تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وانغ يي: ندعم العراق لمواجهة الإرهاب
وأكد quot;إننا ننظر إلى العراق كشريك يعتمد عليه في ما يتعلق بأوضاع المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار فيهاquot;. وشدد على دعم بلاده للعراق في جهوده لتحقيق الأمن والاستقرار والسيادة والاستقلال الوطني وسلامة أراضيه ومكافحة الإرهاب.. وكذا للإسراع في تحقيق المصالحة الوطنية بين قواه الرئيسة من الشيعة والسنة والأكراد، وإنجاز الإصلاح السياسي. وأشار إلى أن الصين على ثقة في إمكانيات العراقيين على تحقيق كل هذه الإنجازات بشكل يعزز الأمن والإعمار والقضاء على الإرهاب، الذي يشكل أكبر تحدٍّ للشعب العراقي، وشكل كارثة بالنسبة إليه، والصين تعمل مع المجتمع الدولي لإعانة العراق على التخلص منه.

وفي مجالات التعاون الاقتصادي، أشار الوزير الصيني إلى أن بلاده حريصة على تقديم مساعدات إلى العراق لبناء مشاريع الطاقة، من خلال الشركات النفطية الصينية، ومساعدته على إعادة البنية التحتية في ميادين الكهرباء والاتصالات والزراعة والتكنولوجيا، إضافة إلى تحسين أوضاع العراقيين في مجال بناء المرافق الصحية وتصريف المياه وتحقيق التنمية الذاتية وتدريب العراقيين في هذه المجالات.

حول قرار مجلس الأمن الدولي الأخير إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، قال الوزير الصيني إن هذا القرار يؤكد عزم الجهود الدولية تقريب الحل السلمي للأزمة السورية، ودعا جميع الأطراف السورية إلى تنفيذ هذا القرار، ووقف إطلاق النار، والتفاهم وتضييق الخلافات في مفاوضات السلام، وصولًا إلى الحل السلمي، بالرغم من تعقيداته وعدم إمكانية إنجازه بين ليلة وضحاها.

زيباري: ناقشنا التسليح الصيني للعراق
من جهته، أشار زيباري إلى أن مباحثاته مع نظيره الصيني قد تناولت الجانب التسليحي والتعاون في مجالات الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب. وأوضح أن مباحثاتهما تركزت أيضًا على تطوير علاقات البلدين السياسية وموقفهما من القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأزمة السورية والملف النووي الإيراني وقضية فلسطين.

جاء إعلان الصين هذا عن دعم العراق ضد الإرهاب في وقت يتصاعد عنف الجماعات المسلحة، الذي تشهده البلاد بشكل غير مسبوق، حيث يغرق العراق حاليًا منذ نيسان (إبريل) من العام الماضي في دوامة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي المباشر بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008. وقتل أكثر من 580 شخصاً في أعمال العنف اليومية في البلاد منذ بداية شباط (فبراير) الحالي، بحسب حصيلة مستندة إلى مصادر أمنية وطبية، فيما قتل أكثر من 1500 شخص في هذه الأعمال منذ بداية العام الحالي.

وأوضح زيباري أن المباحثات غطت أيضًا علاقات البلدين الاقتصادية والتجارية المتنامية، حيث تعتبر الصين حاليًا أكبر شريك تجاري للعراق، من خلال مساهماتها في مشاريع النفط والكهرباء والاتصالات. وقال إن التبادل التجاري بين البلدين قد ازداد 20 ضعفًا خلال السنوات الأخيرة، حتى بلغ في العام الماضي 2013 حوالى 24 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 40 بالمئة عن عام 2012.

وأشار إلى وجود تعاون سياسي ودبلوماسي بين البلدين، مؤكدًا توافق مواقفهما حيال الأزمة السورية، من خلال الدعوة إلى حلها سلميًا، ورفض الخيار العسكري، والتوصل إلى حل سياسي ديمقراطي، يحقق آمال الشعب السوري، وكذلك حل الملف النووي الإيراني دبلوماسيًا، موضحًا أن العراق سيكون المتضرر الأكبر في حال اندلاع نزاع إيراني غربي أو إيراني خليجي، إضافة إلى اتفاق البلدين على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي وقت سابق اليوم بدأ وانغ يي زيارة رسمية إلى بغداد، تعتبر أول زيارة لمسؤول صيني بهذا المستوى إلى بغداد منذ غزو العراق عام 2003.

وكان المالكي زار في تموز (يوليو) عام 2011 بكين على رأس وفد وزاري في زيارة رسمية تلبية لدعوة نظيره الصيني ون جيا باو، استغرقت ثلاثة أيام، دعا خلالها الشركات الصينية إلى العمل في العراق. فيما لفت المسؤول الصيني إلى اتجاه بلاده إلى تخفيض أو إلغاء الديون المترتبة على العراق، ودعمه في مجلس الأمن في التخلص من العقوبات الدولية. واتفق العراق والصين في شباط (فبراير) عام 2011 على تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، خلال لقاء الرئيس العراقي جلال الطالباني وفدًا حكوميًا صينيًا برئاسة نائب وزير الخارجية جاي جونز.

ثالث منتج للسلاح
وتعتبر الصين حاليًا ثالث أقوى وأضخم منتج للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية وروسيا. لذلك يسعى العراق إلى بناء علاقة جادة معها في مختلف الاتجاهات في المجالات العسكرية والاقتصادية والثقافية.

شهدت العلاقات الصينية العراقية تطورًا سلسًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25 آب (أغسطس) عام 1958، وأوقفت الصين التبادلات الاقتصادية والعسكرية مع العراق وفقًا لقرار الأمم المتحدة منذ اندلاع أزمة الخليج في عام 1990 إثر احتلال العراق للكويت، ثم أقامت بعض التبادلات الاقتصادية والتجارية مع العراق وفقًا لخطة تبادلات النفط مقابل الغذاء المقررة من مجلس الأمن.

وألقى اندلاع حرب العراق في عام 2003 تأثيرًا سلبيًا على العلاقات الثنائية بين الصين والعراق، لكن عادت التبادلات بين البلدين إلى مرحلة طبيعية بعدها، وزار الرئيس طالباني الصين في آذار (مارس) عام 2004، كما زار بكين وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري.

وفي يونيو (حزيران) من عام 2007 ، وفي شباط (فبراير) عام 2011 زار نائب وزير الخارجية الصيني تشاي جيون العراق وحضر اجتماعات الدورة الثانية للجنة السياسية المشتركة بين البلدين. ثم ترأس مساعد وزير الخارجية الصيني ما تشاوشيوي الوفد الصيني للحضور في اجتماع بغداد بشأن ملف إيران النووي والتقى مع زيباري.