كثيراً ما يأتي العلم بمعلومات جديدة تزيح سابقتها التي كانت من المسلمات، فبعدما كان السومريون أصحاب أقدم تقويم قمري في التاريخ، جاء العلماء بأنباء جديدة تفيد أناسكتلندا هي صاحبة هذا الحق.


مع عثور مجموعة من علماء الآثار على ما وصفوه بـ quot;أقدم تقويم قمريquot; في العالم بأحد الحقول في اسكتلندا، لم يعد السومريون بناة حضارة بلاد ما بين النهرين، أصحاب أقدم تقويم، وهي الحقيقة المكتشفة منذ العام 1889 من جانب بعثة استكشاف أميركية.
فقد عثر علماء الآثار خلال عمليات تنقيب في منطقة quot;وارن فيلدquot; بمحيط قلعة كارثيس في مقاطعة أبردينشاير الأسكتلندية على مجموعة من 12 حفرة تبدو وكأنها تحاكي مراحل القمر وتتابع الشهور القمرية.
ويعتقد فريق البحث، الذي يعمل تحت إشراف جامعة برمنغهام، أن هذا الأثر القديم أقامه مجتمع يعتمد على الصيد وجمع الثمار قبل نحو 10 آلاف عام.
وحسب تقرير لـ (بي بي سي) فإن هذا quot;التقويمquot; الذي يعود إلى العصر الحجري المتوسط يعتبر أقدم بآلاف السنين من وسائل أثرية كانت تستخدم لحساب الوقت وجدت من قبل في العراق (بلاد ما بين النهرين قديمًا).
وتتوافق أماكن الحفر مع شروق الشمس في منتصف الشتاء مما يساعد الصيادين على متابعة تغيّر الفصول والأوقات.
ويقول فينس غافني، أستاذ علوم الآثار الطبيعية بجامعة برمنغهام والمسؤول عن البحث: quot;تشير الدلائل إلى أن مجتمعات الصيد وجمع الثمار في اسكتلندا كانت لديها حاجة إلى متابعة الوقت وأنه كانت لديهم القدرة على القيام بذلك.quot;
وأشار إلى أن quot;هذا قد حدث قبل خمسة آلاف عام من أول تقويم رسمي معروف في الشرق الأدنى.quot;
ويقول ريتشارد بيتس، الأستاذ بجامعة سانت أندروز الذي شارك في البحث، إن هذا الاكتشاف قدم quot;أثرًا جديدًا مثيرًاquot; يرجع إلى فترة مبكرة من العصر الحجري المتوسط في اسكتلندا.
وقد تم اكتشاف quot;وارين فيلدquot; للمرة الاولىكمكان غير عادي لنمو المحاصيل عندما رصد من الجو.
وقال ديف كاولي، مدير مشاريع المسح الجوي بالهيئة الملكية للآثار القديمة والتاريخية في اسكتلندا: quot;نلتقط صورًا للمناظر الطبيعية في اسكتلندا منذ 40 عامًا، ونسجل آلاف المواقع الأثرية التي لم تكن لتكتشف من على الأرض.quot;
وأضاف: quot;تبرز منطقة وارين فيلد كموقع متميز، ومن المهم أن نعتقد أن عمليات المسح الجوي التي نقوم بها ربما ساعدت في العثور على المكان الذي تم فيه اختراع الوقت نفسه.quot;
تقويم السومريين
وتاريخياً، فإن الحقيقة التي ظلت قائمة لأكثر من مائة عام هي أن أقدم تقويم اكتشف في آثار مدينة نفر أو نيبور بحسب المصادر الغربية، وكذلك هو الاسم الاصلي لها عند السومريين في حضارة بلاد .
وكانت أول عمليات التنقيب في مدينة نفر المقدسة في عام 1889م حينما قدمت بعثة آثارية من جامعة بنسلفينا الاميركية. وقد نجم عن هذه التنقيبات التعرف على المدينة وتاريخها، وما قدمته للحضارة من حيث وجود ما يدل على أول مكتبة في التاريخ واول صيدلية واول من لعب كرة القدم، حيث عثر على لوحة تظهر رجلاً وامام قدمه ما يشبه كرة القدم ويداعبها.
كما تم من خلال التنقيبات التعرف على اقسامها وتخطيطها وبناياتها وما فيها من معابد، وكذلك نصوص اقتصادية ورياضية وفلكية وادبية ودينية.
وهذه المدينة كانت العاصمة الدينية للسومريين والبابليين، وتقع على مسافة 7 كيلومترات شمال شرق مدينة عفك أحد اقضية محافظة القادسية (مركزها الديوانية) التي تقع على مسافة 175 كم جنوب بغداد.
وتقع على الضفة اليمنى من مجرى الفرات الأقدم. والضفة الشرقية من شط النيل المندرس، وتأتي قدسيتها من كونها العاصمة الدينية ومقر الاله انليل أو (أين ليل)وزوجته نينليل (نين ليل.
وقد ورد ذكره في ملحمة كلكامش من أنه هو الذي أحدث الطوفان، وهي مقر الاله (آنو) الذي ورد ذكره في شريعة حمورابي.
وقد خضعت نفر أو نيبور لحكم كل من السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين لفترات متناوبة، واحتلها الفرس لفترة من الزمن. والارجح ان الحياة في مدينة نفر قد استمرت منتعشة حتى العصر العباسي، وذلك نتيجة لما عُرف من اقتران ألقاب بعض العلماء المسلمين في تلك الفترة باسم المدينة مثل عبد الجبار النفري وغيره.
أقدم تقويم زراعي
كذلك وجد في مدينة نفر أقدم تقويم زراعي حيث يوجد فيه quot;أقدم المعلومات عن طرق الزراعة والارواء التي كان يمارسها سكان العراق القدامى موضحة في تقويم سومري عثر عليه في خرائب مدينة نيبور:
ومن الغريب أن الاوصاف التي ينطوي عليها هذا التقويم تدل على أن طرق الري والزراعة التي كانت تمارس في تلك الازمان لا تختلف في شيء عن طرق الري والزراعة التي يطبقها الفلاح العراقي في الوقت الحاضر.
ويشتمل هذا التقويم على نصائح وإرشادات يوجهها أحد المزارعين إلى ولده حول طريقة إدارة شؤون مزرعته وطريقة اعداد الأرض وانجاز عملية الحرث وتنظيم الري في حقله كي يحصل على اجود منتوج واوفر محصول.
وقد دونت هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى ما قبل أكثر من آلاف عام على رقيم من الطحين وتتكون من 108 اسطر بالخط المسماري باللغة السومرية، وهي تعد التقويم المعروف في تاريخ الحضارة عن الاساليب الفنية للري والزراعة المتبعة في تلك الازمنة القديمة.