تواجه الكتل السياسية العراقية خيارين حاسمين خلال اجتماع أخير مقرر لها غدًا الاثنين، حيث أكد مستشار العراقية هاني عاشور في حديث مع إيلاف أن قائمته ستجمّد مشاركتها في العملية الثلاثاء، إذا لم يخرج الاجتماع باتفاقات محددة ومثمرة لتنفيذ مبادرة بارزاني.هذا في وقت تتصاعد الحملة الحكومية ضد حركات الاحتجاج الشعبية التي تستعد لتظاهرات في عموم البلاد في السابع من الشهر المقبل، مع انتهاء مهلة المائة يوم، التي حددها المالكي للإصلاح.


القادة العراقيون لدى الاتفاق على الحكومة الحالية

قال مستشار العراقية هانيعاشور في اتصال هاتفي من عمّان مع quot;إيلافquot; اليوم إن اجتماع الكتل السياسية غدًا الاثنين سيكون حاسمًا في تحقيق الشراكة الوطنية أو انهيار العملية السياسية، مشيرًا إلى أن فشل الاجتماع في الاتفاق على سقوف زمنية لتنفيذ كامل بنود اتفاقية أربيل بين هذه الكتل، والتي أفضت إلى تشكيل الحكومة الحالية سيدفع بالعراقية إلى تجميد أو تعليق مساهمتها في العملية.

وأوضح أن هذه البنود قد تم الاتفاق عليها، بحسب مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أواخر العام الماضي، لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي مازال يقف عائقًا أمام تنفيذها، وهي تتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للسياسات الاستراتيجية وانجاز النظام الداخلي لمجلس الوزراء والاصلاح القضائي واطلاق سراح المعتقلين الابرياء وتحقيق التوازن السياسي والمشاركة في القرار، اضافة الى إعادة ترتيب القوات الامنية وإلحاق التشكيلات العسكرية المرتبطة بمكتب المالكي الى مؤسساتها الاصلية في وزارتي الداخلية والدفاع.

وكشف عاشور عن اجتماع ستعقده قيادة القائمة العراقية الثلاثاء المقبل في اليوم التالي لاجتماع الكتل السياسية من أجل تقويم ما تم التوصل اليه، واذا اقتنعت القيادة بفشل الاجتماع وعدم توصله الى سقوف زمنية محددة لتنفيذ بنود اتفاقية اربيل تلك، فإن قرارًا حاسمًا سيتم اتخاذه بتجميد او تعليق مشاركة العراقية في العملية السياسية.

وفيما اذا كان يعتقد ان فصائل القائمة العراقية ستستجيب للقرار، وتنسحب بمجملها من العملية، اوضح عاشور ان اي اجراء في هذا الاتجاه لن يؤثر على قوة العراقية، لانها تعتمد في قراراتها على ثقة الملايين من العراقيين، الذين صوّتوا لها في الانتخابات الاخيرة، وهم الذين يضغطون عليها حاليًا لتحقيق مشاركة حقيقية او الانسحاب من العملية السياسية.

وحول موقف التحالف الكردستاني من تنفيذ اتفاقات اربيل، اكد عاشور انه خلال اجتماعات القوى السياسية، التي رعاها نائب رئيس الوزراء نوري شاويس على مدى الاسبوعين الماضيين، كان التحالف حريص على انجاح الاتفاقات السابقة وتنفيذها، محذرًا من تداعيات فشلها، كما إن بارزاني يضغط ايضا في هذا الاتجاه.

وعما اذا كان متفائلاً من نجاح اجتماع غد، اكد عاشور انه لا يشعر بهذا التفاؤل، لان اللقاءات السابقة لم تؤشر إلى جدية لدى ائتلاف دولة القانون في تنفيذ الاتفاقات السابقة، موضحًا انه في ما كانت هذه الاجتماعت منعقدة، يخرج عضو الائتلاف علي شلاه ليقول إن مجلس السياسات جسد ميت، وان العراقية تريد احياءه.

وكان زعيم القائمة العراقية إياد علاوي هدد عقب اجتماع مع قيادات القائمة وأعضائها، بينهم رئيس البرلمان أسامة النجيفي، أمس الاول، باتخاذ موقف شديد من العملية السياسية في حال عدم تنفيذ المحاور التسعة في اتفاقية بارزاني، وأكد أن القائمة ستحدد سقفاً زمنياً لتطبيق بنود الاتفاقية. وكشفت العراقية الأربعاء الماضي عن انتكاسة واضحة في اجتماعات الكتل السياسية الأخيرة بشأن تنفيذ بنود اتفاقية اربيل، واصفة تلك الاجتماعات بـالمخيبة للآمال، مؤكدة وجود انحراف واضح عن مبادئ الديمقراطية، واتجاه خطر للتفرد بالسلطة والقرار السياسي.

