أحيا الفلسطينيون الذكرى السادسة لرحيل الرئيس ياسر عرفات، وشارك في المراسم قيادات رسمية وشعبية واسعة، وسط دعوات بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية والتفرغ لمواجهة التحديات الراهنة، جاء ذلك في وقت رفضت فيه حماس اقامة اي مظاهر لإحياء الذكرى في قطاع غزة، مبررة ذلك بـ quot;دواع أمنيةquot;.


رام الله: انطلقت أولى فعاليات احياء ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من قصر الثقافة في مدينة رام الله، بمشاركة شخصيات سياسية ووطنية في مقدمتهم رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، وامين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم، وبحضور عدد واسع من أعضاء القيادة الفلسطينية واللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة فتح وقادة الفصائل وعدد من الوزراء والمسؤولين وسفراء الدول المعتمدة لدى السلطة الوطنية، ومئات المواطنين بعد مسيرة شموع نظمت وسط رام الله تخليدا لهذه الذكرى.

طريق لا حياد عنه

وخلال هذه الفعالية، قال رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض: quot;يجب ان نعمل من اجل مواصلة سير الرئيس الراحل ياسر عرفات نحو الخلاص من آخر احتلال في العالم على طريق إكمال حكاية الرئيس عرفات في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتجسيد حلمه في الحرية والاستقلال لإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريفquot;، موضحا ان الرئيس عرفات وضع اللبنة الاساسية لاقامة الدولة من خلال إنشاء السلطة الوطنية وكأبرز انجاز لانتفاضة عام 1987.

وتابع: quot;هذا هو طريقنا الذي لن نحيد عنهquot;، موضحا أن الرئيس عرفات كان رئيسا لجميع الشعب وكان له حلمه في اقامة الدولة ورفع علم فلسطين على اسوار القدس وكنائسها.

وأكد فياض أن إحياء هذه المناسبة يظهر بوضوح إصرار الشعب الفلسطيني على استمرار الوفاء لقائد ثورته المعاصرة، والسير على طريقه، لاستكمال إنجاز ما ناضل دوماً من أجله وما كرس حياته من أجل تحقيقه وهو الخلاص التام من آخر احتلال في عصرنا الحديث، ووضع الدولة الفلسطينية، التي طالما ناضل من أجلها وحلم بها أبو عمار، على خارطة العالم.

وقال فياض quot;لقد أسس ياسر عرفات لثورتنا المعاصرة من حطام النكبة والتشرد، وقاد مسيرة الكفاح لحماية الهوية وإعادة انبعاث الوطنية الفلسطينية، ليضع اللبنة الأولى والمدماك الرئيس في بنيان دولة فلسطين المستقلة بإنشاء أول سلطة وطنية فلسطينية، كثمرة أولى لتضحيات آلاف الشهداء ومعاناة مئات آلاف الأسرى وملايين المشردينquot;.

واعتبر رئيس الوزراء أن الوفاء للشهيد الراحل عرفات يتمثل في مواصلة العمل لتجسيد دولة فلسطين إلى واقع على الأرض رغم الاحتلال وطغيانه، ومواصلة السير بالشعب في ورشة البناء الشاملة لمؤسسات دولته الفلسطينية القوية القادرة على تقديم أفضل الخدمات لشعبنا، والكفيلة بحماية مصالحه دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، دولة عصرية لكل الفلسطينيين يطورون فيها حياتهم وثقافتهم وحضارتهم، دولة يفخر بها شعبنا ويفخر بها ياسر عرفات ومحمود درويش، وكل الشهداء والقادة المؤسسين لمشروع الاستقلال والخلاص من نير الاحتلال.

كما اعتبر أن الوفاء لذكرى أبو عمار وتراثه الكفاحي، وهو الذي وحدَّ شعبنا تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامج العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة، يتمثل في العمل الدؤوب لإنهاء حالة الانقسام، وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وإغلاق هذا الفصل المأسوي والكارثي في تاريخ شعبنا وقضيته العادلة، وحماية منجزات شعبنا ووحدانية تمثيله التي تجسد التمسك بحقوقه، تمهيداً لإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، في قطاع غزة والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولتنا.

تقليد سنوي

.

الذاكرة الوطنية

وقال رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات إن متحف الشهيد عرفات يمثل الذاكرة الوطنية الفلسطينية بكل مراحلها.

