تتوالى الاتهامات الموجهة لشركة quot;أم تي أنquot; الجنوب أفريقية للاتصالات بخرق العقوبات الأميركية المفروضة على كل من إيران وسوريا، والتورط مع حكومتي هذين البلدين في عمليات قمع إلكترونية من خلال حجب خدمات خلوية، وإتاحة quot;داتا الاتصالاتquot; فيهما لاقتفاء أثر المعارضين.


لندن: لطالما كان شغل نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، الشاغل أن ينأى بنفسه عن كل ما قد يثير المجتمع الدولي ضده، وبالتالي ضد لبنان. ولطالما انتهج سياسة المشي بين قطرات المطر آملًا أن لا يبتل بالماء، فيمضي إلى مستقبله السياسي واثق الخطوة يمشي رئيسًا للحكومة نحو الانتخابات القادمة.

لكن يأتيك بالأخبار من لم تزوّد... خصوصًا أن ميقاتي يملك حصة الأسد في شركة quot;أم تي أنquot; الجنوب أفريقية للهاتف الخلوي.

اتهامات بالرشوة

أوردت تقارير صحافية أن هذه الشركة خائفة من العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية أخيرًا ضد أفراد وشركات في إيران، تتهمهم الادارة الأميركية بالتورط في انتهاكات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان، ودعم الإرهاب والحرس الثوري.

مثار الخوف هذا دعوى مرفوعة في الولايات المتحدة بحق quot;أم تي أنquot; نفسها، إذ تتهمها شركة تركسيل التركية برشوة مسؤولين في الحكومة الإيرانية للحصول على ترخيص لتشغيل شبكة اتصالات خلوية، بينما تفاوض quot;أم تي أنquot; الخزانة الأميركية للسماح لها بنقل أرباحها النقدية من إيران قبل انهيار الريال الإيراني.

فكبار مديري الشركة يخشون أن يأتي الحكم الأميركي في غير صالحهم، لأنّ المزاج الشعبي العام اليوم لا يصب في صالح شركات تتعامل مع النظام الإيراني، متحدية العقوبات الأميركية.

وسيط وشريك

تخشى quot;أم تي أنquot; أن ينكشف للرأي العام العالمي دورها في تسهيل حصول كونسورتيوم إيراني للاتصالات تسيطر عليه الحكومة الإيرانية على أجهزة من صن مايكروسيستمز وهيوليت باكارد وسيسكو سيستمز، على الرغم من الحظر الأميركي على بيع تقنيات أميركية لإيران، وذلك لصالح مشروع مشترك بين هذا الكونسورتيوم وبين شركة quot;أم تي أن إيرانسيلquot;.

وتملك هذه الشركة 49 في المئة من أسهم المشروع هذا، وقد قدمت التمويل الأولي المطلوب للانطلاق فيه.

وكانت وكالة quot;رويترزquot; كشفت في آذار (مارس) الماضي أن شركة زد تي إي كورب الصينية المصنعة لأجهزة الاتصالات ورّدت أجهزة وبرامج أميركية إلى إيران منذ العام 2010، تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، اشترتها شركة الاتصالات الإيرانية، أكبر شركة اتصالات في الجمهورية الاسلامية. وبادرت وزارة التجارة الأميركية في حينها إلى فتح تحقيق في تلك المسألة.

من بيت أبيها ضُربَت!

في تصريح صحافي، اعترف كريس كيلووان، رئيس quot;أم تي أنquot; في إيران بين العامين 2004 و2007، بأن مجموعة quot;أم تي أنquot; الأم شاركت بشكل مباشر في شراء مكونات أميركية لحساب شركة quot;أم تي أن إيرانسيلquot;، وسمحت لشركائها الإيرانيين وquot;أم تي أن إيرانسلquot; بإنشاء شركة إيرانية محلية، هدفها الأساسي هو الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

ويحضر اسم كيلووان نفسه في الدعوى القضائية التي رفعتها شركة تركسيل التركية للاتصالات ضد quot;أم تي أنquot; في واشنطن، متهمة إياها برشوة مسؤول إيراني لسرقة الترخيص الأصلي الذي تملكه، لإطلاق quot;أم تي أن إيرانسلquot;. فكيلووان ساعد تركسيل بمدها بآلاف الوثائق لتنال مرادها، إلا أن quot;أم تي أنquot; نفت ما سيق ضدها من اتهامات، ووصفت كيلووان بأنه موظف سابق مستاء ومن دون مصداقية.