واعلنت العراقية في التاسع من الشهر الحالي عن الاتفاق مع دولة القانون على تفعيل اتفاقيات أربيل، بما فيها المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية، مرجحة إمكانية عدول زعيمها علاوي عن قراره بالتخلي عن رئاسة المجلس الوطني للسياسات، وقالت إن المجلس سيعرض قريباً على البرلمان للتصويت على رئيسه.

من جهته كشف التحالف الكردستاني في السابع عشر من الشهر الحالي عن مبادرة كردية ثانية لحل الخلافات بين المالكي وعلاوي حول المرشحين للوزارات الأمنية بناء على رغبة أميركية، مبيناً أن المبادرة تتضمن تفعيل ما تبقى من بنود الأولى بشأن صلاحيات رئيس مجلس السياسات والجلوس إلى طاولة حوار لحل النقاط الخلافية، بدلاً من تبادل الرسائل زعيمي العراقية ودولة القانون.

وطرح بارزاني في أيلول (سبتمبر) الماضي مبادرة لحل الأزمة السياسية في العراق، أفضت الى اجتماع لقادة الكتل السياسية في اربيل، تم خلالها الاتفاق على حلول لتحقيق الشراكة، افضت الى تشكيل حكومة المالكي الحالية في 21 كانون الاول (ديسمبر) الماضي.

وتدور خلافات بين العراقية ودولة القانون حول بعض بنود اتفاقية أربيل، ومنها مسودة قانون مجلس السياسات الإستراتيجية العليا، وآلية اختيار رئيس المجلس، إذ تطالب العراقية أن تكون آلية الاختيار في البرلمان، الأمر الذي يرفضه ائتلاف المالكي، ويطالب أن تكون ضمن الهيئة التي تتشكل داخل المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية، والصفة التي يتمتع فيها الشخص الذي يترأس المجلس وصلاحياته، وهل تكون صفته أميناً عاماً أو رئيساً... وكذلك بشأن تسمية المرشحين للمناصب الأمنية الشاغرة في الحكومة، فقد اعتبرت العراقية أن تفرد المالكي بتسمية المرشحين تنصل من اتفاق أربيل الذي أعطى للعراقية الحق الكامل وفق التوافق السياسي بأن ترشح من تراه مناسباً لشغل منصب وزير الدفاع، مؤكدة أنها سترفض التصويت على مرشحي المالكي رفضاً قاطعاً.

تصاعد المواجهة بين الحكومة العراقية وفصائل الحراك الشعبي

مع اقتراب انتهاء مهلة المائة يوم التي اعلنها رئيس الوزراء نوري المالكي في السابع من الشهر المقبل لتحقيق الاصلاحات التي تطالب بها حركات الاحتجاج الشعبية التي تستعد لتظاهرات عامة يوم الجمعة العاشر من الشهر المقبل تحت شعار quot;جمعة القرار والرحيلquot;، تتصاعد المواجهة بين الطرفين، حيث اقتحمت قوات الأمن مبنى يجتمع فيه ممثلون عن تلك الحركات وقامت باعتقالهم.

فقد اقتحمت قوات عسكرية تابعة لمكتب المالكي مقر quot;ابن حقيquot; في بغداد، واعتقلت عددًا من اعضاء هيئة تنسيق الحراك الشعبي، الذين كانوا يجتمعون في داخله. وهذه الهيئة منظمة مجتمع مدني تأسست حديثًا، وتضم أكثر من عشرين حركة ومجموعة شبابية تقوم بتنظيم التظاهرات الاحتجاجية التي عمّت البلاد في الخامس والعشرين من شباط (فبراير) الماضي، والمستمرة حتى اليوم في ساحة التحرير في بغداد وعدد من مدن العراق.

