يبدو مشروع السكك الحديدية بين دول مجلس التعاون الخليجي الانجاز الخليجي الأبرز لو تحقق، لأنه يلامس حاجة المواطنين إلى سهولة الانتقال، وسير نقل البضائع بين الدول الخليجية الست.


الكويت: يتناول الاصدار الخمسون من التقارير الاقتصادية، التي تنشرها أسبوعيًا شركة الشال للاستشارات، ثلاثة مشاريع اقتصادية أقرتها قمم مجلس التعاون الخليجي، وهي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة والوحدة النقدية، فيقول إنها لم تحقق شيئًا يذكر، وإن مشروع إنشاء خط السكك الحديدية بين دول المجلس سيكون الإنجاز الوحيد إن تحقق، وهو ما زال في مرحلة الدراسة والتصميم، لأنه يلامس حاجات الشعوب في الانتقال وربما نقل بضائعهم بين الدول الست.

وحذر التقرير من تعرض هذا المشروع لما يتعرض له انتقال البضائع على الحدود البرية والبحرية بين دول المجلس، رغم إقرار اتفاقيتي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة.

القمة الخليجية الأخيرة

انتهى اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الكويت، يومي 10 و11 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، إلى بيان ختامي أشار في محوره الاقتصادي إلى اعتماد المجلس الأعلى عددًا من القواعد الموحدة في مجال تكامل الأسواق المالية، وأحيط علمًا بسير العمل في الاتحاد النقدي، والخطوات التي اتخذتها دول المجلس لتنفيذ مشروع السوق الخليجية المشتركة.

وأشاد المجلس الأعلى بالخطوات التي تم اتخاذها لتنفيذ قراراته بشأن العمل المشترك في المجالات المنصوص عليها في الاتفاقية الاقتصادية، وأكد ضرورة الاستمرار في خطوات التكامل بين دول المجلس في المجالات الاقتصادية كافة، وأعرب عن ارتياحه لما تشهده اقتصادات دول المجلس من نمو مستمر، وما تحقق فيها من تنمية.

وذكر التقرير أن الفقرة السابقة، كلها، لا معنى لها، quot;فالقادة والمراقبون يعرفون أن مشروعاتهم الاقتصادية الثلاثة الرئيسة لم تحقق شيئًا يذكر،( فلا اتحاد جمركي ولا سوق مشتركة ولا وحدة نقدية)، وهي نتائج لا تدعو إلى الارتياح. والفشل في تحقيق الاتفاقات الصغيرة أدى إلى التغطية عليها بالقفز إلى هدف مستحيل، وهو الاتحاد الخليجي، وهددت عُمان بالانسحاب من المجلس لو تم نقاش الموضوع في القمة، وكانت كل من عُمان والإمارات قد انسحبتا من مشروع العملة الموحدة، بعد إقرار الرياض مقرًا للبنك المركزي الخليجيquot;.

الإنجاز الوحيد إن تحقق

بالنسبة إلى المحللين في وحدة البحوث الاقتصادية في الشال، الإنجاز الخليجي الوحيد، إن تحقق، لا يزال في مرحلة الدراسة والتصميم، هو مشروع إنشاء خط للسكك الحديدية بين دول التعاون. وإن تحقق فعلًا فيعني ملامسة حاجات الشعوب في الانتقال وربما نقل بضائعهم بين الدول الست. وإذا تعرض هذا المشروع، متى تم إنجازه، لما يتعرض له انتقال البضائع على الحدود البرية والبحرية، بعد إقرار اتفاقيتي الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، فلن تكون حظوظه أفضل من حظوظ مشروع الوحدة النقدية.

وخلص التقرير إلى القول: quot;أصبحت قمم التعاون الخليجي والقمم العربية غاية بحد ذاتها وليست وسيلة لتحقيق غاية، كما هو حال مؤتمرات العالم الآخر، وأصبحت العناوين التي تطلق عليها والبيانات الختامية التي تعد لها، سلفًا، من دون علاقة بما سبقها أو إنجاز لاحق لما ورد فيها، هي مخرجات هذه القمم كلهاquot;. وأضاف: quot;ما لم تهتم هذه المؤتمرات بالتحديات المحيطة بالمنطقة، والتحديات داخلها، عندما يغيب دعم الغير ودعم أسعار النفط لها، فهي لا تساوي تلك التكاليف الضخمة التي تصرف عليها، والمضايقات الأمنية والمرورية التي تصاحب فترات انعقادهاquot;.

