عبّرت مختلف القوى السياسية العراقية اليوم الثلاثاء عن دعمها ثورة الشعب الليبي ضد نظام العقيد القذافي، مرحّبة بانتصاره على هذا النظام، الذي قالت إنه أحرق الحرث والنسل. ودعت الليبيين الى الابتعاد عن الصراع الطائفي وعن الإرهاب والاحتلال والتدخلات الخارجية، معبّرة عن الأمل في إقامة علاقات متينة بين الشعبين العراقي والليبي، تبنى على الروابط الاخوية بينهما وعلى أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين البلدين.

المالكي: ليبيا الجديدة لن تشهد صراعًا طائفيًا

في كلمة له، قال رئيس الوزراء نوري المالكي ان بلاده تقف مع التيار المطالب بالحرية، ولاتقفمع التيار الذي يريد أن يكون الصراع في ليبيا طائفيًا. واشار إلى أن الشعب الليبي قد عبّر عن موقفه بعدما كانت الشعوب العربية تعاني فقدان الحرية وتخضع لأنظمة تكون فيها الدولة ملكًا لحزب معين أو عائلة معينة.

واضاف المالكي في كلمة له خلال حفل إفطار في بغداد الليلة الماضية، وبعث مكتبه الاعلامي بنصها الى quot;إيلافquot;، ان الشعب الليبي لم ينتفض على خلفيات طائفية لأن قضيته قضية شعب مظلوم ومحروم. وشدد بالقول ان الثورة في لبيبا لن تنتهي بصراع طائفي .. وقال نقف quot;بإجلال واحترامquot; امام الشعوب التي quot;تبحث عن حريتهاquot;.

واوضح ان اوضاع الشعب العراقي في زمن النظام السابق كانت أكثر سوءًا من ليبيا وبقية الشعوب في المنطقة، التي عانت هذا الأمر quot;أما اليوم فقد وصلنا إلى الحرية، وحققنا الكثير من النجاحات التي تضافرت بها جهود رجال الأمن وأبناء الشعب والإعلاميين والسياسيين والمثقفين وغيرهمquot;.

وكان المالكي اعتبر الخميس ان اسرائيل هي quot;المستفيد الاولquot; من quot;رياح ربيع العربquot;، محذرًا من إمكان ان تقع الدول العربية التي تشهد حركات احتجاجية quot;فريسة أطماع هذه الدولة الغاصبةquot;. ويشهد العراق الذي يعاني نقصًا كبيرًا في قطاع الخدمات ووضعًا امنيًا متدهورًا يشهد تظاهرات اسبوعية تطالب بالإصلاح السياسي والاجتماعي.

من جهته بارك حزب الدعوة الإسلامية بزعامة المالكي لليبيين quot;سقوط نظام الطاغية القذافي، الذي اذاق ابناء الشعب الليبي ألوان القمع والتنكيلquot;، واعتبر ان نهاية هذا النظام يمثل نهاية حقبة مظلمة من تاريخ ليبيا الشقيقةquot;.

واضاف الحزب في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; ان quot;سقوط الطاغية يؤكد أن القمع مهما طال فلا يمكن ان يستمر امام ارادة الشعوب التواقة الى الحرية والكرامة، واننا في العراق نقف مع الشعب الليبي الشقيق في تطلعه نحو الحرية وخلاصه من التسلط والدكتاتورية التي مارسها القذافي، والذي اصطف مع نظام البعث الصدامي في جرائمه واضطهاده كل الشعب العراقي وقمع تطلعات ابناء العراق في الحصول على الحرية والكرامةquot;.

وعبّر حزب المالكي عن الامل في quot;ان يؤدي سقوط نظام التسلط في ليبيا الى اقامة نظام ديمقراطي حر يعيد الحقوق المغتصبة إلى أبناء ليبي،ا ويحقق العدالة بين الليبيين، كما ونطمح الى اقامة علاقات متينة بين الشعبين العراقي والليبي قائمة على اساس الروابط الاخوية بين الشعبين والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل بين البلدينquot;.

الصدر:ليبتعد الليبيون عن الارهاب والاحتلال والتدخل الخارجي

من جانبه قال زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر quot;الحمد لله الي ثبت المؤمنين وزرع في قلوبهم الشجاعة والتضحية وحب الدين والوطنquot;. واضاف quot;الحمد لله الذي جعل فتح ليبيا على يد الثوار المؤمنين، وليس على يد المحتلين الظالمين، والحمد لله الذي جعل اليوم يومًا للمظلومين على الظالمين، وعلى رأسهم القذافي، الذي أهلك الحرث والنسل وعثا في الارض فساداquot;.

وحيّا الصدر في بيان تسلمته quot;إيلافquot; اليوم quot;جهود المجاهدين الابطال في دولة ليبيا الشقيقة العزيزة وسأل الله ان يبعد عنهم الاحتلال والارهاب والتدخلات الخارجية، ولا سيما الاميركية منها، متمنيًا ان تكون الشعوب التي تحررت يدًا واحًدا من أجل إنهاء العدو المشترك، ويعني الثالوث المشؤوموخاصة إسرائيلquot;.

وخاطب الصدر الليبيين قائلاً quot;نحن اخوتكم في العراق نشدّ على يدكم، ونلتمسكم الاستمرار من اجل بناء ليبيا الجديدة بعيدًا عن التحزب والمآرب الدنيوية لتكون موحدة عزيزة بأهلها واسلامها، ونعاهدكم ان نستمر على مقاومة المحتل مهما حدث لتحرير العراق، ولنكون معكم من اجل نصرة الحق .. والحق يعلو ولا يُعلى عليهquot;.

