يتطلع الشيوعيون العراقيون إلى الحصول على مقاعد في انتخابات مجالس المحافظات، التي ستجري في العشرين من الشهر الحالي، من خلال التحالف مع قوى أخرى، مؤكدين أن برنامجهم الانتخابي يسعى إلى بناء دولة مدنية للتخلص من المحاصصة المقيتة، وتحقيق شعارهم التاريخي quot;وطن حر وشعب سعيدquot;.


عبد الجبار العتابي من بغداد: يواصل الحزب الشيوعي العراقي وأنصاره وأصدقاؤه، منذ أيام، الاحتفالات في ذكرى تأسيسه التاسعة والسبعين، وقد غلب عليهم اللون الأحمر، ابتداء من الورود الحمر، وانتهاء بالملابس وربطات العنق، التي يرتدونها، فضلًا عن اللافتات، التي كان اللون الأحمر هو القاسم المشترك فيها، يحدوهم الأمل في أن يكون للحزب حضور فعال في الدولة العراقية.
وأكدوا أنّ ما يهمّهم هو أن يشددوا على مواصلة النضال من أجل التخلص من تركة الاحتلال ومخلفات الدكتاتورية ومنع عودتها تحت أي غطاء ومبرر. ويأتي خوض الحزب لهذه الانتخابات، وهو لايملك أي مقعد في مجلس النواب الحالي، حيث خسر السباق الانتخابي الأخير، الذي جرى في مطلع عام 2010، بسبب ما يقول إنه قانون الانتخابات السابق، الذي كان يوزّع الأصوات الأقل على القوى الكبرى الفائزة.

نتائج انتخابية أفضل
وقد أعرب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى لـ quot;إيلافquot; عن تطلع الحزب إلى دولة مدنية، لا تميّز بين العراقيين. وقال: نتطلع إلىالعيش في دولة مدنية عصرية، تحترم كرامة الإنسان وحقوقه، دولة لا تميّز بين عراقي وآخر بسب انتمائه السياسي أو القومي أو الديني، ولا يتحقق بناء هذه الدولة إلا بتضافر جهود وطاقات كل القوى المدنية والديمقراطية والشعبية من أجل تشكيل تيار ديمقراطي متماسك وموحد.

وأضاف: أعتقد أن حظ الحزب الشيوعي في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة سيكون واعدًا، ونحن نأمل ونعمل من أجل أن تكون مكاسب الحزب جيدة، وقد ائتلفنا مع قوى ديمقراطية، بقائمة وتحالف ديمقراطي واسع، يرفع مشروعًا وطنيًا ديمقراطيًا لحلّ أزمة البلد، لاسيما بعدما حكمت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة 13 من قانون مجالس المحافظات، والمتعلقة بآلية شغل المقاعد الشاغرة، والقاضية بتوزيع المقاعد الشاغرة والأصوات على البقية الأقوى، ولهذا نحن متفائلون بأن عجز القوى المتنفذة عن الوفاء بوعودها وعن تنفيذ برامجها، وما جاءت به من أزمات متعددة ومتتالية، سيكون إضافة إلى بلدنا النزيه الديمقراطي الواعي، وعونًا لنا في حصول قائمتنا على نتائج انتخابية أفضل من السابق.

مغادرة نظام المحاصصة
ورأى quot;الرفيقquot; فرحان قاسم، المرشح الأول للحزب في الانتخابات، في حديث مع quot;إيلافquot; أن مهمة الحزب رفع درجة الوعي عند المواطن العراقي. وقال: نتطلع إلى التخلص من الكارثة التي حلت بالعراق، وسببت الفوضى الضاربة في كل أطنابه، وهي المحاصصة الطائفية، نحن كلنا أمل بأن يعي الشعب العراقي بأن ما يراه من فوضى ضاربة ومن مأساة واغتيالات وتقاطعات ومن تخلف اقتصادي مرجعه الأساس إلى المحاصصة الطائفية والإثنية والمحاصصات بكل أنواعها، ولذلك فالحزب الشيوعي على رأس القوى التي تكافح من أجل إلغاء وإنهاء ومغادرة النظام المحاصصي الطائفي.

وأضاف: نحن لدينا أمل في عملنا، ونحن نخوض غمار المعركة، لدينا ثقة بأننا سنخرج منها منتصرين في كل الأحوال، سواء فزنا بمقاعد في الانتخابات أم لم نفز، لأننا نقوم الآن بعملية تنوير وإنهاض الوعي في الشارع العراقي، بحيث يدرك المواطن العراقي أن صوته له أهمية كبيرة في رسم ملامح المستقبل العراقي.

وتابع: نحن نراهن على قواعدنا الشعبية، بعدما تم تصحيح قانون مجالس المحافظات، ولن تذهب أصواتنا إلى الأقوى، ثم نراهن على وعي الشارع العراقي، الذي أصبحت الرؤية لديه واضحة بعد طوفان الفساد الذي أغرق البلد، وأصبح للأحزاب العلمانية نصيب أوفر في الحصول على مقاعد، سواء في انتخابات مجالس المحافظات هذه أو البرلمانية المقبلة خلال العام المقبل.

