كل يوم، تظهر شهادة جديدة لضحية تعرّضت للاغتصاب الجماعي في أحد أزقة التحرير الجانبية، وتعرف تفاصيل أخرى، تقشعر لها الأبدان، كتعرّض أمّ في الستين لاغتصاب جماعي مع ابنتيها.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تتواصل أصداء قضية الاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير، التي وقعت يومي 25 و26 كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي فجّرتها quot;إيلافquot; خلال الأسبوع الماضي.

وروت ناشطة حقوقية وقائع جديدة في تلك الفضيحة، مشيرة إلى أن الرجال المتطوعين لإنقاذ النساء من الاغتصاب الجماعي في الميدان يتعرّضون أيضًا لاعتداءات جنسية. كما كشفت عن تعرّض سيدة تبلغ من العمر 60 عامًا لما قالت إنها عملية اغتصاب جماعي في الميدان.

اغتصاب في المليونيات
قالت سلمى الطرزي، عضو حركة قوة ضد التحرّش والاعتداء الجنسي، إن الحركة استطاعت توثيق 19 حالة اعتداء جنسي جماعي بحق نساء في ميدان التحرير يوم 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، أثناء إحياء الذكرى الثانية للثورة، مشيرة إلى أن ست حالات منها احتاجت تدخلًا طبيًا عاجلًا، وترقد في المستشفيات.

أضافت الطرزي: quot;تمكنت الحركة من توثيق ثلاث حالات الجمعة 1 شباط (فبراير) الجاري، في ميدان التحرير، وغالبية حالات الاعتداءات الجنسية تقع أثناء المليونيات، بسبب الزحام الشديد، والتوثيق يتم عبر الضحية نفسها، أو عبر متطوع في الحركة ممن يحاولون إنقاذ الضحيةquot;.

أم في الستين.. ورجال
ثمة حالات صعبة جدًا وثَّقتها الحركة. قالت الطرزي: quot;إضافة إلى حالة الفتاة التي تعرّضت للطعن في منطقة العفة، والأخرى التي تعرّضت لاستئصال الرحم، هناك سيدة تبلغ 60 عامًا، تعرّضت لاغتصاب جماعي مع ابنتيها في ميدان التحرير، وتم تجريدهن من ملابسهن، وهي كانت ترتدي خمارًا، ولم تكن متبرّجة، لا هي ولا ابنتاهاquot;.

حول طبيعة الاغتصاب الجماعي الذي تعرّضن له، أوضحت الطرزي أن القانون المصري يحدد الاغتصاب بأنه إيلاج العضو الذكري للرجل في فرج المرأة، مشيرة إلى أن هذا التوصيف لا يتماشى مع التوصيف الدولي، الذي وضعته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

ولفتت إلى أن عمليات الاغتصاب التي تقع في ميدان التحرير تتم باستخدام آلات حادة أو الأصابع، بعد تجريد الضحية من ملابسها كاملة، إما عن طريق فتحة المهبل أو فتحة الشرج.

وكشفت الطرزي كذلك عن تعرّض العديد من الشباب والرجال لاعتداءات جنسية مماثلة أثناء محاولة إنقاذ الضحية، مشيرة إلى أن هناك العديد من الشهادات الموثقة لمتطوعين تعرّضوا لاغتصاب جماعي، بسبب الدفاع عن الضحية أو عقب إنقاذها. ونبّهت إلى أنها شخصيًا تعرّضت لاعتداءات جنسية أثناء إنقاذها بعض الضحايا.

في أطراف الميدان
أضافت الطرزي أن عمليات التحرّش أو الاغتصاب الجماعي بدأت في مصر بشكل ممنهج على أيدي رجال النظام السابق. ففي العام 2005، تعرّضت إحدى الناشطات لعمليات تحرّش جماعي من قبل بلطجية تابعين للنظام، في تظاهرة ضد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي أجراها الرئيس السابق حسني مبارك، لضمان توريث الحكم لنجله جمال.