العراقية: تحرر ليبيا نقطة مضيئة

من جانبها اعتبرت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي أن سقوط نظام القذافي قد سجل نقطة quot;مضيئةquot; في تاريخ الشعوب العربية، فضحت الأنظمة الجوفاء المتبقية، ودعت بقية الأنظمة إلى أخذ الدروس والعبر من هذه التجربة، مؤكدة أن العصر الحالي هو عصر الشعوب.

وقال المتحدث باسم العراقية حيدر الملا إن quot;سقوط نظام القذافي نقطة مضيئة، تضاف إلى تاريخ الشعوب العربية في مسيرتها نحو الديمقراطية، وتفضح الأنظمة الجوفاء، التي ما زالت أسيرة الحديد والنار في إدارتها للحكم وفي التعامل مع شعوبهاquot;.

وأضاف الملا في تصريح نقلته وكالة السومرية نيوز quot;على الأنظمة في المنطقة أن تأخذ الدروس والعبر من سقوط القذافيquot;، مؤكدًا بالقول إن quot;العصر الذي نعيشه اليوم هو عصر الشعوب، وهي لن تبقى صامتة على الحاكم، حتى لو أنتجته الديمقراطيةquot;. واضاف quot;نبارك لأبناء شعبنا الليبي انتصار ثورته، كما نبارك جهود أبناء الشعوب السورية والبحرينية واليمنية في سعيها نحو الخلاص من الدكتاتورية وتطبيق التبادل السلمي للسلطةquot;.

حكومة كردستان: ندعم ارادة الشعوب

واكدت حكومة اقليم كردستان تأييدها ودعمها إرادة الشعب الليبي بعد سقوط نظام معمّر القذافي. واوضح المتحدث باسم حكومة اقليم كوردستان كاوه محمود أن quot;مسألة إسقاط رأس النظام الليبي معمّر القذافي قضية تتعلق بالشأن الداخلي الليبي، مشيراً الى ان quot;حكومة اقليم كردستان تدعم ارادة الشعوب في دول العالم كافةquot;.

العراقيون في ليبيا .. والعلاقات بين البلدين

من جهة أخرى، أكدت دائرة الهجرة في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عدم وجود أنباء عن سقوط ضحايا او اصابات في صفوف العراقيين الموجودين حالياً في ليبيا. وقال معاون مدير عام الدائرة ستار نوروز إن الاتصال بالعراقيين هناك صعب لعدم وجود سفارة عراقية في طرابلس،بل يوجد منسق في تونس تتواصل الوزارة معه لمعرفة آخر التطورات في ما يخص العراقيين في ليبيا.

وأوضح ان بعض العائلات وجدت صعوبة في العودة لوجودها في مناطق تمت محاصرتها من قبل قوات القذافي، وشهدت مواجهات بين هذه القوات والثوار، غير انه لفت الى ان اعداداً كبيرة من العراقيين موجودون في ليبيا وفق رغباتهم لوجود مصالح لديهم، سواء كانت عملاً او دراسة ابنائهم وغير ذلك، مؤكدًا ان الوزارة تتابع اوضاعهم بشكل متواصل.

واشار الى تمكن وزارته بالتنسيق مع وزارة الخارجية وتركيا من نقل عدد من العائلات العراقية من ليبيا الى العراق في بداية نشوب الازمة هناك في مطلع العام الحالي.

يذكر ان العلاقات العراقية الليبية قد شهدت تدهورًا كبيرًا بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003 حيث امتنع الرئيس العراقي جلال طالباني عن المشاركة في مؤتمر القمة العربية التي انعقدت في طرابلس في آذار (مارس) عام 2010 ومثله فيها وزير الخارجية هوشيار زيباري الذي ترأس الوفد العراقي.

وقال لبيد عباوي وكيل وزارة الخارجية العراقية ان قرار العراق بعدم مشاركة الرئيس طالباني أو أي من أعضاء مجلس الرئاسة في قمة طرابلس جاء بسبب التحفظ العراقي على الموقف السلبي الليبي من العملية السياسية والتشكيك بها، وبسبب علاقات السلطات الليبية مع جهات عراقية معادية للبلد، واصفًا العلاقات العراقية - الليبية بأنها في أدنى مستوياتها.

وأضافان الرئيس العراقي لا يذهب إلى بلد يستضيف القمة العربية، ولا توجد سفارة عراقية في ذلك البلد، وقال quot;لقد سبق أن طلبنا من ليبيا العمل على إعادة العلاقات الدبلوماسية، لكنهم بقوا مترددين في هذا الجانبquot;.

وحول استقبال القذافي مجموعة من العراقيين قالوا إنهم معارضون للعملية السياسية في العراق، قال عباوي quot;لقد فوجئنا قبل افتتاح مؤتمر القمة وقبيل وصولنا إلى طرابلس بلقاء الرئيس الليبي مع هذه المجموعة من العراقيين الذين أطلقوا عليهم تسمية (المقاومة العراقية) وسمعنا الحديث الذي دار بين القذافي وهذه المجموعة، فأبلغناهم بأن هذا شيء سلبي للغاية، وقلنا بوضوح إن هذه المجموعة من العراقيين المعادين للعملية السياسية إذا كانت موجودة في سرت أو ستشارك على هامش المؤتمر فنحن لن نشارك، لكنّ المسؤولين الليبيين أبلغونا رسميًا بأن هذه المجموعة تركت ليبيا، وصارت خارج أراضيهاquot;.