الوثائق شاهدة

وعلى الرغم من نفي quot;أم تي أنquot;، غير أن quot;رويترزquot; قدمت للرأي العام وثيقة مؤرخة في العام 2008، تثبت اهتمام الشركة بالحصول على منتجات تقنية تشملها العقوبات الأميركية، إلى جانب وثائق أخرى.

من جهته، أصدر بول نورمان، رئيس شؤون المؤسسة في مجموعة quot;أم تي أنquot; بيانًا قال فيه: quot;وفق المعلومات المتوافرة لنا في الشركة، لم يحصل أي عامل في quot;أم تي أنquot; مباشرةً أو مواربةً على أي أجهزة لاستخدامها في عمليات إيرانسيل، كما لم يسعوا للحصول عليها، بطريقة تتفادى العقوبات الأميركية أو تلتف عليهاquot;.

وأكد البيان أن quot;أم تي أنquot; ملتزمة بالعقوبات الأميركية، quot;بل هي تعمل مع الحكومة الأميركية ومستشارها القانوني الدولي للاستمرار في هذا الالتزامquot;.

مساهمة في القمع

لا يقف تورط quot;أم تي أنquot; في خرق العقوبات الأميركية عند الحدود الإيرانية، بل يتعداها إلى الحدود السورية أيضًا، خارقة العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري، بسبب القمع الذي ينتهجه ضد شعبه.

فثمة تقارير عديدة تتهم quot;أم تي أنquot; بتزويد النظام السوري بأجهزة متطورة، مهمتها حجب رسائل نصية محددة، ووقف شبكة الانترنت وتغطية الهواتف الخلوية.

في تقرير صادر عن حركة أكسس العالمية من أجل الحرية الرقمية، ورد أن quot;أم تي أنquot; في سوريا تخضع لأمر الحكومة في قطع خدمة الإنترنت ووقف تغطية شبكة الهواتف الخلوية عندما يهاجم الجيش مدينة ما أو بلدة ما، ما حدّ من قدرة المحتجين على استخدام التقنيات، التي ساعدت في تنظيم التظاهرات في دول الربيع العربي، وإسقاط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا.

واضاف التقرير: quot;هذا ما يثير التساؤلات والمخاوف حول ما اذا كانت أم تي أن تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في انتهاكات النظام السوري لحقوق الانسانquot;.

quot;داتا الاتصالاتquot; المباحة

وكشفت بلومبرغ أن النظام في سوريا أمر خلال الأحداث الجارية هناك بحجب خدمة الرسائل النصية القصيرة، وإيقاف إرسال أي رسالة تتضمن تعابير سياسية حساسة، ككلمتي ثورة أو تظاهرة.

وأضافت بلومبرغ أن شركة سيرياتيل، وهي أكبر مشغّل للهاتف الخلوي في سوريا، استجابت لأمر النظام وحجبت الرسائل عبر تقنية خاصة وفرتها لها quot;أم تي أنquot;.

كما أوردت صحيفة ميل أند غارديان الجنوب أفريقية أن quot;أم تي أنquot; نفذت كذلك أوامر النظام الإيراني، وأوقفت خدمتي الرسائل النصية وسكايب أثناء الاحتجاجات السياسية التي انتشرت في إيران عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وقالت الصحيفة إن مسؤولين عسكريين إيرانيين يشغلون إحدى طبقات مقر quot;أم تي أنquot; في طهران، حيث يعملون على دراسة quot;داتا الاتصالاتquot; لاقتفاء أثر المعارضين واعتقالهم.