وعن خطط الحزب الانتخابية، قال فرحان: وضعنا لقائمتنا الانتخابية شعار (التغيير بأيديكم)، لأن المواطن العراقي هو أداة التغيير الوحيدة، ويمكنه أن يتحمّل المسؤولية الأولى في التغيير، من خلال المشاركة في الانتخابات، واختيار المرشح الأفضل من أجل الوصول إلى مجلس المحافظة، ووعدنا المواطن بأن يكون هدفنا (أمن راسخ.. خدمات أفضل.. فرص عمل أكثر)، لأننا لدينا رغبة مخلصة تدفعنا إلى بذل أقصى الجهود والطاقات لتحقيق الاستخدام الأمثل للطاقات البشرية والثروات الطبيعية والاقتصادية الكبيرة المتوافرة للتطوير.

وأضاف quot;كذلك نعمل على توفير الخدمات الأساسية لأهالي مدينة بغداد، حيث تضع قائمتنا في مقدمة أهدافها إعادة مدينة بغداد إلى مجدها، وأن تستعيد مكانتها كحاضرة تاريخ وثقافة ومصدر إشعاع، كما إن منأهم محاور برامج القائمة وخطط عملها هو مكافحة الفقر والقضاء على مظاهر الحرمان والإهمال والتهميش، التي تعانيها مناطق وأحياء عديدة في بغداد وضواحيها، والسعي إلى خلق فرص عمل وامتصاص البطالة، وبشكل خاص في أوساط النساء والشباب، وستعمل قائمتنا على تعزيز الجهود الرامية إلى ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية إلى عاصمتنا، وأن يكون السلاح بيد الدولة حصراً.

وتابع: لقد خسر الحزب في الانتخابات الماضية بسبب التعديل غير الدستوري على قانون الانتخابات، واحتساب الأصوات للفائز الأكبر، وتعدد الدوائر الانتخابية... كل هذه العوامل وقفت ضد الحزب الشيوعي العراقي.

المواطن فهم اللعبة
من جانبه أكد quot;الرفيقquot; آشار ستار الناصر إلى أنه سبق للحزب الشيوعي أن حصل في أول انتخابات برلمانية على مقعدين تبوأهما الرفيقان مجيد حميد موسى ومفيد الجزائري، وفي الانتخابات الأخيرة صيّرت السلطة منفذًا آخر، وهو غير قانوني، بأن تجمع الأصوات، وتعطى إلى الرابح الأول، وهذا ما جعل أصوات الشيوعيين وأصدقائهم، الذين انتخبوهم، تذهب إلى جهة أخرى، وقد رفع الحزب الشيوعي، مع شخصيات أخرى، دعوى قضائية، كسبها، بحفظ الأصوات للقائمة نفسها، وإذا لم تفز القائمة فلا تمنح الأصوات إلى أحد.

وأضاف إن ما يصيب الحزب الشيوعي هو ما يصيب بقية الأحزاب العلمانية، فالتأثيرات الدينية فيها جانب إيجابي وآخر سلبي، الإيجابي هو المشاركة في العملية السياسية، والسلبي شروعها في بعض الأشياء التي خلقت فجوات بينها وبين المواطن. وأنا أعتقد أن المواطن فهم اللعبة، وأن الذين حكموا طيلة عشر سنوات مضت لم يقدموا شيئًا بحجم المبالغ التي صرفت، لا على صعيد الخدمات، ولا على صعيد البنية التحية للبلاد.

محاربة التخلف
أما quot;الرفيقةquot; نقية إسكندر فقد أكدت على أن أهداف الحزب الآن هي محاربة التخلف. وقالت: نحن كتيار ديمقراطي وائتلاف وطني تطلعاتنا هي نبذ الطائفية والمحاصصة، وهذا التخلف الذي أصاب العراق، وهذا التدهور، وهذه الأموال الضائعة في بطون الفاسدين.

وأضافت: بالتأكيد إن الحزب الشيوعي عانى كثيرًا خلال الدورات الانتخابية السابقة، لأن الإسلاميين والعشائريين عملوا على استقطاب المواطن العراقي، من خلال إخافته بالطائفية ومشاكلها، وجعلوه يلجأ إلى الدين أو العشيرة كمنقذ له من العلمانيين، الذين يصفهم البعض بالكفرة.