ولفتت إلى أن عمليات التحرّش اتخذت طابعًا عنيفًا بعد الثورة، ثم تحوّلت إلى عمليات اغتصاب جماعي مع الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، مع اتخاذها طابعًا انتقاميًا، موضحة أن الضحايا يتعرّضن للطعن بالسكين في أماكن متفرقة من الجسد، أو إدخال آلات حادة أو قطع خشبية في أعضائهن التناسلية.

وأشارت إلى أن الاعتداءات الجنسية تحصل في أطراف ميدان التحرير، ومحيط مسجد عمر مكرم، وميدان سيمون بوليفار، ومحيط فندق شبرد، وكورنيش النيل، والحديقة القريبة من الميدان عند كوبري قصر النيل.

شهادة متطوعة
نشرت صفحة الحركة على فايسبوك شهادة إحدى المتطوعات اللواتي تعرّضن لاعتداء جنسي في ميدان التحرير. قالت في شهادتها: quot;انضممت إلى مجموعة قوة ضد التحرّش أيام أحداث الاغتصاب الجماعي التي حصلت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، وكنت فاكرة نفسي فاهمة ومستوعبة جدًا تفاصيل الاغتصاب الجماعي الممنهج الذي يحصل في التحرير، وأنني على الأقل مهيأة ذهنيًا ولازم أتصرّف بهدوء وحكمة، بس الموضوع كان غير كده تمامًاquot;.

أضافت: quot;في 25 يناير 2013، وصلت غرفة العمليات اللي بنحضر فيها شنط الإسعافات، وبنستقبل فيها المكالمات، لقينا المكالمات بتطلب مننا التدخل بسرعة عند مجمع التحرير عشان في حالة هناك. نزلنا أنا ومتطوعين اتنين (ولد وبنت) بنجري بشنطة الإنقاذ اللي فيها ملابس، عشان أول حاجة بيعملوها إنهم يقطعوا هدوم البنت، واسعافات اولية.

وليمة جماعية
تابعت المتطوعة: quot;وصلنا ملقناش حاجة، جالنا خبر تاني إننا نروح عند هارديز عشان في حالة تحرّش بتحصل هناك، جرينا ووصلنا لتجمع كبير وصراخ عند الناصية، وأعداد مهولة مزنوقة على الرصيف، فهمت إن البنت أكيد بين الجموع دي بس مشفتهاش، حاولت أنا والبنت اللي معايا الوصول ليها، لكن فوجئت برجالة بتصرخ وتقول لنا هتتبهدلوا، ومش هتطلعوا من هنا إمشوا برة، ومن قبل ما استوعب التهديدات لقيت مجموعة بتزنقنا وفي ظهرنا عربية فول، مكنتش فاهمة ازاي أن في لا يقل عن خمس إيدين بتمسكني من صدري وبتحشر ايديها في سُستة البنطلون، وعشرات الرجال بتتدافع للوصول لينا. وكنت لسه متخيلة أن رد فعلي وصراخي (بس يا حيوان) هيفرق في حاجةquot;.

وواصلت السرد قائلة: quot;كنت مضغوطة، انا وصاحبتي بين الناس وعربية الفول، مسكت فيها جامد جدًا، وانا حاسة بكل الأيادي بتفعص في كل حتة في جسمي، وبعد كدا محستش غير وهم بيزقونا، وفي وسط كميات رهيبة وتدافع رهيب بنتحرك بعيد عن عربية الفول اللي كانت حامية ظهرنا، وفجأة بقينا في نص الشارع، والايدين بقيت اكتر بكتير، بيمسكوني من كل حتة في جسمي واصابعهم يضعونها في مؤخرتي وفي سُستة بنطلوني بمنتهى العنف والوحشيةquot;.

