اليوم الخميس 25 نيسان (أبريل)، يحتفل المصريون بالذكرى 31 لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، لكن يبدو أن عليهم تحريرها ثانية من الجماعات الإسلامية المتشددة التي تسيطر عليها، بغياب الدولة.


القاهرة: جاءت سيطرة الجماعات المسلحة على سيناء، بسبب انشغال الإخوان والمعارضة بالصراع على السلطة، فلا صوت يعلو فوق صوت جماعة التكفير والهجرة، التي أقامت محاكم شرعية في المدينة، ونشرت ميليشياتها في كل مكان، من أجل ضبط الأمن والسيطرة على الأوضاع.
وامتدت سيطرة الجماعات الإسلامية على مدينة بورسعيد أيضاً، وأعلن الشيخ محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، إنشاء محاكم شرعية في المدينة، لتكون بديلاً للمحاكم التابعة للدولة، في محاولة لتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر كلها.
وقال مصدر أمني في مدينة العريش، إن الجماعات الجهادية في سيناء تمتلك من القوة المسلحة الكثير، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن الشرطة وحدها لا يمكنها التصدي لها، مشيراً إلى أن تسليح الجماعات المتشددة في سيناء أكبر وأحدث، ولفت إلى أنها تمتلك صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، وأر بي جي، والجرينوف، والأسلحة الآلية متعددة الطلقات، منبهاً إلى أن الشرطة لا تمتلك هذا التسليح الحديث، وشدد على ضرورة أن تتم إعادة النظر في تسليح قوات الشرطة العاملة في سيناء.
وفي ما يخص الجناة في جريمة قتل 16 جندياً من القوات المسلحة، قالت المصادر إن بعضاً منهم من الجماعات الجهادية، وموجودون في سيناء، ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، ولفت إلى أن هناك صعوبة في تعقبهم في الجبال، فضلاً عن أن ثمة تعليمات عليا من الرئيس محمد مرسي شخصياً، بضرورة إلقاء القبض عليهم أحياء، وعدم إراقة دمائهم، وأشار إلى أن ذلك المطلب شبه مستحيل، لاسيما في ظل التفوق في التسليح الذي تحظى به تلك الجماعات.
الأحوال في مدينة العريش، ليست أفضل حالاً من مدينتي رفح والشيخ زويد، وقال شاهد عيان، من أهالي المدينة، لـquot;إيلافquot;، رفض ذكر اسمه، خشية انتقام الجماعات الجهادية، إن مدينة العريش تقع تحت سيطرتهم أيضاً، وأضاف أن استعراض القوة يتم من وقت لآخر، بهدف إرهاب الشرطة والقوات العاملة هناك. وأوضح أن المدن والقرى في شمال سيناء، لاسيما المتاخمة للحدود مع إسرائيل أو غزة، تحظى بإنتشار واسع من قبل الجماعات السلفية الجهادية.
ولفت إلى أنها تعمل على فرض قوانينها الخاصة على الأهالي، موضحاً أن هناك لجاناً أو ميليشيات أنشأتها تلك الجماعات بغرض ضبط الأمن، وتنتشر في الشوارع في مدن رفح والشيخ زويد وبعض مناطق العريش نفسها.
وأشار إلى أن تلك الجماعات أنشأت محاكم شرعية خاصة بها في تلك المدن، وضرب مثالاً على ذلك، بالقول إن لصاً اعتدى على إمرأة بماء النار، وسرق حقيبتها، وإستطاع الأهالي تعقبه، وأوسعوه ضرباً، وعندما حضرت الشرطة للقبض عليه، وتخليصه من بين أيديهم، رفض الأهالي تسليمه إليها. وأضاف أن مجموعة من أعضاء جماعة التكفير والهجرة، الذين يطلقون على أنفسهم جماعة التوحيد والجهاد، حضرت الى مكان الجريمة، وتسلمت الجاني من الأهالي. ولفت إلى أنهم علموا في ما بعد بأن الجماعة حكمت عليه بالإعدام، بعد إجراء محاكمة قضائية له أمام محكمة شرعية مكونة من مجموعة من شيوخهم. وضرب مثالاً بواقعة أخرى، تتمثل في قتل أحد الفلسطينيين زميلاً له، مشيراً إلى أن الجماعة إستطاعت القبض عليه، وتنفيذ حكم القصاص بحقه.
