ضيقت نيران سوريا عليهم سبل الحياة، وضاقت بهم الأرض في لبنان، فما وجدوا ملجأ إلا مرآبا للسيارات في صيدا، يسألون متى يعودون إلى الحياة.


لندن: حوّل الموت سطح الأرض في سوريا إلى جحيم فعلي، يهرب منها السوريون بعائلاتهم وأطفالهم، لعلّهم يتجاوزون هذه المرحلة السوداء من حياتهم، فيختبئون في ملاجئ تحت الأرض في لبنان، في مرآب للسيارات صار منزلًا آمنًا لأكثر من ألفي لاجئ سوري، من دون أن يتمتع ولو بالحد الأدنى من شروط المنزل اللائق بطفولة، سرقوا منها حلمها، وحولوا واقعها إلى مزيج من القهر والعذاب واليأس.

مرآب ملجأ

في لبنان، وتحديدًا في صيدا، لم تعد الظروف المزرية عائقًا امام الحياة، بالنسبة إلى من حرموا الحياة نفسها. ففي مشهد قد لا يقل قسوة عن مشاهد القتل السوري، لجأ نحو ألفين من السوريين إلى ما تحت الأرض، إلى مرآب في صيدا الجنوبية اللبنانية، ليحضن أملًا في عيون من فقدوا الماضي، وعذبهم الحاضر.

الظروف مزرية فعلًا في هذا المرآب-الملجأ، على الرغم مما تقدمه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي نشرت مقطع الفيديو، من مساعدات لتساعد هؤلاء على تجاوز محنتهم. لكن الحاجة تكبر يومًا بعد يوم، وتزيد وطأة المأساة مع وصول لاجئين إضافيين كل يوم إلى هذا الملجأ، ليتحول ملتقى للمعذبين السوريين في الأرض.

متى؟

يضحك الأطفال هنا، لكن ضحكهم مكتوم، ففي عيونهم ألف تساؤل عن مدرسة غادروها ولن يعودوا إليها في المستقبل المنظور، وعن بيت كان يأويهم بمتاعهم وأثاثهم، عن أتراب لا يعرفون عنهم شيئًا، عن أقارب يسألون عنهم، ولا جواب، فقد تكون لا حياة لمن ينادون.

ضحكهم مكتوم، وفي قلوبهم كلمة واحدة: quot;متى؟quot;... متى يعودون أولًا إلى فوق الأرض؟ ومتى يعودون ثانيًا إلى وطن أحبوه كثيرًا، وضحوا من أجله كثيرًا، وما أحبهم.

هؤلاء عينة من أكثر من 1.2 مليون سوري لاجئ يئن لبنان بأثقالهم، بعدما وعده الصدقاء المانحون كثيرًا وأخلف معظمهم بالوعود، إلا حملة سعودية وأخرى كويتية تسعيان بجهد لسد رمق اللاجئين، وتمويل تدريسهم في مدارس لبنانية بعد الظهر.