كشف الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، أن السفيرة الأميركية في القاهرة، آن باترسون، عرضت على الرئيس المعزول محمد مرسي تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيسًا للحكومة، للخروج من المأزق السياسي في مصر، قبل تظاهرات 30 يوليو التي أطاحت به، إلا أنه رفض، وأصرّ على موقفه المتجاهل للغضب الشعبي المتصاعد ضد نظام حكمه.


صبري عبدالحفيظ من القاهرة: يرى الدكتور محمود غزلان أن quot;ثورة 25 يناير 2011 على غير ما تريده الولايات المتحدة، فقد ثارت على نظام تابع ذليل لسياسة الغرب ورئيس يمثل كنزًا استراتيجيًا لإسرائيل، لذلك لم تعترف أميركا بالثورة، إلا عندما أيقنت أن عميلها الرئيس المخلوع لا مناص من رحيلهquot;.

وأضاف غزلان في تصريحات مكتوبة، تلقت إيلاف نسخة منها: quot;حاولت أميركا إجهاض الثورة، فأنفقت 105 ملايين دولار خلال أشهر عدة على منظمات مصرية وأجنبية لإحداث فوضى في مصر بغرض إسقاط الثورة، وقد اعترفت السفيرة (آن باترسون) في الكونغرس الأميركي بإنفاق هذه الأموال، وشهدت الوزيرة المصرية فايزة أبو النجا بأن هذه الأموال كان الهدف من إنفاقها هو إجهاض الثورة في بدايتها، وقد افتضحت هذه الخطة في ما عرف باسم قضية التمويل الأجنبي، والتي تم - للأسف ndash; تهريب جميع المتهمين الأجانب فيها، وصدرت ضدهم أحكام غيابية من محكمة الجنايات المصريةquot;.

ضغوط على صندوق النقد
وأوضح في تصريحاته، التي حملت عنوان quot;الدور الأميركي في الانقلاب العسكريquot;: quot;بعد انتخاب الرئيس محمد مرسي رئيسًا مدنيًا لمصر، بدأت سياسة أميركا في محاولة الاحتواء للاحتفاظ بمصالحها في مصر، والحفاظ على استمرار تبعيتها للسياسة الأميركيةquot;، مشيرًا إلى أن أميركا quot;ضغطت على صندوق النقد الدولي لتأخير القرض المقرر لمصر، وحرصت على بقاء مصر دولة ضعيفة إزاء إسرائيل وحامية لها من أي تغير في السياسة العربية تجاههاquot;.

وأضاف غزلان: quot;أميركا وجدت رفضًا من النظام الجديد، وعلى رأسه الدكتور محمد مرسي، لتحقيق هذه المصالح، فقد رفض أن يكون حليفًا لأميركا، وإنما حرص على أن تكون مصر دولة حرة مستقلة ذات سيادة وإرادة، كما أكد مرارًا على رغبته في أن تنتج مصر غذاءها ودواءها وسلاحها، وجعل العلاقة مع إسرائيل في حدها الأدنى، وقوّى علاقته بالفلسطينيين، وسعى إلى تحقيق المصالحة بينهم، ووسّع علاقته بالكثير من دول العالم، كروسيا والصين في الشرق وجنوب أفريقيا والبرازيل ودول أفريقيا، حتى لا تظل العلاقة محصورة مع أميركا وتابعتها إسرائيل، مثلما كانت عليه الحال في ظل النظام البائدquot;.

وتابع: quot;كما سعى (مرسي) إلى إحلال المشروع الإسلامي محل المشروع العلماني الغربي، وهنا بدأ استغلال الأحزاب العلمانية في محاولة الإفشال، وبدأت التظاهرات المخرّبة والعنيفة، التي استخدمت الأموال الخارجية والبلطجية والمجرمين، للتأثير على الأمن والاقتصاد. وأيضًا بدأ الحصار الاقتصادي وافتعال المشكلات حول الضرورات الحياتية من الوقود والكهرباء وغيرها، لتأليب الجماهير ضد النظامquot;.

أميركا اقترحت البرادعي
وكشف غزلان أنه quot;في هذه الظروف بدأت السفيرة الأميركية ووزير خارجيتها وبعض القادة الأوروبيين بمطالبة الرئيس محمد مرسي بتعيين الدكتور محمد البرادعي، الذي جاء من الغرب لأداء دور معيّن، رئيسًا للوزراء، حتى يسير بالسياسة المصرية في الطريق المرسوم أميركيًا، إلا أن الرئيس رفض هذه الإملاءاتquot;، مشيرًا إلى أن quot;هذا في الوقت الذي رفضت فيه الأحزاب والقوى المعارضة كل دعوات الرئيس إلى الحوار والمصالحة الوطنية، وأصرّت على إفشال النظامquot;.

وأردف قائلًا: quot;ظهرت دعوات من هؤلاء المعارضين، الذين يدّعون الديمقراطية وتأييد الدولة المدنية، إلى أن يتدخل الجيش عبر انقلاب عسكري لإسقاط النظام. وسعى البرادعي وسعد الدين إبراهيم - وعلاقتهما مع الإدارة الأميركية مفضوحة - إلى إقناع القوى المعارضة الأخرى بقبول الانقلاب العسكري، وأكد سعد الدين إبراهيم مرارًا بأن أميركا تراهن على انقلاب الجيش المصريquot;.