وبخصوص مصير مقتنيات الرئيس الراحل، أكد القدوة: quot;أن المؤسسة تعنى بجمع مقتنيات الرئيس سواء بشكلها المكتوب أو الوثائقي أو المرئي لتصبح بمتناول الشعب الفلسطيني وفي متناول الأجيال القادمة، إلا أنه أوضح أن الجزء الاصغر من هذه المقتنيات موجود في مقر الرئاسة في رام الله، وتم حصره بشكل علمي ومحوسب، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الجزء الأهم من هذه المقتنيات موجود في غزة.

وأوضح quot;أن العديد من الهدايا التي قدمت للرئيس الراحل من الرؤساء والملوك والأمراء والشخصيات العالمية كانت في غزة وأنه وبعد سيطرة حماس على القطاع استولت على هذه المقتنيات، محملا حركة حماس المسؤولية عنها.

ودعا حركة حماس إلى تسليمها ليتم وضعها في المتحفquot; لافتا إلى أنه من المفترض أن يقوم أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى بإجراء اتصالات لضمان نقلها للضفة وضمها للمتحفquot;.

وقال القدوة: quot;إن العمل في بناء المتحف يسير على قدم وساق وحصل تقدم لا بأس به وأن هذا العمل سوف ينجز حتما قبل الذكرى القادمة، مؤكدا أنهم يواصلون البناء وتجهيزه بالشكل الذي يليق بهذا الرجل ويكون على مستوى دولي ووفق المقاييس.

وكشف أن هذا المتحف سيتصل عبر جسر علوي بالمقر الرئيس لمكتب الرئيس الراحل والذي حوصر فيه من قبل قوات الاحتلال.

وفي ما يتعلق بظروف استشهاد الرئيس عرفات جدد القدوة الموقف الفلسطيني الواضح حيال قضية اغتيال عرفات قائلا: quot;لدينا قناعة سياسية بأنه جرى اغتيال الرئيس الرمز من قبل إسرائيل، ونحن واثقون بأننا سنحصل على الدليل الأخير لإثبات ذلكquot;.

ميدان ياسر عرفات

وفي إطار تأهيل ميدان الشهيد ياسر عرفات وقعت بلدية رام الله ممثلة برئيستها جانيت ميخائيل اتفاقية تعاون مع شركة quot;جوالquot; ممثلة بالرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، وتأتي هذه الاتفاقية في إطار تعاون الجانبين لتمويل مشروع تأهيل ميدان الشهيد ياسر عرفات.

ويأتي تنفيذ هذا المشروع انطلاقا من اهتمام بلدية رام الله في تعزيز دورها الاجتماعي والوطني في المجتمع الفلسطيني وللأهمية الكبرى للرئيس الشهيد ياسر عرفات ودوره في القضية الفلسطينية، حيث خصصت بلدية رام الله هذا الميدان الذي يحظى بمكانة تاريخية كبيرة في مدينة رام الله ليكون معلما يليق بذكرى الشهيد عرفات وميدانا للمواطنين في قلب المدينة التي احتضنت أبا عمار.

وأكد العكر اهتمام شركة quot;جوالquot; بمسؤوليتها الاجتماعية والتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي، منوها بأن تمويل مشروع ميدان الشهيد quot;ياسر عرفاتquot; سيشكل ذكرى للرئيس الشهيد quot;أبو عمارquot;.

في الإطار ذاته قال المهندس تشارلي قديس مصمم ميدان الشهيد ياسر عرفات: quot;إن فكرة تصميم الميدان راعت التواضع والبساطة التي كان يتمتع بها الراحل أبو عمار حيث سيتم العمل على وضع صخرة تمثل المقاومة وزخارف على شكل كوفية الشهيد أبي عمار كما وسيتم وضع نبذة عن التاريخ الوطني الحافل للرئيس الراحل.

حظر المهرجان في غزة

وفي غزة أكدت حركة فتح أن طلبها بإقامة مهرجان مفتوح في ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات قوبل بالرفض من قبل الشرطة التابعة للحكومة المقالة. وقال زكريا الأغا أحد أبرز قادة فتح في غزة: quot;إن هيئة العمل الوطني هاتفت الشرطة في غزة وطلبت منها السماح بإقامة مهرجان في هذه الذكرى بأرض الكتيبة في غزة ولكن الطلب رفضquot;.