الأمن الغذائي الخليجي

تناول تقرير الشال موضوع الأمن الغذائي الخليجي، فقال إن مركز أبحاث تشاثام هاوس البريطاني أصدر تقريرًا في هذا الشأن شخّص فيه مصادر السلع الغذائية الأساسية في المنطقة وأجرى تقييمًا لمدى استقرارها وقدرة المنطقة على توفير كمية كافية من السلع الغذائية منها في الوقت المناسب، وهو المقصود بـ quot;الأمن الغذائيquot;.

ويشير تقرير تشاثام هاوس إلى أن دول مجلس التعاون تستورد نحو 80% إلى 90% من سلعها الغذائية، وهي نسبة كبيرة، وسبب ارتفاعها عدم مناسبة الظروف المناخية للزراعة، إذ تتعرض نحو 95% من الأراضي للتصحر، وهناك على الأقل 3 مخاطر لهذا الواقع، هي المخاطر الأمنية والسياسية في مسار نقل السلع الغذائية، ومخاطر الارتهان للدول المصدرة وظروفها الاقتصادية والسياسية، ومخاطر تقلب أسعار السلع الغذائية في السوق العالمية.

مخاطر بالجملة

في مخاطر النقل، إن 81% من واردات دول مجلس التعاون من السلع الغذائية تمر عبر قناة السويس، ونحو 39% منها تعبر مضيق باب المندب للوصول الى خليج عدن وبحر العرب، بينما تأتي نحو 35% منها عبر مضيق هرمز إلى موانئ الخليج العربي. أي توتر إقليمي أو داخلي في الدول القريبة من هذه المضائق يؤثر على الملاحة فيها، علمًا أن الاتفاق النووي الإيراني - الدولي الأخير يقلل من تلك المخاطر.

أما خطر الارتهان للظروف الاقتصادية والسياسية في الدول المصدرة للسلع الغذائية، فيشمل لجوء بعضها لوقف تصديرها للسلع الغذائية عندما تحتاجها محليًا، إضافة إلى أن سياسة تملّـك دول مجلس التعاون أراضي زراعية شاسعة في دول أخرى تتركز في مناطق متوترة سياسيًا، كالسودان مثلًا.

والسبب وراء هذا الاهتمام بتملّك الأراضي الزراعية، بدلًا من مجرد استيراد السلع الغذائية النهائية، متعلق بتقلب الأسعار في السوق العالمية، quot;بل أن تقارير برزت عن اضطراب خطوط الإمداد الغذائي إلى قطر، وهنا توجد إيجابية، كثيرًا ما تُغفل لبرامج دعم السلع الغذائية وتحديد الأسعار، فهي تخفف من أثر تقلب الأسعار العالمية على المستهلكين المحليين وعلى الاقتصاد المحلي ككلquot;.

لتنويع المصادر

أما التوصيات التي تُقدم من أجل تعزيز الأمن الغذائي فتتركز على تنويع مصادر استيراد السلع الغذائية، والطرق التي تسلكها. التنويع الأهم يكمن في مصادر الدخل، بعيدًا عن النفط، لأن الاضطرابات في الدول المصدرة للسلع الغذائية والدول القائمة على مسارات شحنها ستؤثر على كثير من الدول غير الخليجية، ما قد يشكل ضغطًا عالميًا لمعالجة تلك الاضطرابات سريعًا.

أما مشاكل الاعتماد على النفط فمتمركزة في دول مجلس التعاون، والتي قد لا تجد من يسعى لإنقاذها في حال شحت الإيرادات. ولعل أخطر أوهام دول الخليج هو أنها تستطيع أن توفر أمنها الغذائي من إنتاجها المحلي، بما يعنيه من سلب أرضها عنصر الحياة بهدرها لمياه نادرة أو مكلفة جدًا، والمياه هي أساس أمنها.