نفى الناطق باسم مطرانية الأرمن الارثوذكس في حلب وتوابعها، جيراير رئيسيان، أن يكون الوجود الارمني وكيانه مهدد بالزوال في سوريا. وعلى الرغم من مغادرة بعضهم الى أرمينيا، لكن العدد الأكبر منهم مازال محاصراً خاصة في حلب التي تشهد أشرس المعارك.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: شهدت مدينة حلب الاسبوع الماضي وقبله عدة هجمات راح ضحيتها عدد من الارمن الارثوذكس سواء كانوا في منازلهم أو في طريقهم الى أو من مطار حلب حيث فتحت جمهورية أرمينيا أبوابها ومازالت لاستقبال أعداد من الفارين من داومة العنف في سوريا.

ويقول الأرمن إنهم ضد العنف بكل أشكاله كوسيلة لحل الأزمات وليسوا طرفا في أي صراع عنفي. وفي الازمة السورية الحالية يسعى القائمون على الطائفة الارمنية خاصة في حلب وتوابعها إلى لم شملهم وانقاذ مايمكن انقاذه منهم وممتلكاتهم، آملين حل كل الخلافات بعيداً عن لغة السلاح.

لمن ينحاز الأرمن؟

ويرى الناطق باسم مطرنية الأرمن الأرثوذكس في حلب وتوابعها أن الطرف الذي ينحاز إليه الأرمن واضح وهو سوريا كوطن وإلى الشعب السوري بكل اطيافه ومكوناته. نافياُ اتهام الارمن بالانجياز للنظام وتكوين جيش أو ميليشيا مسلحة.

جيراير رئيسيان الناطق باسم مطرنية الأرمن الأرثوذكس في حلب وتوابعها

وأوضح رئيسيان خلال حديث موسع مع quot;إيلافquot; أن quot;الأرمن جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، أي المجتمع السوري الفسيفسائي، وكمواطنين في هذا البلد المضياف، في مقدمة أولوياتنا، أخذ دور فعال في بناء هذا الوطن ودفع عجلة التطور والتقدم إلى الأمام، وخلق حياة كريمة للجميع، في أمنٍ وأمان، بعيداً عن كل أشكال ووسائل العنف في حل الخلافات والاضطرابات والأزمات، التي قد تعيق مسيرته الحضارية، ونؤكد أن معالجة الأزمات، لا تكون إلا برؤية واقعية، ودراسة معمقة لمعرفة الأخطاء، وتحقيق الإصلاحات. انطلاقا منها، نرحب بالنقد البناء المبني على الاحترام المتبادل، دون تدخلات، مؤثرات وقوى تحريض خارجيةquot;.

وحول الاتهامات بعض المعارضين السوريين بان الأرمن يساعدون النظام السوري قال رئيسيان:

quot;ولماذا يخصّون الأرمن، ولما ذكر الأرمن في موضوع كهذا، الأرمن كما ذكرت، طيف من أطياف المجتمع السوري، وأي فرد كان من إخواننا من هذا البلد، بغض النظر عن انتمائاته وأصوله، حر في معتقداته وأفكاره، أو تعاطفه لفكر أو لآخر، وهذا حتماً تصرف فردي وشخصي.

أما الموقف الأرمني بمفهومه العام والرسمي، هو ما تحدثت عنه بالتفصيل في جوابي السابقquot;.

مساعدة المنكوبين لا تعني تكوين ميليشيا

وعلق الناطق باسم مطرانية الأرمن الارثوذكس في حلب على بعض الأخبار حول دعوات لتشكيل جيش ارمني كميليشيا لحمايتهم، قائلاً: quot;هناك لجان ارمنية تضم مسؤولين عن الطوائف والجمعيات والفعاليات الأرمنية، تشكلت بعيد الأحداث، للتواجد بالمناوبة في مراكز معلنة عنها، مهامها، مدُ يد العون، للمنكوبين خلال الاحداث، من تأمين المؤن وحاجات أساسية، أو إيواء النازحين، ومتابعة سلامة المنشئات العائدة للطائفة ( حين الضرورة )، وإن أردت تسمية هؤلاء بجيش، في خدمتهم الحضارية والانسانية لإخوانهم، فهذا يعود إليك، لكن نحن نرفض رفضاً قاطعاً تسمية، كل ما شرحت لكم بعمل ميليشيا، وإن تحدثنا عن قولكم في السؤال لحمايتهم، أي حماية الأرمن، أتساءل. هل الأرمن مستهدفون؟ نحن قاسمنا الحياة في هذا البلد مع إخوة لنا، فمن هم إذاً أعدائنا؟

إلا إذا كانت هناك حسابات دخيلة آتية من الخارج، فهذا أمر آخر، ولكل حادث حديث.

أما بالنسبة عن الجزء الثاني من السؤال. عن كيفية حصول الأرمن على السلاح. قلت، أننا نرفض رفضاَ قاطعاً مبدأ العنف والاقتتال، مع أننا في سوريا على عكس ذلك اليوم، فمصادر التحريض الخارجية، هي الأولى التي تبحث وترحب بمن يمدها بالسلاح، لتدمير وحدة هذا البلد وشعبه، ما يتنافى قطعاً، قولاً ومضموناً مع مبادئناquot;.

فمن يحمي الارمن من الهجمات الآن؟ quot;كما ذكرت سابقاً، هل نحن مستهدفون ليحمينا أحد، قد يصاب البعض خلال الاشتباكات، هذا أمر مؤسف، نترحم على أرواح شهدائنا، والشهداء جميعاً من ابناء الوطنquot;.