كما أعرب محمود العالول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عن أسفه لقيام quot;حماس بمنع إحياء هذه الذكرى في قطاع غزةquot;. من جانبها أكدت شرطة المقالة أنها رفضت هذا الطلب، وعزا الرائد أيمن البطنيجي مدير المكتب الاعلامي في شرطة المقالة الرفض لأسباب quot;أمنيةquot;.

هذا ويحيي تلفزيون فلسطين، الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الزعيم الراحل ياسر عرفات، على مدار أربعة أيام بجملة برامج متنوعة حول مفجر الثورة الفلسطينية، ورمزها الأول.

وسيعرض التلفزيون في هذه المناسبة العديد من البرامج التي تتنوع بين مشاهد حية من الأرشيف للرئيس quot;أبو عمارquot;، وأفلام، وأغنيات، وشهادات، من بينها كما يكشف أحمد الحزوري، مدير عام تلفزيون فلسطين، شهادات من زعماء وقادة وساسة عرب حول الرئيس الشهيد.

وأشار الحزوري إلى أن تلفزيون فلسطين، وفي الذكرى السادسة لرحيل quot;أبو عمارquot;، سيعرض خطابه التاريخي في الأمم المتحدة العام 1974 كاملاً، ويتجاوز الساعة ونصف الساعة، مشدداً على أهمية هذا الخطاب، الذي لم يتسن للكثيرين في فلسطين وخارجها متابعته كاملاً، خاصة الأجيال الشابة، كما سيعرض التلفزيون مشاهد حية لربما تعرض كاملة للمرة الأولى، حول جولات عرفات الأولى في المدن الفلسطينية، وإعلان تحريرها في العام 1994، إثر اتفاقيات أوسلو.

عرفات في سطور

ولد محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني في الرابع من شهر آب/أغسطس 1929 في القدس. ومحمد عبد الرحمن هو اسمه الأول وهو اسم مركب أما اسم أبيه فهو عبد الرؤوف، وعرفات هو اسم جده، القدوة هو اسم عائلته، والحسيني هو اسم عشيرته.

سافر عرفات الذي أغضبه انتصار قوات الكيان الصهيوني المدعومة من الغرب، إلى مصر حيث درس الهندسة المدنية في جامعة فؤاد الأول في القاهرة وتخرج فيها كمهندس مدني.

وبفضل شخصيته القوية وحدسه تمكن من تعزيز سلطته السياسية والنجاة من المؤامرات السياسية. وانتخب في 1973 قائدا عاما لقوات الثورة الفلسطينية وفي العام 1974 ألقى أبو عمار كلمة باسم الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وقال فيها مقولته الشهيرة :quot;جئت اليكم حاملا غصن الزيتون في يد وبندقية الثائر في يدي الاخرى فلا تسقطوا الغصن الاخضر من يديquot;.


من جهته، قال ناصر القدوة رئيس مجلس ادارة مؤسسة عرفات، في تصريح لـ quot;إيلافquot;: quot;إن اقامة المهرجان هو تقليد سنوي في اطار العمل على تخليد ذكرى الرئيس ياسر عرفات وفاء له وخدمة للوطن والديمقراطيةquot;، مشيرا الى ان المؤسسة تسير بالاتجاه الصحيح، وأكد أن متحف عرفات سيكون جاهزا لاستقبال الزوار قبل حلول الذكرى السابعة لرحيلهquot;.

واشار القدوة الى حرص الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض على دعم المؤسسة لكي تستمر في عملها، داعيا في الوقت ذاته الى جعل ذكرى رحيل عرفات الى مناسبة لمواجهة الاستعمار الاستيطاني الذي يهدد السلام والعمل من اجل اعادة بناء مقومات السلام الحقيقي.

وكان رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات الدكتور ناصر القدوة قد أكد وجود العديد من الفعاليات لإحياء هذه المناسبة الوطنية للشعب الفلسطيني كافة في الوطن والشتات.

وقال القدوة quot;إن هناك العديد من الأنشطة لإحياء هذه الذكرى، معتبرا ان أبرزها الإعلان عن جائزة ياسر عرفات للإبداع وهي الجائزة الفلسطينية الأولى والمهرجان المركزي الذي سيقام اليوم في مقر المقاطعة في مدينة رام الله بمشاركة الرئيس محمود عباس، بالإضافة الى الفعاليات الأخرى كمسيرات الشموع والأطفال وغيرها، كما ان العديد من الاقاليم ستحيي هذه الذكرى في القدس وشمال الضفة والخليل وحتى في غزة حيث سيقام الاحتفال بالمناسبةquot;