وتابعت: الشعب العراقي بدأ يتغير نحو الأفضل من ناحية الابتعاد عن الطائفية والعشائرية، ولكنه بلا حول ولا قوة، لأن هؤلاء السياسيين في السلطة يثقفون الناس تثقيفًا دينيًا وعشائريًا، للتمسك بهذا التوجه، لكنني أصرّ وأقول إن الوعي ما زال قليلًا، والقوى التي في السلطة هي تريد هذا، لذلك العراق بحاجة إلى قوى تقدمية أكثر تجتاح هؤلاء الناس، لأن الناس إلى حد الآن عندما تسألهم: ستنتخب من؟، يقولون: لا أعرف، لأنه لا مجال للقوى التقدمية كي تكون موجودة، هم حجّموها وحاربوها، لكونهم أصحاب سلطة ومال، ولو نظرت إلى دعاياتهم الانتخابية، لوجدتها أكثر بكثير من دعايات القوى التقدمية، التي لا تمتلك الإمكانية التي يمتلكها أصحاب السلطة، لذلك ترى أن الشعب لا يرى إلا هذه الدعايات، ولا يعرف شيئًا عن القوى التقدمية، لذا هو يحتاج أحدًا ينهض به ويأخذ بيده، لكي يكون واعيًا بما يحدث حوله.

طيبون ومفلسون
إلى ذلك قال محمود الموسى، الذي وصف نفسه بصديق الشيوعيين، إن الحزب الشيوعي سيبقى خارج المنافسة الانتخابية، لأنه ذهب ضحية التخندق المخجل للمؤسسة الدينية مع البعثيين، لتشويه صورة وسمعة الشيوعية، منتهزين الأمية المجتمعية، إضافة إلى أن قيادات الحزب تتحمّل مسؤولية كبيرة عن أخطائها التاريخية الجسيمة، إلى جانب كسلها وعدم الاستفادة من فضاء الديمقراطية بعد 2003. فالشيوعيون دائمًا هم الخاسرون.. لأنهم طيبون ومفلسون، لا يجيدون ألاعيب السياسة وقذاراتها، وللأسف لا يستفيدون من أخطاء الماضي، فهم سرعان ما يتصالحون مع جلاديهم.

وأشار إلى أن الحزب قد تضرر خلال السنوات العشر الماضية بسبب التشويه الذي مارسه ضده الكثير من الأحزاب الدينية والسلطوية، التي تعرف أنه حزب الفقراء والمثقفين، ولكن الشعب بدأ يعي من هم الفاسدون ومن هم غير الفاسدين، لذلك أرى أن الفرصة سانحة للشيوعيين بأن يحققوا شيئًا، لاسيما أن الحزب دعا جمهوره إلى التصويت لشخص الرفيق فرحان قاسم أولًا، وإذا ما تحقق هذا الفوز سيتحقق غيره.

الانحياز إلى الوطن
من جانبه قال quot;الرفيقquot; فاروق بابان: نتطلع كشيوعيين إلى بناء دولة ديمقراطية مدنية، تتجاوز المحاصصة الطائفية، وإلى إعلاء شأن المواطنة وعدم الانحياز إلى الطائفة والحزبية الضيقة، بقدر ما نناضل من أجل الانحياز إلى الوطن وبناء دولة المواطن.
وأضاف: رغم كل ما مر علينا من غبن وظلم وتعسف، إلا أننا لم نيأس، ظلمنا قانون الانتخاب، وظلمتنا الأحزاب الدينية حين قررت أن تفرّق الناس بين هذا (سني) وذاك (شيعي)، وكذلك باستخدام الرموز الدينية وفتاواها، ونحن نعرف زيف ما أشاعه البعض حول الشيوعيين وعلاقتهم بالدين والتدين، وبعدما تكشفت الأمور وظهر الفساد أعتقد أننا سنكون في حال أفضل.

النزاهة.. أولًا
وأشار quot;الرفيقquot; سعد الموسوي إلى أن حظ الحزب لم يكن جيدًا خلال الدورات الانتخابية السابقة لأسباب أصبحت معروفة، منها سوء القانون الانتخابي، فضلًا عن أن تلك الانتخابات جرت في وقت عصيب من ناحية المشاكل الطائفية والقومية، وفي مثل هذه الظروف يلجأ الإنسان إلى طائفته أو قبيلته، وليس الحزب الشيوعي فقط من ذاق هذه المرارة، بل جميع الأحزاب العلمانية، لذلك فازت الأحزاب الدينية في النهاية.

وأضاف: إن الانتخابات المقبلة فرصة مناسبة للتثقيف، وهناك برنامج سياسي طرحه الحزب، وهذا البرنامج يجب أن يفغّل من خلال التحرك بين الجماهير، وقد لاحظنا خلال السنوات الأربع الماضية، الفشل الكبير في مجالات كثيرة، خاصة في المجال الخدمي، الذي تعتمده انتخابات مجالس المحافظات، لذلك نحن نتطلع إلى منطلق أساسي، وهو ما كان خرابًا يجب أن يكون بناء، فهناك معادلة في الخطاب وفي القرار الذي يطرحه الحزب، إننا نريد من الناس أن تنتخب الأكفأ، وبالأساس النزيه، ففي بلدان أخرى ينظرون إلى الكفاءة بالدرجة الأولى، ولكننا ننظر إلى مسألة النزاهة بالأساس، لأن المال العام سرق أمام عيون الناس، إضافة إلى ما نلاحظه من فساد مالي وإداري كبير، ونحن نتطلع إلى بناء العراق، وهذا هو منطلقنا الأول.