كنيسة للأرمن السوريين

تحيّة للعرب السوريين

وأكد رئيسيان ان سوريا احتضنت الأرمن بعد المذابح التي حصلت لهم في تركيا مطلع القرن الماضي، مضيفاُ بأن quot;ابناء هذا الوطن استقبلوا أشلاء المهجرين الأرمن ومن نجوا من مذابح الإبادة التي أرتكبها العثمانيون الأتراك، بحق الشعب الارمني في مطلع القرن العشرين، والذي كان ضحيتها quot; مليون ونصف المليون أرمني، فأستقبلهم العرب السوريون، ومدوا يد العون لهم وقاسموا لقمة العيش معهم، بكل بسالة ومرؤة آنذاك، رغم سلطة المجرم ونفوذه في هذا البلد، لذا، أستغرب الآن لسؤال كهذا، هل تغير شيء في القيم والمفاهيم العربية الأصيلة، ومبادئ دين التسامح، تعاليم الإسلام النبيلة، التي عرفناها، كي نفكر بموضوع كهذا.

إضافة الى ذلك اريد أن أذكركم حينما ذكرتم في سؤالكم، quot;مذابح حصلت في تركياquot;، المذابح حصلت أثناء حكم الدولة العثمانية، إلا ان معظمها حصلت على أراض وفي مدن عرفها التاريخ موطناً للشعب الأرمني، فلم يكتفوا العثمانيون الاتراك، بارتكابهم مذابح إبادة ضد الارمن، لا بل، عملوا على سوق الأرمن وتهجيرهم بشكل قسري، واقتلاع شعب من جذوره التاريخية، والاستيلاء على أراضيه وممتلكاته، التي لم تكن يوماً لهمquot;.

وشهد مطار حلب خلال الفترة الماضية مغادرة العشرات من الأرمن الى العاصمة الارمنية يريفان ومازالت أعداد منهم تسعى للوصول الى ارمينيا عبر مطار حلب أيضاً. حيث يرى الناطق باسم مطرانية الأرمن الارثورذكس في حلب وتوابعها جيراير رئيسيان أن الذي quot;يهاجر هو من يصعب عليه الصمود والوقوف في وجه التحديات، ومن يمنعهم؟ لا أحد يمنع الآخر أو يمارس الضغط عليهم، قد ينصحه البعض لتحليل ومعرفة الواقع والصعوبات التي قد تواجهه مستقبلاً في موطنه الجديد، والباقي يعود إليهquot;.

من شاء فليغادر ومن شاء فليبقَ !

وان كانت مطرانية الارمن في حلب تدعو الباقين للمغادرة أيضا. قال رئيسيان: quot;غادر عدد من الأرمن وعاد عدد، وسوف يعود عدد آخر مستقبلاً، هذا أمر طبيعي، أما إن كنت تود أن تشير بسؤالك إلى موضوع الهجرة إلى أرمينيا. صحيح أن أرمينيا ايضاً وطن بالنسبة للأرمن، لكن نحن أبناء هذا البلد، مواطنوه بكامل الحقوق والواجبات، ولدنا وترعرعنا هنا، درسنا وعملنا هنا، ، لنا كنائسنا، مدارسنا، مؤسساتنا ، نوادينا، بيوتنا وعوائلنا، كلها هنا، ولا أدري هل من خطر أو دافع أو سبب قد يهدد كياننا ووجودنا هنا في هذا البلد، quot;سوريا الأمquot;، لم اسمع عن شيء كهذا أبداً، إذاً لما الهجرة؟ أوافقك، تفضيل البعض العيش مؤقتاً هناك في أرمينيا، ريثما تعود الأمور لمجاريها هنا في سوريا، فهذا امر آخر، ولا يصح ذلك، إلا لمن يسمح له ظروفه وإمكانياته الخاصة، فنحن باقون هنا، وهناك تاريخ للوجود الأرمني في سوريا منذ قرون بعيدة، والتاريخ مستمر، ونحن سوريون مع انتمائنا لأصولنا الأرمنية.

أما دعوات الأرمن المتمثلة بمطرانيتهم في حلب وتوابعها لاطراف النزاع في سورية فهي بحمل كل المقترحات والحلول التي تهدف استعادة الوطن وتعايش أبنائه وفق محمل الجد.

أما quot;القتال والاقتتال والتفجيرات، ليست من مصلحة طرف أو آخر، بل دمارٌ حيث ما كان، لا يجلب إلا الموت والخراب للجميع، ودون نتيجة إيجابية لأحدquot;.

وتساءل الناطق باسم مطرانية الأرمن الارثوذكس في حلب وتوابعها جيراير رئيسيان: quot;كم خسرت الدولة والشعب، من خيرة أبنائها ومنشئاتها، وأوابدها في هذه الاحداث؟ فالجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم، دون تدخل مباشر وغير مباشر، لأطراف أخرى، خير الحلول والطريق الأمثل إلى شاطئ الأمانquot;.

ودعا لـ quot;تقييم مجريات الأحداث وتطوراتها بوعي وشفافية، ونأخذ بجدية كل المقترحات والحلول التي ترمي إلى استعادة الوطن بسماتها، التي ترمي إلى تماسك وتعايش ابنائها جميعاً يدا بيد، كما كان يضرب سابقاً، مثل التعايش على المنابر الدولية، بفسيفساء الشعب السوري الرائع.

سوريا مهد الحضارات والأديان، وإننا على ثقة وإيمان بأن الله عَزَّ وجَلَّ، لن يكف يده عن هذه الأرض المباركة، لا اليوم ولا مستقبلاًquot;.