أوباما مارس ضغوطًا
وواصل القول: quot;دعوا إلى تظاهرات في 30 - 6 مستغلين تذمّر الناس من سوء الأحوال المعيشية، وسبقوها بأعمال إرهابية، وصلت إلى حد القتل في المساجد، بعد حصارها وتخريب مقار الإخوان وحزب الحرية والعدالة وحرقهاquot;.

كما كشف أن الرئيس الأميركي باراك أوباما إتصل بمرسي أكثر من مرة، ومارس عليه ضغوطًا شديدة، وقال غزلان: quot;اتصل أوباما بالرئيس محمد مرسي أكثر من مرة لممارسة ضغوط، والإشارة إلى إمكانية استمرار الحصار الاقتصادي، وفي الوقت نفسه التلويح بالتدخل لدى دول الخليج لإيقاف أموالها التي تستخدم في التخريب داخل مصر، إن استجاب الرئيس مرسي لما يريده أوباما، وكان رد الرئيس رفض الاستجابة لهذه الإملاءات، والتمسك بالشرعية الدستورية والمسار الديمقراطي للثورةquot;.

برعاية أميركية
وحسب وجهة نظر غزلان، فإن ما وصفه بـquot;الانقلاب العسكريquot; تم بضوء أخضر من أميركا، وقال: quot;وفي النهاية أعطوا الضوء الأخضر للعسكريين الانقلابيين للقيام بانقلابهم، وعزل وخطف وإخفاء أول رئيس منتخب انتخابًا حرًا وتعطيل الدستور وحل مجلس الشورىquot;، منوهًا بأنه quot;رغم أن كل هذه الأعمال تتناقض تناقضًا جذريًا مع كل المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلا أن الموقف الأميركي ظل مائعًا يدّعي أنه لا يعلم إن كان ما حدث انقلابًا عسكريًا أم لا؟.

وتابع: quot;لقد أعلن العسكريون الانقلابيون في بيان أعلنه وزيرهم أن القوات المسلحة ستتدخل وتضع خارطة للمستقبل وتشرف على تنفيذها، ومعنى هذا أنها ستطيح بالشرعية الدستورية والإرادة الشعبية التي انتخبت الرئيس ووافقت على الدستور وانتخبت مجلس الشورى من قبل، فهل هذه قضية يختلف عليها اثنان؟، ويتحيران حول وصف ما حدث؟quot;.

التعويل على عقلاء أميركا
واتهم أميركا بالنفاق، وقال: quot;إنه النفاق الأميركي والغدر والتلون والتدخل العنيف في شؤون مصر بعد فشل التدخل الناعم، فالانقلاب إذًا انقلاب أميركي في الأساس، ولولا موافقتها عليه ما جرأ الانقلابيون على القيام بهquot;. وقال: quot;إن أميركا بذلك تكرر جرائمها في بلادنا، مثلما كررتها في دول أخرى، ولن تجني من وراء ذلك إلا مقتنا وكراهيتنا ولعناتنا، ليس في مصر فحسب، ولكن في كل الدول العربية والإسلامية ودول العالم الثالث وأحرار العالم أجمعينquot;.

وذكر غزلان أن quot;الشعب المصري لن يستسلم لهذا الانقلاب الغادر، وسوف يستعيد حريته وكرامته وعزته، ويتخلص من الانقلابيين، وحينئذ سوف تكون علاقة الشعب المصري مع كل من حرّضوا وأيّدوا وتستروا على الانقلاب العسكري على المحك، فالشعوب لا تغفر للغادرين، ولا تتسامح مع من يجور على حريتها وكرامتهاquot;. وأعرب غزلان عن ثقته في من وصفهم بـquot;عقلاء في أميركا قد يعيدون سياستها إلى الصواب والعدلquot;.

أوهام إخوانية
من جانبه، قال حسام الهندي، القيادي في حركة تمرد، إن المصريين هم من قاموا بثورة 30 يونيو/ حزيران، ضد استبداد جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن ما حدث ثورة شعبية، وقف الجيش المصري إلى جوارها، وليست انقلابًا.

وأضاف لـquot;إيلافquot; إن جماعة الإخوان تحاول تشويه تلك الثورة، التي شارك فيها الشعب بأعداد أكبر من أعداد المشاركين في ثورة 25 يناير 2011. ولفت إلى أن جماعة الإخوان مازالت تعيش في الأوهام، وتعتقد أن ما حدث هو انقلاب لتبرير فشلها في إدارة الدولة المصرية، وممارسة الاستبداد والقهر بحق الشعب.

ولفت الهندي إلى أن أميركا لم تقف إلى جوار ثورة 30 يونيو، بل وقفت إلى جوار جماعة الإخوان المسلمين، ونبه إلى أنها ظلت تدعم الإخوان على حساب الشعب المصري طوال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وحتى بعد إسقاطه من الحكم.

وأشار إلى أن الإخوان يعوّلون كثيرًا على أميركا في سبيل استعادة الحكم، معتبرًا أن أميركا والإخوان يقفون ضد إرادة الشعب المصري، منوهًا بأن المصريين لن يستجيبوا لضغوط أميركا أو الإخوان الذين يحاولون قلب الحقائق وإثارة الذعر والفوضى في مصر.