تباشر الجماعات عملاً يشبه إلى حد كبير عمل جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السائدة في المملكة العربية السعودية، وأوضح أن هناك مجموعات تسير في الشوارع، وتطلق الرصاص على أقدام أية سيدة يرونها تسير مرتدية بنطلوناً، وتحرق أكشاك السجائر، منبهاً إلى أن بعض الأهالي إستطاعوا توثيق هذه الأفعال عبر مقاطع فيديو منشورة على شبكة الإنترنت. وأشار إلى أنهم يغلقون محلات الملابس النسائية الداخلية، quot;اللانجيريquot;، ويحرقونها في حالة رفض أصحابها إغلاقها، ويتعقبون أية شاب وفتاة يجلسان معاً، منبهاً إلى أن الجامعة الموجودة بالمدينة لم تعد مزدحمة كما كانت في السابق، وتعاني من ندرة الطلاب، لاسيما أن تلك الجماعات نبهت على إدارتها بمنع الإختلاط بين الطلاب.
بعد أن صارت مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء إمارة إسلامية، بسبب سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة عليها، تحولت بورسعيد إلى إمارة إسلامية أيضاً. وقررت بعض الجماعات الإسلامية هناك إنشاء محاكم شرعية، لفض المنازعات وحل المشاكل بين أهل المدينة.
وأعلن الشيخ سعيد أبو عبده، إمام مسجد فقوسة ببورسعيد، عن إنشاء أول محكمة شرعية بالمدينة، للفصل بين المتنازعين وفقاً للشريعة الإسلامية، وبعيداً عن القوانين الوضعية، وقال أبو عبده لـquot;إيلافquot; إنه سيتم إختيار القضاة من القضاة السابقين وعلماء الإسلام ممن لديهم دراية بالأحكام الشرعية.
وأضاف أن الإختيار سيكون بناء على شهادة من أهل المدينة بحق القاضي، وبناء على حسن سيره وسلوكه خلال خدمته في السلك القضائي. وأشار إلى أن الشيخ محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري يبارك تلك الخطوة، ويعتبرها النواة الأولى لإقامة شرع الله في مصر، وتطبيق الشريعة الإسلامية شعبياً، وليس عن طريق السلطة، إعمالاً للقول القائل: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم على أرضكم.
ومن جانبه، قال أيمن فايد المستشار الإعلامي لزعيم تنظيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، إن الجماعات المسلحة تنتشر في سيناء بشكل واضح، مشيراً إلى أنها جميعاً لا تنتمي إلى القاعدة تنظيمياً، ولكنها تنتمي إليها فكرياً. وأضاف لـquot;إيلافquot; أن تلك الجماعات صناعة أميركية إسرائيلية، بهدف زعزعة الإستقرار في سيناء، ومصر كلها. ولفت إلى أن الجماعات في سيناء لديها أطماع سياسية. ونبّه إلى أنها صارت شوكة في ظهر الدولة المصرية.
أما الشيخ عبد الله جهامة، زعيم قبيلة الترابين، فقال إن الجماعات المسلحة تنتشر في سيناء على أوسع نطاق، مشيراً إلى أن سيناء تحولت إلى سوق كبيرة للسلاح بمختلف أنواعه، ومرتع للجماعات المسلحة والخارجين عن القانون في ظل غياب الدولة.
وأوضح لـquot;إيلافquot; أن تلك الجماعات ترفع لواء الإسلام، ورغم ذلك تقتل المسلمين سواء من الشرطة أو القوات المسلحة، وتحاول فرض إرادتها على أهالي سيناء بإٍستخدام السلاح. ولفت إلى أن مشايخ سيناء سبق أن حذروا القوات المسلحة والدولة مراراً وتكراراً من خطورة إنتشار الجماعات المسلحة، لكنّ أحداً لم يستمع إليهم، ولم تدرك الدولة الخطر، إلا عندما قتلت تلك الجماعات 16 جندياً من الجيش. ودعا جهامة الحكومة إلى سرعة العمل على تطهير سيناء من الجماعات المتطرفة، وتنميتها وزرعها بالبشر، مشيراً إلى أن هذا هو السبيل الأوحد للسيطرة على الأوضاع.