في الحلقة الثانية من ملف laquo;إيلافraquo; حول مضامين laquo;ربيع العربraquo;، يتفق نواب لبنانيون على أنّ الأنظمة الآيلة للسقوط تحتمي بالأقليات، وتتخذها أداة لمواصلة الهيمنة على الأكثريات السنيّة في المنطقة.


إقرأ في إيلاف أيضا
كتّاب يبحثون أسباب اتخاذ الأنظمة البديل الأصولي أداة للتخويف

لطالما كان التهويل بأنّ حكمًا إسلاميًّا متشددًا سيحلّ مكان الأنظمة الآيلة للسقوط أداة تستخدمها الأنظمة الاستبداديّة لخدمة مصالحها الخاصة ولضبط الشارع.

في هذا الشأن، يقول النائب اللبناني السابق فارس سعيد إنّ نظام بشار الأسد كمثال، يحاول تصوير نفسه على أنّه يحمي الأقليات في الشرق الأوسط، بينما هو في الواقع يربض خلفها ويحتمي بها.

يضيف سعيد أن تلك الأنظمة نفسها لا تتردد في استنفار الأقليات، ما يهدد استمرارية وجودها في مواجهة غالبية سنّية باتت تشكّل القلب الأساسي لكل الثورات.

يحذّر سعيد من خطورة استغلال الأقليات من قبل الأنظمة الآيلة للسقوط، لافتًا إلى أنّه لا بد لهذه الأقليات التي لم توجد بالصدفة في الشرق الانخراط في عمليّة تطوير الأنظمة في بلدانها، quot;فلا يمكن أن نكون مع الحريّة في لبنان وضدّها في سورياquot;.

ويتفق النائبان جوزف المعلوف وجمال الجراح على أنّ التهويل بالأصوليّة إعلاميّ، ويقتصر على كونه محاولة للمراوغة والتضليل، ويهدف إلى قمع السعي إلى الحريّة التي تطمح اليها الشعوب.

يعلّل الجراح لـ إيلاف أنّ الانظمة الديكتاتورية تسعى الى الحجج الواهية للإيحاء للغرب ولشعوبها بأنّ البديل منها نظام متطرف ومتشدد وسيفتك بالاقلية ويجعلهم أهل ذمّة، وهي نظريات لا أساس لها من الصحة.

ويضيف أنه في ليبيا سقط نظام القذافي، وسط حراك شعبي ديموقراطي، يسعى إلى إقامة نظام متقدم ويراعي حرية الناس وقواعد الديموقراطية والنهوض السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبالرغم من كل الاتهامات، إلا أننا لم نر فئات متطرفة في ليبيا.

أمّا في سوريا، يلفت الجرّاح، فيلجأ النظام إلى أسلوب التهويل عبر كل الوسائل مسخّرًا الإعلام للترويج إلى وجود سلفيين يقتلون العسكر ويعتدون على رجال الشرطة، ولم يستطيعوا إظهار صورة واحدة أو حدث واحد يثبت هذا الإدعاء المزعوم. لم نر أي مجموعة سلفية مسلَّحة اعتدت على الجيش، وما نراه هو الاعتداء من الجيش وquot;الشبيحةquot; وقوى الامن على المتظاهرين السلميين العزّل والاطفال.

الوعي الشعبي

قد يكون الشعب العربي واعيًا إلى أسلوب التهويل بالأصوليّة، التي تلجأ إليها الانظمة المستبدة، ما يدفعه إلى الاستمرار في ثورته. ويلفت سعيد: quot;أولاً الاستمرار في الثورة هو وضع غير قابل للرجوع عنه، وبالتالي هذه الثورة انطلقت مع محمد البوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه، وبذلك أشعل كل ضمائر المواطنين في العالم العربي.

الثورة لن تعود الى الوراء، وعلى الجميع الانخراط فيها والمساهمة بتطويرها بهدف أن تصل الى الانتقال بالعالم العربي الى مكان افضل، ومكان حديث ومتصارح مع نفسه، يرتكز على القانون، وليس على رعاية هذا النظام لتلك الجماعة.

حول هذا الموضوع، يقول المعلوف إن الشعوب العربية لم تعد تخشى تهويل الأنظمة بالأصولية في ظل سيادة عصر المعلومات والتكنولوجيا الالكترونية.

