طالب عدد كبير من العراقيين الرد على قرار المحكمة الاتحادية الذي نقض قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث من خلال الامتناع عن التصويت في الانتخابات العامة المقبلة، معتبرين أن القرار يؤسس لديكتاتورية جديدة.


بغداد: أثار قرار المحكمة الاتحادية الرافض لقانون البرلمان العراقي الخاص بتحديد ولايات الرئاسات الثلاث لدورتين فقط ردود أفعال مختلفة، إلا أنّ الغاضبة منها كانت هي الأغلب، حيث وجدت أن القرار يفتح الابواب امام رئيس الوزراء نوري المالكي للترشح لولاية ثالثة، وأكدوا على ضرورة أن يكون الرد أقوى من قرار المحكمة من خلال الامتناع عن التصوت للرؤساء الثلاثة في الانتخابات العامة التي ستجري في آذار (مارس) المقبل.

وأعرب العديد من العراقيين عن استغرابهم من القرار quot;غير الديمقراطيquot; حسب وصفهم، لأنه يفتح الباب أمام المالكي لحكم العراق لأربع سنوات جديدة، مشيرين إلى أن استمرار الرئاسات الثلاث بعملها لسنوات أخرى يؤثر سلبًا على الوضع العام للبلد الذي لم يعد يحتمل المزيد من التدهور.

وأكد أحمد عبد العباس، موظف في وزارة البيئة، أنه كان يتمنى أن تتجدد الوجوه، وقال: quot;ان يحكم أحدهم لمدة 12 سنة فهذه ليست ديمقراطية، عمر طويل نقضيه مرغمين تحت رحمة اشخاص لا نحبهم، ولا اعتقد أن شيئًا سيتغيّر خاصة في ظروف العراق الحالية، نريد وجوهًا جديدة وهذه هي الديمقراطية الحقيقية، انا شخصيًا أرفض أن يحكم البلد رجل لم يقدم له شيئاً خلال 8 سنوات وعليه أن يغادرquot;.

أما زهرة جاسم، موظفة في وزارة الثقافة، فقد أشارت إلى أن مشاكل البلاد ستستمر، وقالت: quot;اعتقد أن قرار المحكمة الاتحادية ليس صحيحاً لأنه يخالف الديمقراطية الحقيقية، واعتقد أن المشاكل سوف تستمر لأن الكثير من الناس لا تريد أن يبقى المالكي في السلطة لأربع سنوات أخرى، ومعنى هذا أن الازمات ستبقى والمشاكل تزداد، لذلك اعتقد أن افضل شيء هو تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بولايتين فقط، لأن ثلاث دورات كثيرة جدًا، فمن يحتملهم لمدة 12 عاماً متتاليةquot;.

من جانبه، عزا جرجيس كوليزادة، كاتب صحافي، السبب إلى المحاصصة، فقال: quot;ضمن سياق المحاصصة الجارية في حكومة ومؤسسات الدولة، فإن اعضاء المحكمة الفيدرالية تم اختيارهم ضمن حسابات المحاصصة الموزعة بين الشيعة والسنة والكرد، وأي اتفاق على صدور قرار من المحكمة لا بد أن يتم من وراء صفقة سياسية قبل تحويرها إلى قرار قضائي، وبمأن ائتلاف دولة القانون يملك الحصة الاكبر وبالاتفاق مع الكرد اعتقد أن القرار الصادر بإلغاء تحديد ولايات الرئاسات الثلاث صادر من خلفية اتفاق بين الشيعة والكرد لصالح نوري المالكي، وبالمقابل موافقة المالكي على تمديد رئاسة مسعود بارزاني لسنتين دون انتخابات رئاسية في الاقليمquot;.

ومن جانبه، اختصر الكاتب والاعلامي محمد الشمري رأيه بالقول: quot;القرار أصلًا غير دستوري، فالدستور العراقي حدد ولاية رئيس الجمهورية بنص واضح، ثم أن في الانظمة البرلمانية بالعالم لا يوجد تحديد لولاية رئيس الوزراء لا في بريطانيا ولا فرنساquot;.

تفاؤل بصناديق الاقتراع

أما الكاتب سرمد الطائي فقد أشار إلى أنه متفائل بصناديق الاقتراع، وقال: quot;اعتقد أن قانون تحديد الولايات لم يعد مهمًا. صناديق الاقتراع في نيسان (أبريل) الماضي وتماسك الكتل في تشكيل الحكومات المحلية بنحو ترجم العزلة السياسية لفريق المالكي هو الامر الحاسم.. القانون لم يعد مهمًا فقد كان مجرد تحدٍّ لغطرسة المالكي وحديثه عن الاغلبية.. المالكي غير موجود بعد انتخابات 2014quot;.

من جهته، أوضح الكاتب فلاح المشعل تفاصيل ما جرى قائلاً: quot;نقضت المحكمة الإتحادية قانون تحديد الرئاسات الثلاث بدورتين، والذي تم تشريعه بأغلبية 170 صوتاً قبل سبعة أشهر، ويأتي النقض في سياق الرغبة التي تتبناها كتلة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء، وهي الكتلة الوحيدة التي اعترضت على تشريع القانون الذي يمثل تحجيمًا نوعيًا لنزعة الإستحواذ على السلطة، مما يضعها في ذات السياق الذي اشتغلت عليه الأنظمة الشمولية والدكتاتورية، ولكن تحت غطاء (الديمقراطية) والشرعية الدستورية الزائفة، وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد سبق المحكمة الإتحادية حينما صرح في وقت سابق وخلال لقاء تلفزيوني وبتأكيد شديد على أن القرار سوف لن يمر من قبل المحكمة الإتحادية، اذا قال؛ المحكمة الإتحادية لن تمرر قانون الرئاسات الثلاث بدورتين، وأن مجلس النواب لا يحق له إصدار التشريعات إلا بعد تقديمها من قبل الحكومةquot;.

وأضاف: quot;تخيلوا أن تتولى الحكومة مهام السلطة التنفيذية والتشريعية ثم تمتد إلى القضائية؟ فماذا بقي من الإستبداد والدكتاتورية؟ وأين أصبح الفصل بين السلطات؟ وكيف تنبطح السلطة القضائية امام جبروت الحكومة؟ لتخرج الرؤوس التي تتحدث عن الديمقراطية من جحورها، وتفلسف لنا قدرة مختار العصر على اختيار الشلة التي تتحكم بشؤون البلاد، وتحتجزه في إطار حكم شمولي يقوم على تأبيد سلطة الحاكمquot;.

وتابع: quot;وفق تقديري الشخصي، فإن المالكي يرتكب خطأ استراتيجيًا في محاولة إطلاق خياله بتثبيت حكومته بدورة ثالثة وربما رابعة ثم يأتي بوريث بعده، هذا الخطأ سوف يكتشف عمقه حين يحل موعد الإنتخابات التشريعية وتظهر نتائج فشل حكومته وفسادها، سيعرف ذلك حين يذهب مع أصواته إلى مقاعد البرلمان الذي حجم دوره في قرارات المحكمة الإتحاديةquot;.