سيبوها يا ولاد الوسخة
أضافت: quot;فجأة، شعرت بشيء مدبب وخفت جدًا، لقيت واحد بحاجة صغيرة مدببة بيحاول يدخلها في بنطلوني. كنت بصرخ ومخنوقة جدًا وبعيّط، ومش عارفة اعمل أي حاجة، فضلت اصرخ بهيستريا (حرام عليكم حرام عليكم) لفترة طويلة جدًا، مش عارفة ليه، ما كنتش شايفة صاحبتي خالص. كانوا بيشدوا الكوفية حوالين رقبتي، وبيخنقوني وبيجرّوني منها، انا مخنوقة ومش عارفة اتنفس، نسيت كل النصائح اللي اتعلمتها في المجموعة. نسيت اني لازم ابقى هادية، وأن صراخي بيجذبهم اكتر. كل ما صرخت اعتدوا عليا بوحشية اكترquot;.

تابعت: quot;شفت بعيني شخص انا فاكرة شكله، اقل من عشرين سنة، وقصير، وفي منتهى الوحشية، بيقطع البلوفر بتاعي، وقطع ملابسي الداخلية، وقلعهالي، وفضل يمسك صدري، وفي نفس الوقت ناس بتنتهك جسمي من كل حتة، كنت قرفانة وتعبانة جدًا، حسيت اني بيغمى عليا، كنت خايفة جدًا اني اقع على الأرضquot;.

بكثير من الحزن، تواصل روايتها: quot;فجأة بطلت أصرخ، كنت مش عارفة اتنفس ودايخة، وكنت خايفة اني أقع واموت. انا فعلًا كنت حاسة أن الموت مش بعيد تمامًا عني. التدافع والزحمة كانت لا تصدق، وفضلت اقول للولد اللي ماسكني من صدري اني بموت وفضلت احاول اقنعه اني هاموت، واني مش عارفة اتنفس. في وسط كل التدافع دا والبلوفر وصل لرقبتي، وبقيت عارية الصدر تمامًا، وكل اللي حوليا بيمسكوني من صدري، وواحد بيحاول يفك حزام بنطلوني، ويشد بنطلوني بعيد عن جسمي عشان يبقى في مكان لواحد تاني يدخل ايده. دخل ايديه جوه بنطلوني، وقعد بصوابعه يخربشني، ومسك فيا بكل قوة وحضني، وقعد يصرخ (سيبوها يا ولاد الوسخة سيبوها)، وهو بيصرخ بيدخل صوابعه كلها جوا بنطلوني وكتير بيمسكوني من صدريquot;.

لن نسكت
لكن جاءها الفرج، تقول: quot;معرفش فات وقت قد ايه، وتدافعنا ازاي، لحد ما وصلنا الحيطة اللي جنب بيتزا هت في ميدان التحرير، وراجل قعد يضرب كل اللي حوالينا، ويقول حرام عليكو هتموت حالًا. فجأة لقيت نار مولعة قدامي من سبراي، والجموع كلها بتتفرّق زي الحشرات. فضلوا المتحرشين لازقين فينا مكملين اعتداء. وهنا شفت صاحبتي جنبي تاني، وأقذر المخلوقات ماسكنني من كل حتة في جسمي. كان بيصرخ، وكأنه يدافع عني، وهو في الحقيقة ايديه جوة بنطلوني. يصرخ سيبوها سيبوها، كان كل تركيزي انه ميفكش حزامي، وفي نفس الوقت كان في اتنين في منتهى الهدوء واقفين جنبي يضعون اصابعهم ويمسكون بمؤخرتي.
ولعوا نار اكتر و فجأة بقى في ممر اننا نجري ندخل بيتزا هت. الناس زقتنا لجوا، وحاول باقي المتحرشين الدخول والهجوم على الناس اللي واقفة برا، وكانوا بيصرخوا ويرزعوا على الباب. قفلوا الباب بالحديد تمامًا وادوني بلوفر وصاحبتي دماغها كانت كلها دمquot;.

وأنهت شهادتها بالقول: quot;محاولة إرهابنا مش هتنفع، احنا غضبنا وإصرارنا بيتضاعف. أنا فعلًا آسفة لكل بنت عدت بأي حادثة شبيهة، وحياتكم ما هنسكتquot;.