وقالت الهيئة في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه إنه بينما كان أعضاء هيئة تنسيق الحراك الشعبي مجتمعين في مقر أين حقي الواقع في منطقة الميدان قرب مقهى الزهاوي في بغداد، جاءت همرات للجيش العراقي، وطوقت المقر، ودخلت على أعضاء الهيئة، وعصبت اعينهم، وأعتقتلهم، وكان عددهم عشرة، منهم: محمد حميد وأحمد محمد احمد وعدنان الشريفي وعدنان عبد علي وعماد فزع وعلاء مجيد.. وهناك أربعة آخرين لم يتسن معرفة أسمائهم بعد.

ودانت الهيئة quot;هذا السلوك الهمجي، ونحمل الحكومة والمالكي نفسه واجهزته الامنية المسؤولية الكاملة عن سلامة اخواننا في الهيئة، فهم شباب متظاهرون مسالمون، لا يبغون سوى اصلاح الوضع في العراق، وان هذه الاعتقالات العشوائية لا تمت بصلة الى الديمقراطية المزعومة في العراق، بل هي اسقاط تام لها.. وشبابنا المعتقلون مارسوا حقهم الشرعي في التظاهر والاجتماع والتعبير عن الرأي، وهذا ما كفله لهم الدستور العراقي، وكل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسانquot;.

وطالبت بالإفراج الفوري والعاجل عن المعتقلين quot;لعدم وجود ما يبرر إعتقالهم، فهم شباب يطالبون بإصلاح الوضع في العراق بشكل سلمي بعيد عن مظاهر العنف، ونحذر من تلفيق التهم اليهم، ونناشد منظمات حقوق الانسان الدولية التدخل لإطلاق سراحهمquot;.

من جهتهم، ابلغ ناشطون الصليب الاحمر الدولي بأن حكومة العراق الحالية قد خرقت المعاهدات والاتفاقيات الدولية، تحديدًا اتفاقية جنيف الاولى لعام 1949 عبر استخدامها سيارات نقل المرضى (الاسعاف) لاغراض اعتقال المدنيين والمتظاهرين العزل.

واشاروا الى ان قوة امنية خاصة تابعة الى جهاز استخبارات القوات المسلحة العراقية قامت الجمعة باعتقال اربعة من العراقيين الشباب، جميعهم طلبة في اكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، وذلك في ساحة التحرير في وسط بغداد، اثناء تظاهرة شعبية تطالب بتوفير الخدمات وتحسين الامن ومكافحة الفساد، وهم :علي عبد الخالق الجاف ومؤيد فيصل وجهاد جليل واحمد علاء البغدادي.. وبعد عملية الاعتقال العلني امام شهود عيان، تم نقل الطلبة الاربعة بسيارة اسعاف مخصصة لنقل المرضى والجرحى الى مكان مجهول.

واضافوا quot;نذكر بأن العراق قد سبق له التوقيع على اتفاقية جنيف الاولى لعام 1949 والتي تحضر استخدامكل ادوات ووسائل الفرق الطبية ووحدات الاسعاف في حالات النزاع والحروب او في حالات السلم لاغراض مختلفة عن مهامها الاساسية، وهي اسعاف الجرحى والمرضى وتوفير العلاج اللازمquot;.

وقالوا ان حكومة العراق قد قامت بخرق الاتفاقية الدولية، خصوصًا المادة (33)، والتي تنص على ان quot;تبقى المهمات المتعلقة بالوحدات الطبية المتحركة التابعة للقوات المسلحة مخصصة لرعاية الجرحى والمرضىquot;، وايضا فإن حكومة العراق ملزمة وفق المادة (49) التي تنص على ان quot;تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقيةquot;.

دعوة إلى الكشف عن مصير المعتقلين وإطلاق سراحهم فوراً

من جهتهما، دعا اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق واتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقإلى اطلاق معتقلي الاحتجاجات، وقالوا ان الاعتقالدليل على تراجعمن قبل الحكومة في تطبيق القانون ومواد الدستور واتفاقيات حقوق الانسان، حسب المواثيق الدولية، وخرق لاتفاقية جنيف لعام 1949 التي وقع العراق عليها، بعدم استخدام سيارات الاسعاف لأغراض حربية، وكذلك تراجع عن احترام حرية التعبير والتظاهر السلمي في البلاد.

واكدا تضامنهما مع الشباب المعتقلين واستنكارهما quot;هذه الممارسة التي تدعو الى القلق من عودة العقلية الاستبدادية القمعية وممارسات التضييق على حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي التي مارستها الحكومة طيلة الأيام الماضية. وطالبا السلطات الحكومية بالإسراع في إطلاق سراح هؤلاء الشباب واحترام حقوق الإنسان وحق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، وفقًا لما جاء في الدستور. وناشدا وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية السياسية والمدنية بالتضامن مع الشباب المعتقلين والمطالبة بمعرفة مصيرهم والإفراج عنهم بأسرع وقت وإدانة الاعتقالات بدون مبرر أو سند قانوني وفضح الأساليب القمعية.