رسالة إلى الغرب

أمّا عن سبب تهويل الأنظمة بالاسلام المتشدد، فيرى فيها سعيد quot;رسالة تخويف باتجاه الغرب، وهو أمر غير صحيح، لأن الثورة التي انطلقت لم ترتكز على دوافع ايديولوجية ودينية، إنما انطلقت بدافع واحد، وهو حقوق الانسان والحرية والعدالة للجميع، وهذه قيم يجب أن نأخذها بالاعتبار، وألا نضعها جانبًا ونضخّم الاخبار الاخرىquot;.

النائب المعلوف يؤيّد الأمر ويضيف: quot;كلنا نعرف الوضع الذي جرى، خصوصًا بعد أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001، حيث أصبح هناك نوع من قلق وفزع من التطرف، وهذه نقطة يتم استقبالها بشدة من الانظمة، لكي تستمر في وجودها، ووجود الديكتاتورية التي هي أكثر قمعًا من أي شيء، ولكن عدد الديكتاتوريات في العالم يضمحل، والأمل في أن يعي المواطن ذلك.

موقف الغرب: مبال... غير مبال

عن موقف الغرب من هذا التهويل بصعود التيارات الاسلامية في العالم العربي، يقول سعيد: quot;لا اعتقد ان هذا الموضوع يؤخذ بعين الجد في الخارج، ففي أوروبا هناك 35 مليون مسلم، يتابعون الجزيرة والعربية، ولا ينتخبون في البلدان التي يوجدون فيها بدوافع دينية او ايديولوجية، بل بدوافع تحسين ظروف حياتهم، ومعيشتهم، تغير العالم، ولا يمكن التهويل بمفاهيم اصبحت وراءناquot;.

النائب المعلوف يرى في هذا الصدد أن الغرب قلق إزاء ذلك، ولكن ما نراه اليوم ليس في الغرب وحده، هناك تسارع من كل دول العالم للسعي إلى أن يعيش الإنسان بحرية، الأمل في ذلك هو ما سوف يعلو فوق كل التهويلات والشائعات.

وضع العراق

هل ما جرى في العراق وتعرّض المسيحيين هناك بعد صقوط صدام حسين ذريعة للأنظمة في التهويل بالإسلام المتشدد؟ حول هذا الموضوع يقول سعيد: quot;اعتقد أنه على المسيحيين أن يعوا تمامًا اللحظة التي يمرّ فيها العالم العربي، وبدلاً من إظهار مظاهر الخوف والقلق من التبدل، عليهم أن ينخرطوا وأن يكونوا أهلاً لهذا التغييرquot;.

وعن ما جرى في العراق، يقول المعلوف نرى اليوم إن الوضع في العراق، الذي له مقوماته وواقعه، لا يمكن مقارنته مباشرة بوضع البلاد، لأن لكل بلد واقعه وتركيبته، وكان هناك تفاعل للأمور لفترة طويلة في العراق، ولا أعتقد أن هذه المقارنة سليمة، ونأمل ألا يحدث ذلك في مناطق أخرى.

أمّا الجرّاح، فيقول إن quot;العراق وضع مختلف، إذ إن هناك قوى إقليمية تريد أن تقيم التنظيف العرقي، وكانت هذه القوى التي تنفذ هذا المخطط ستعي اليوم انها تحافظ على الاقليات، وهي نفسها تفرض انها حريصة على الأقليات المسيحية.

نموذج تركي يحتذى به

النموذج التركي الإسلامي المعتدل يعتبر ناجحًا. هل يمكن أن يطبّق هذا النموذج في الدول العربية اليوم، ويقوم بدلاً منالانظمة الديكتاتورية؟ يقول سعيد: quot;كل نموذج سيأتي بعد انهيار النظام العربي عليه أن يتصالح مع ذاته وشعبه، ومن ثم التصالح مع الخارج، المعيار هل السلطات السياسية التي ستأتي بعد انهيار النظام العربي ستكون سلطات تدفع باتجاه المصالحة مع الذات.

ويرى النائب المعلوف في هذا الموضوع أنه في تركيا واضح أن الحزب الحاكم يقوم بطريقة سليمة وبنوع من الاحترام، ولكن لا يمكن المقارنة، هناك الوعي والإدراك الكامل، بمن هم وراء هذه الثورات، إن كانت شبيهة بالنموذج التركي أو أخرى، وتصبّ كلها في خانة الديموقراطية واحترام القناعات الدينية الموجودة عند جميع الشعوب.