يبرر قياديون في حزب الله مشاركة الحزب في معارك القصير في سوريا بأن ما يقومون به هي معركة إستباقية، للدفاع عن وجود الحزب وعن quot;بيئته الحاضنة للمقاومةquot;، التي يهددها انهيار خط الممانعة في المنطقة.

لا يفهم الغرب ما الذي يدفع حزب الله إلى التدخل عسريًا في سوريا، وخصوصًا في مدينة القصير. فهم فهموا بالقوة معنى مناصرة النظام الممانع، ثم فهموا رويدًا رويدًا معنى أن يتدفق شباب الشيعة إلى جوار مرقد السيدة زينب في دمشق، للدفاع عنه أمام هجوم سني متشدد، تقوده مجموعات تعتنق فكر القاعدة، أيديوليوجيًا. لكنهم يجدون صعوبة في فهم الدافع الحقيقي لتورط حزب الله في حمص، وتحديدًا في القصير، بعدما أنكر لأشهر طويلة تورطه المباشر في الأزمة السورية.
واليوم يتساءلون عما تغير، ليتحول الحزب من حالة الانكار، إلى حالة التباهي بقوافل quot;شهداء الواجب الجهاديquot; حين تشيعها إلى المثوى الأخير. فتلاحظ صحيفة الغارديان البريطانية أن مقابر الشيعة تشهد ازدحامًا لم تشهده منذ الحرب بين حزب الله وإسرائيل في العام 2006، حين فقد الحزب نحو 400 من عناصره.
الشيعة تململوا قليلًا
كان سقوط أولئك القتلى في الحرب مع الجيش الإسرائيلي مفهومًا، ومبررًا، أما اليوم، فمواكب التشييع هي الاقرار الحقيقي بأن القتلى سقطوا في سوريا، في حرب مع ثوار عرب وسوريين مسلمين، وليس في حرب مع يهود إسرائيليين.
ظن المراقبون الغربيون أن تدفق النعوش على قرى الجنوب والبقاع في لبنان سيسحب السجادة الشعبية من تحت قدمي حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، الذي يعتمد كثيرًا على البيئة الشيعية الحاضنة quot;للمقاومة الاسلاميةquot;. ولا شك في أن هذا التدفق وسع دائرة التململ بين الشيعة، إلا أن استعادة سيرة كربلاء، وقتل سنة القاعدة لآلاف الشيعة في العراق، هو السبيل لاستنهاض القاعدة الشيعية، وحضها على إرسال أبنائها quot;فدى لنصرالله وحزب الله والمقامةquot;، كما تقول النسوة الشيعيات في تشييع الشبان العائدين قتلى من القصير.
ففي التعبئة الشيعية، quot;جبهة النصرة في سوريا هي أخطر الآن على الشيعة من الإسرائيليين، أو كلهم سواءquot;. فعندما التقت الغارديان بعض أسر قتلى القصير، قالوا إن quot;قتلاهم سقطوا وهم يدافعون عن لبنان بوجه مخططات أجنبية، وهم في هذه الحال سلفيون آتون من الشرق، وليسوا صهاينة جاؤوا من الجنوب. وقال أحد أقارب قتيل من حزب الله: quot;التهديدات تحدق بنا من كل صوب، وتقف يد إسرائيل الخفية خلفهاquot;.
معركة وجود
ونقلت الأنباء الكويتية عن قيادي في حزب الله قوله إن معركة القصير لن تكون مكلفة، حتى لو سقط للحزب مئات القتلى، فالحزب يدافع عن وجوده في لبنان من خلال هذه المعركة. وأشار إلى أن جبهة النصرة أعلنت نيتها قتال حزب الله في لبنان، عندما تنتهي من معركتها في سوريا ضد بشار الاسد، quot;وتاليًا فإن قادة الحزب اعتبروا أن المعركة مفروضة عليهم، تستهدف حزب الله وبيئته من التكفيريين الموجودين في العالم العربي وعلى حدود لبنان وفي داخله، وهذا عزّز الاقتناع لدى قادة الحزب بضرورة الدفاع عن أنفسهم ومعتقداتهم، خصوصاً بعد نبش قبور الصحابة وتدمير مقامات مقدسة، بدءاً من سامراء وصولاً الى سوريا، وهو اقتناع البيئة الحاضنة للحزب التي لولاها لما بقي الحزبquot;.
زأضاف: quot;الخطر هو أحد الاسباب الرئيسية التي دفعت بالحزب الى المشاركة في معركة القصير، اضافة الى دفاعه عن خط الممانعة الذي يمثل اساسا وجود حزب الله، فإذا إنهار هذا الخط الضربة ستكون قاسية لبيئة الحزب برمّتهاquot;.
ولم يجد هذا القيادي حرجًا في القول إن القتال في سوريا دفاعاً عن الوجود والمقدسات الشيعية يضاهي القتال ضد اسرائيل، quot;وليس ادلّ على ذلك من أن العائلات التي تستقبل جثامين شبانها الغالية تبارك استشهادهم دفاعاً عن مقدساتها ومعتقداتهاrdquo;. حسب قوله.