من جانبهم، دعا ناشطو حركة الاحتجاج ومنظمات المجتمع المدني السلطات الثلاث والمنظمات الدولية، بالتدخل السريع وكشف ملابسات عملية الاعتقال أمام الرأي العام ومحاسبة منفذي العملية بهذه الطريقة المنافية للاتفاقيات الدولية والأمر بإطلاق سراح الشبان وكل معتقلي الرأي وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار مادية ونفسية، وليكن الجميع بمستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية لمنع تكرار مثل هذه الممارسات، التي تعيد إلى الذاكرة نظام الاستبداد والدكتاتورية، الذي قدم العراقيين تضحيات وخسائر جسيمة من أجل الخلاص من آثاره المدمرة على بنية المجتمع العراقي ومستقبله.

ويمثل هؤلاء الناشطون كل من: 1- شباب شباط ، 2- المجلس العراقي للسلم والتضامن، 3- جمعية الامل العراقية، 4- مؤسسة اتجاهات، 5- جمعية المصممين، 6- تجمع كفى، 7- تجمع جياع، 8- راديو المحبة، 9- منظمة الناس لحقوق الانسان، 10- رابطة المراة العراقية، 11- نقابة quot;ذو المهن الهندسيةquot;، 12- منظمة تموز للتنمية الاجتماعية، 13- الثورة الزرقاء، 14- أين حقي، 15- انصار المجتمع المدني.

شباب شباط يخاطبون المالكي

وفي رسالة الى المالكي، قال شباب شباط quot;نطالبكم بتغيير صفتنا من مواطنين عراقيين عاديين الى مواطنين نادمين وخَجِلٌين جدا، وذلك بعد التصرفات المدانة والإجراءات القمعية والسلوك البعثي الصدامي التي قامت بها سلطاتكم الأمنية وتحت اشرافكم بشكل مباشر. فإضافة الى منصبكم كرئيس الوزراء ووزير للدفاع والداخلية والمشرف العام على قوة مكافحة الارهاب وقيادة عمليات بغداد، تحت هذه العناوين تعتقلون المتظاهرين الشباب، بينما تمنح رخصة الأستعراض إلى آخرين موفرين لهم الحماية ووسائل النقلquot;.

واضافوا في بيان تلقته quot;إيلافquot; نحن نعلن امامكم اننا نادمون وخجلون، لاننا سمحنا لنفسنا في يوم من الايام ان نتخذ جانب الصمت، ونحن نرى الشراذمة والطواغيت، وهي تصعد إلى سلم الحكم، لتجعل منا شعبًا ضعيفًا متهالكًا اكثر مما كنا في زمن المقبور صدامquot;. وقالوا quot;نعم نحن نادمون يا رئيس الوزراء نادمون جدا لاننا عرفناكم متأخرين شخصًا غير مسؤول، وتنطبق عليكم المقولة (الرجل غير المناسب في المكان المناسب) فقد طبّقتم هذا القول بحذافيره.

وكان المالكي قد حدد في السابع والعشرين من شباط الماضي بعد يومين من الاحتجاجات التي عمّت مدن العراق مدة مائة يوم للوزارات والمؤسسات الحكومية لتحسين أدائها وتطوير الخدمات في البلاد.

ولوّح المالكي بالمطالبة بإقالة الحكومة في حال عجزها عن تحقيق المشاريع بعد مهلة المائة يوم، مؤكدا أن المهلة تشمل مجلس النواب أيضًا، موضحًا أن رئيس الوزراء من حقه المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.

كما هدد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي عقب تلك التظاهرات التي شهدتها البلاد بسحب الثقة من الحكومة الحالية وإسقاطها ما لم تلبٍِّ مطالب المواطنين، فضلاً عن سحب الثقة من كل وزير لا يستطيع تنفيذ نسبة 75% من البرامج الموضوعة لوزارته.

وتشهد محافظات العراق منذ 25 شباط (فبراير) الماضي تظاهرات احتجاج تطالب بالإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتوفير الخدمات العامة، ينظمها ناشطون وشباب من طلبة الجامعات، ومثقفون مستقلون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الإنترنت.